خطاب ترامب في شرم الشيخ: بين جنون العظمة واضطراب النرجسية وتهديد لبنان
مقالات
خطاب ترامب في شرم الشيخ: بين جنون العظمة واضطراب النرجسية وتهديد لبنان
عدنان علامه
15 تشرين الأول 2025 , 09:39 ص


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

? أولًا: السمات النرجسية وجنون العظمة في الخطاب

جاء خطاب ترامب في شرم الشيخ امتدادًا لخطابه الناري في الكنيست، فكان استعراضًا لذاته أكثر مما هو عرضٌ للسياسات الأمريكية. كرّر في معظم عباراته صيغًا مثل "أنا من فعل، أنا من قرر، أنا من أنقذ"، في تجلٍ واضح لاضطراب نرجسيته المرضية، حيث يربط مصير الشعوب بإرادته الشخصية، ويُقزِّم المؤسسات لصالح صورته الفردية. تفاخره بما سماه "الأسلحة الدقيقة" لم يكن سوى تبرير لجرائم ارتكبتها إسرائيل بأسلحة أمريكية في غزة وإيران ولبنان، متجاهلًا القانون الدولي الإنساني الذي يجرّم استهداف المدنيين.

وقد تحوّل خطابه إلى منصة للتهديد والإملاء على القادة، حين قال إن "من لا يقف معنا سيُحرم من الحماية"، كاشفًا عن نزعة هيمنية ترى في القوة أداة إذعان لا شراكة.

? ثانيًا: الخرق الدبلوماسي ومغازلة المرأة الوحيدة في القمة

في مشهدٍ صادم للرأي العام الدولي، خرق ترامب الأعراف الدبلوماسية حين غازل علنًا المرأة الوحيدة المشاركة في القمة، في لحظة جسدت تماهيه بين السلطة والجسد، وبين الغرور السياسي والاستعراض الشخصي. هذا السلوك لم يكن زلّة، بل تعبيرًا عن شخصية مهووسة بإثارة الانتباه في كل المحافل، حتى على حساب هيبة الدول والمنصات الرسمية.

? ثالثًا: التهديد المبطّن للبنان ودور الأسلحة الدقيقة

أخطر ما ورد في خطابه هو قوله إن "الأسلحة الدقيقة الأمريكية أنهت حزب الله، الخنجر الذي كان يهدد فم إسرائيل"؛ في تصريح يعكس اعترافًا صريحًا بتورط واشنطن في العدوان على لبنان.

وهذا الوصف يُظهر نظرة استعمارية تعتبر لبنان مجرد امتداد جغرافي للأمن الإسرائيلي، ويكشف عن رغبة في تحويل الأراضي اللبنانية إلى ساحة تجريبية لتقنيات الحرب الأمريكية. بذلك، لم يكتف ترامب بتجاوز القوانين، بل أعاد صياغة مفهوم الردع في المنطقة كاحتكار أمريكي – إسرائيلي.

? رابعًا: الإشادة برئيس الجمهورية اللبنانية

حين قال ترامب إن "رئيس لبنان يقوم بعمل جيد في سحب سلاح حزب الله"، كان يوجه رسالة مزدوجة: دعم مشروط للسلطة اللبنانية مقابل تنفيذ الأجندة الأمريكية، وتحريض صريح على تفكيك منظومة المقاومة التي حمت السيادة الوطنية منذ عام 2006.

فالإشادة هنا ليست مجاملة دبلوماسية، بل غطاء سياسي لفرض واقع جديد يُفرغ لبنان من قدرته على الردع.

? خامسًا: الصدى الإعلامي العالمي لخطاب ترامب

حظي خطاب ترامب بتغطية إعلامية واسعة وغير مسبوقة عبر الصحف العالمية ومنصات التواصل الاجتماعي، إذ تفاعل معه الملايين بين الاستنكار والسخرية. فقد وصفته الصحافة الأمريكية الليبرالية بأنه "عرض نرجسي فاضح"، بينما اعتبرته الصحف الأوروبية مؤشرًا على "تفكك العقل القيادي في واشنطن"، أما الإعلام العربي فقرأه كتهديدٍ مباشر للمنطقة وتغاضٍ عن الجرائم الإسرائيلية.

ومقاطع مغازلته في القمة تحولت إلى مادة ساخرة عالميًا، كشفت زيف صورة "الرئيس القوي"، فيما تناول المحللون العسكريون تصريحاته عن لبنان بوصفها إعلانًا رسميًا بتورط أمريكي مباشر في زعزعة استقرار المنطقة. وهكذا، تحوّل خطابه إلى دليلٍ إضافي على أن جنون العظمة حين يبلغ السلطة، يصبح خطرًا على النظام الدولي برمّته.

إن إضطراب نرجسية ترامب، وجنون عظمته وصلا إلى الذروة، وبات ترامب يشكل خطرًا حقيقيََا على الأمن والسلم العالميين.

وعلى المعنيين إعلان عدم أهليته للحكم؛ وبدء إجراءات عزله بشكل عاجل.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025