✍️ بقلم: الإعلامية بدور الديلمي
---
في الوقت الذي كانت فيه الوفود العربية تتوافد إلى قمة شرم الشيخ لتوقيع اتفاق "وقف إطلاق النار" بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة، كانت القوات المسلحة اليمنية – أنصار الله – تواصل عملياتها في البحر الأحمر، وتفرض معادلة الردع الفعلية على العدو الصهيوني.
لكنّ هذا الدور البطولي، الذي مثّل امتدادًا طبيعيًا لمحور المقاومة، تمّ تهميشه عمدًا في الخطاب العربي والإعلامي، وكأنّ هناك قرارًا سياسيًا بتجاهل صوت صنعاء، الذي أربك حسابات التحالفات وأفسد صورة "الهدنة الأمريكية" التي أرادت القمة تمريرها.
---
? تهميش مقصود... وصمت متواطئ
تجاهلت القمة الإشارة إلى اليمن أو إلى عملياتها العسكرية في البحر الأحمر رغم تأثيرها المباشر على إسرائيل واقتصادها البحري.
ووفق مصادر سياسية، فإن هذا التجاهل لم يكن صدفة، بل جاء نتيجة ضغوط أمريكية وخليجية لإبقاء المشهد الإعلامي محصورًا في قاعة القمة فقط، وإبعاد أي حديث عن المواقف الصلبة التي قد تُظهر تهاون بعض الأنظمة.
فالموقف اليمني لم يكن دبلوماسيًا ولا بروتوكوليًا، بل موقفًا ميدانيًا ناريًا أربك مسار التهدئة المرسوم من واشنطن وتل أبيب، وفرض واقعًا جديدًا في المعادلة العسكرية للمنطقة.
---
? الإعلام العربي... بين التوجيه والتغييب
بعد القمة، التزمت معظم القنوات العربية الكبرى سياسة الصمت تجاه اليمن.
لا ذكر لعمليات البحر الأحمر، ولا تحليل لدوافع صنعاء أو أهدافها.
بل جرى تعمّد طمس البطولات التي دعمت غزة فعليًا بالسلاح والموقف، مقابل تضخيم البيانات السياسية التي لم تتجاوز الحبر على الورق.
ويرى محللون أن هذا التعتيم جاء في إطار "تنميط الوعي العربي"، بحيث لا يُقدَّم نموذج عربي مقاوم يُحرّك الشارع، خصوصًا أن اليمن كسرت الحصار الإعلامي والعسكري معًا، وأثبتت أن الموقف الصادق لا يحتاج إلى قمة أو تفويض.
---
? الداخل الفلسطيني... بين الغضب والتغافل
في الشارع الفلسطيني، لم يجد الموقف اليمني المساحة التي يستحقها إعلاميًا، رغم تقدير كثير من الفلسطينيين للدور اليمني الشعبي والعسكري في نصرة غزة.
الخطاب الإعلامي المحلي انشغل بتفاصيل الهدنة وإعادة الإعمار، في حين أن الوعي الشعبي يدرك أن اليمن قاتلت حين صمت الآخرون.
لقد فُرض الصمت على المقاومة الإعلامية كما فُرض الحصار على غزة، لكنّ الحقيقة تبقى أقوى من محاولات الإخفاء.
---
? قمة شرم الشيخ... هدنة لتجميل وجه العدوان
القمة التي رُوّج لها كـ"انتصار للسلام" لم تكن سوى غرفة عمليات سياسية لإخماد نار المقاومة وإعادة تدوير الخطاب العربي الرسمي.
فوقف إطلاق النار، وفق الرؤية الأمريكية والإسرائيلية، يعني فقط وقف مقاومة الفلسطينيين، لا وقف العدوان على شعبهم.
أما اليمن، فبقيت خارج هذه الحسابات لأنها ببساطة لا تؤمن بسلامٍ يُفرض على الركام.
---
? الموقف اليمني... العقيدة لا المساومة
اليمن لم يفاوض ولم يساوم.
منذ بداية العدوان على غزة، أعلن بوضوح أن أي تهدئة لا تُنهي الحصار لا تُلزم صنعاء، وأن أمن البحر الأحمر لن يتحقق طالما هناك طفل واحد يُقتل في القطاع.
هذه ليست سياسة ظرفية، بل عقيدة قتال ومبدأ ثابت لا يتغير بتبدّل المؤتمرات أو تبدّل الوسطاء.
---
? خاتمة
تمّ تهميش الموقف اليمني لأنه فضح زيف البيانات العربية وأظهر عجز القمم عن صناعة الفعل.
تجاهلوه لأنهم يخشون أن يتحول إلى قدوة تلهم الشعوب،
لكنهم نسوا أن التاريخ لا يكتبه الحاضرون في المؤتمرات،
بل الذين حملوا البندقية دفاعًا عن المظلومين، ورفضوا الهدنة حين كانت ثمنًا للكرامة.
> من صنعاء خرج الموقف الشريف...
ومن شرم الشيخ خرج البيان البارد.
وبين الموقفين، تتضح هوية من وقف مع غزة حقًا،
ومن باعها تحت عنوان “السلام”.
---
✍️
الإعلامية اليمنية بدور الديلمي
صحفية وباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية