أعلن باحثون من المدرسة الفدرالية التقنية في لوزان (EPFL) عن تطوير أول طابعة حيوية بحجم حبة الدواء قادرة على طباعة أنسجة حية داخل الجسم لعلاج قرح المعدة والأمعاء دون جراحة أو تخدير.
هذا الابتكار الجديد يحمل اسم MEDS ويُعد خطوة رائدة نحو مستقبل الطب التجديدي غير الجراحي.
ما هي تقنية MEDS؟
جهاز MEDS هو اختصار لعبارة Magnetically-guided Endoluminal Delivery System أي النظام المغناطيسي للإيصال الداخلي الموجّه، وهو عبارة عن ميكروبريتر (طابعة حيوية دقيقة) يمكن توجيهها داخل الجسم بواسطة مغناطيس خارجي لتصل مباشرة إلى موقع القرحة أو النزيف.
يبلغ حجمه حجم كبسولة دواء عادية، ويشبه في تصميمه قلم الحبر، إذ يحتوي على خزان صغير مملوء بـ حبر حيوي (Bioink) — وهو مادة هلامية مكوّنة من خلايا حية — تُدفع بلطف نحو الأنسجة المتضررة بواسطة نبضة من الأشعة تحت الحمراء تمر بأمان عبر جدران المعدة دون ألم.
كيف تعمل الحبة-الطابعة؟
يتم توجيه الكبسولة الصغيرة من خارج الجسم باستخدام مغناطيس يشبه أداة تحكم الألعاب (Joystick)، مما يسمح للطبيب بالتحكم في حركتها بدقة داخل القناة الهضمية.
تتوقف الحبة عند موقع القرحة، وتقوم بطباعة طبقة دقيقة من الجيل الحيوي مباشرة على الجرح الداخلي.
كل ذلك يتم من دون جراحة، ولا تخدير، ولا أجهزة ضخمة أو أنابيب — فقط حبة ذكية تُبلع وتُدار مغناطيسيا!
نتائج التجارب المخبرية
في التجارب المعملية والحيوانية (in vivo)، أثبتت تقنية MEDS فعاليتها العالية في:
إغلاق القرح الصناعية داخل المعدة.
وقف النزيف الداخلي المحاكى.
تحفيز نمو الخلايا الجديدة في المنطقة المصابة.
وقد استمرت الطبقة الحيوية المطبوعة مستقرة لأكثر من 16 يوما، حيث عملت كمفاعل بيولوجي صغير يُفرز عوامل نمو طبيعية تساعد على تجديد الأنسجة وتسريع الالتئام.
الحبر الحيوي: مادة حية داخل الجسم
الحبر الحيوي المستخدم في الطباعة ليس مجرد مادة طبية، بل خلايا حية معلقة داخل هلام خاص، قادرة على التفاعل مع الأنسجة واستعادة الوظيفة البيولوجية للمنطقة المصابة.
وهذا يجعل العلاج آمنا، فعالا، ومتكيفا مع جسم المريض، دون الحاجة إلى عمليات جراحية أو زراعة أنسجة خارجية.
آفاق مستقبلية مذهلة
يتوقع العلماء أنه بعد تطوير هذه التقنية، يمكن استخدامها في إصلاح أنسجة أخرى غير المعدة، مثل:
الأوعية الدموية التالفة،
بطانة الأمعاء الدقيقة،
أغشية البطن (الصفاق)،
أو حتى إصلاح الأعضاء الداخلية الحساسة.
إنها بداية عهد جديد في الطب التجديدي (Regenerative Medicine)، حيث يمكن علاج الأنسجة من الداخل بدقة نانوية وبدون مشرط جراحي.
تعليق الخبراء
تقول إيكاترينا موروزوفا، الكاتبة العلمية في Наука Mail.ru:
«هذه التقنية تمثل ثورة في الطب الحديث. فهي تمكّننا من علاج القرح والنزيف الداخلي بطريقة غير جراحية تماما، باستخدام مواد حيوية مطبوعة مباشرة داخل الجسم».
الطابعة الحيوية المصغّرة MEDS قد تغيّر جذريا مفهوم الجراحة والعلاج الداخلي.
فمن علاج قرح المعدة اليوم إلى إعادة بناء الأنسجة غدا، تمهّد هذه التقنية الطريق نحو طب مستقبلي يعتمد على "الطباعة داخل الجسم" بدلاً من المشرط الجراحي.