.
في زمن تباع فيه المواقف في أسواق المصالح، وتشترى فيه الضمائر بعملة الصمت، يسطع من جبال اليمن أبو العرب صوت لايشترى ولايسكت: صوت الإيمان، صوت الصمود، صوت أنصار الله ...أنصار الإنتصار.
من صعدة الإباء إلى الحديدة الصمود. ومن صنعاء العز إلى غزة الجرح. يمتد خيط من البطولة الموشاة باليقين، يحمل رسالة مفادها أن الدم العربي لم يمت، وأن الكرامة مازالت تتنفس عبر رئات يمنية مؤمنة ترفض أن تنحني إلا للخالق.
وفي أبراح عالية وبعض أصحابها المتورين بالمصالح، كان اليمنيون يرفعون رأسهم، ويعلنون للعالم أن فلسطين ليست جغرافيا بل عقيدة. ليست حدودا بل ميثاق شرف خالد في وجدان الأحرار.
لقد أثبت رجال الله في يمننا السعيد والحبيب أن الحصار لايصنع خنوعا بل ينضج الصمود وأن التجويع لايطفئ الثورة، بل يوقظ جذوة الإيمان من العروق.
واجهوا الجوع بالكرامة، والحصار بالعقيدة، والحرب بالفكر، ليثبتوا أن الإنسان حين يتصل بالله يغدو كالجبل لاتزعزعه العواصف مهما اشتدت. إن مافعله ويفعله أنصار الله الحوثيين ليس فعلا محليا محدودا، بل فعل إستراتيجي حضاري يعيد تعريف مفهوم القوة في سياقها الإخلاقي والديني.
فاليمن اليوم يقدم نموذجا ميتافيزيقيا للمقاومة؛ نموذجا يمزج بين الفلسفة الثورية والإيمان العملي حيث تتحول العقيدة إلى فعل، والإيمان إلى سلوك والقول إلى رصاص منطق في وجه الزيف. إنها راديكالية الحق في وجه ليبيرالية الزيف، حيث يعاد رسم الجينالوجيا الأخلاقية للشرق المقاوم من صعدة إلى القدس، ومن طهران إلى بيروت ومن صنعاء إلى غزة. وفي قلب هذا المشهد، يبرز القائد عبد المالك الحوثي أيده الله بنصره المبين. كمثال على القائد الكاريزمي ذي الهيبة الإيمانية والسياسية الميتافيزيقية، الذي لايقود بحنجرة، بل بعقيدة ولايخوض حربا من أجل أرض. بل من أجل معنى. ومن وحي الوفاء،
حيث أهدي بدوري
التحية الصادقة لكل الشعوب والحكومات الحرة العربية وغير العربية المسلمة وغير المسلمة التي مازالت تعتبر فلسطين القضية المركزية للضمير الإنساني. هؤلاء هم ” أنصار الشرف" وحلفاء النور الذين لم تلوثهم براغماتية الصمت، ولم تخدرهم ميكيافيلية المصالح، سيبقى التاريخ يكتب بمداد الفخر أن اليمن العظيم، رغم الجراح حمل مشعل النور في ظلام العالم وصنع من الحصار سيمفونية صمود سيتلوها الأحرار جيلا بعد جيل. فطوبى لكل من نصر المظلوم، ووقف في خندق الحق. فطوبى لأبناء اليمن العظيم الذين أثبتوا أن الرجولة مبدأ، لامصلحة، وأن الايمان موقف، لا شعار. وهكذا تكتب الأوطان بالعقيدة... وهكذا يخلد الأبطال في ذاكرة التاريخ في طيات ساطعة ناصعة.
مفكر حر، محلل سياسي وإعلامي سابق في الغربة