كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة شينشو اليابانية عن أن مستخلص بذور الهيل (Elettaria cardamomum) يمكن أن يمتلك تأثيرات قوية مضادة للفيروسات بفضل قدرته على تحفيز إنتاج جزيئات الإنترفيرون من النوع الأول داخل الخلايا، وهي جزيئات حيوية تلعب دورا أساسيا في الدفاع المناعي ضد العدوى الفيروسية.
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Foods قادها الباحث عبد الله الصوفيان شوفو من كلية الدراسات العليا للطب والعلوم والتكنولوجيا في جامعة شينشو، بمشاركة كل من ماساهيرو كاساي من شركة S&B Foods Inc، والدكتور تاكيشي كاواهارا من الجامعة نفسها.
الأعشاب الطبية مصدر طبيعي لعلاجات فعّالة
لطالما استُخدمت العلاجات النباتية في مقاومة الأمراض الفيروسية على مرّ التاريخ. فالنباتات الطبية تُعدّ خزّانا غنيا بالمركّبات النشطة بيولوجيا، التي تُستخلص لاستخدامها في صناعة الأدوية والعلاجات المضادة للفيروسات.
هذه المركّبات قادرة على إعاقة دورة حياة الفيروس في مراحل مختلفة، إلى جانب تحفيز جهاز المناعة وتعزيز قدرته على مقاومة العدوى.
الهيل أكثر من مجرد توابل عطرية
رغم أن الهيل يُعرف عادةً كأحد التوابل العطرية الشائعة في المطبخ، إلا أن الباحثين في هذه الدراسة اكتشفوا أن مستخلصه المائي الساخن يمكن أن يمتلك فوائد طبية هائلة.
وأوضح الدكتور كاواهارا أن فكرة البحث في خصائص الهيل لم تأتِ بسبب جائحة كورونا تحديدا، بل كانت جزءا من جهود بحثية مستمرة لاستكشاف مكوّنات غذائية تساعد في الوقاية من العدوى الفيروسية في الحياة اليومية وأضاف: “لقد بدأنا دراسة المكوّنات الغذائية المضادة للفيروسات قبل ظهور فيروس كورونا، لكن الجائحة زادت اهتمام المجتمع بهذه الخصائص وأتاحت لنا فرصا أوسع لمواصلة البحث”.
تحفيز مستشعرات الحمض النووي داخل الخلايا
قام الباحثون بإجراء تجارب على خلايا الرئة البشرية (A549)، حيث عولجت الخلايا بمستخلص بذور الهيل ثم تمّ محاكاة العدوى الفيروسية داخلها.
النتائج كانت لافتة: فقد تبين أن مستخلص الهيل ومركّبه النشط الأساسي 1,8-سينول (1,8-cineole) يعملان على تنشيط مستشعرات الحمض النووي داخل الخلية، وهي البروتينات التي تتعرف على الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي القادم من الفيروسات.
عند تحفيز هذه المستشعرات، تبدأ الخلايا بإنتاج السيتوكينات، وهي جزيئات إشارات تلعب دورا محوريا في مقاومة العدوى الفيروسية.
وفي هذه الدراسة، لوحظ أن مستخلص الهيل عزّز تحديدا إنتاج الإنترفيرون من النوع الأول (Type I Interferon)، وهو خط الدفاع الأول في الجهاز المناعي ضد الفيروسات. نتائج واعدة لتطوير علاجات طبيعية مضادة للفيروسات
أكد الباحثون أن هذه النتائج تفتح الباب أمام إمكانية استخدام مستخلص الهيل ومركّباته النشطة كمواد طبيعية للوقاية من العدوى الفيروسية أو كمكمّلات غذائية داعمة للمناعة.
يقول الدكتور كاواهارا: “استخدم الهيل عبر التاريخ كتوابل ذات خصائص طبية، لكن نتائجنا تشير إلى أنه يمكن أن يكون مكوّناً فعّالاً في تطوير علاجات طبيعية مضادة للفيروسات على نطاق واسع.”
وأضاف أن هذا الاكتشاف قد يغيّر طريقة نظر المجتمع إلى الأطعمة الوظيفية، مشيرًا إلى أهمية التركيز على المكونات الغذائية التي تعزز المناعة وتقاوم العدوى بشكل طبيعي. آفاق مستقبلية للبحث
يتطلع فريق جامعة شينشو إلى توسيع نطاق البحث لتقييم تأثير مستخلص الهيل على أنواع مختلفة من الفيروسات، بالإضافة إلى دراسة كيفية دمج هذه المركّبات ضمن العلاجات الغذائية أو الدوائية المستقبلية.
ويأمل العلماء أن تساهم هذه النتائج في تحفيز صناعة الأغذية الصحية على استخدام مكونات طبيعية ذات خصائص مضادة للفيروسات، مما يعزز الصحة العامة ويقلل الاعتماد على الأدوية الكيميائية.