تعرف على أفضل الزيوت للطبخ وطريقة تصنيعها وعلاقتها بالصحة العامة
دراسات و أبحاث
تعرف على أفضل الزيوت للطبخ وطريقة تصنيعها وعلاقتها بالصحة العامة
19 تشرين الأول 2025 , 14:27 م

تُعد الزيوت النباتية جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية — من إعداد الطعام إلى صناعة المنتجات الغذائية والتجميلية — لكنها أصبحت أيضا محورا للجدل بين من يعتبرها "بطل الغذاء الحديث" ومن يصفها بـ"الشر الغذائي".

فبين حملات التسويق الجذابة في المتاجر والعناوين المثيرة حول إزالة الغابات وتغير المناخ، يجد المستهلك نفسه أمام سوق مشوشة مليئة بالمعلومات المتناقضة.

ومع أن البعض يرى الزيوت النباتية سببا في المشكلات الصحية، إلا أنها في الحقيقة تلعب دورا مهما في الأمن الغذائي العالمي، وتُعد مصدرا أساسيا للطاقة والتغذية لملايين البشر حول العالم.

الشفافية المفقودة في سوق الزيوت

يواجه المستهلكون الباحثون عن خيارات أخلاقية ومستدامة تحديا كبيرا في العثور على معلومات دقيقة حول مصدر الزيوت وكيفية إنتاجها.

فعلى سبيل المثال، قد تُعرض منتجات تحمل عبارة "خالٍ من زيت النخيل "، لكنها لا تُفصح عن نوع الزيت المستخدم كبديل، أو عن طريقة زراعة المكونات الأخرى مثل الفول السوداني أو الصويا.

هذا الغموض يجعل من الاستهلاك الواعي والمستنير مهمة صعبة، ويطرح تساؤلًا مهما: أي الزيوت يجب أن نستخدم حقا؟ وما الحقيقة وراء عملية إنتاجها.

زيوت الطهي: قصة معقدة تتجاوز المطبخ

وفي دراسة حديثة من موقع The Conversation تشير الأبحاث إلى أن الزيوت النباتية أصبحت من أهم الركائز في الاقتصاد الغذائي العالمي.

فهي تُستخدم ليس فقط في الطبخ، بل أيضا في الأطعمة المصنعة، ومستحضرات التجميل، والبلاستيك الحيوي، والوقود الحيوي.

وقد تضاعف الطلب العالمي على الزيوت أربع مرات خلال الـ50 عاما الماضية، لتغطي نحو 37% من الأراضي الزراعية المخصصة لمحاصيل مثل فول الصويا، والنخيل الزيتي، واللفت، وعباد الشمس.

لكن هذا التوسع يحمل تبعات بيئية واقتصادية ضخمة، إذ إن تلبية الطلب المستقبلي مع ازدياد عدد سكان الأرض بمقدار ملياري نسمة تتطلب تخصيص مئات الملايين من الهكتارات الإضافية — أي ما يعادل عشرة أضعاف مساحة المملكة المتحدة — لإنتاج الزيوت النباتية.

الدهون ليست العدو دائما

لطالما ارتبطت كلمة "دهون" بصورة سلبية في الوعي العام، مما أدى إلى انتشار نصائح غذائية متطرفة مثل الامتناع التام عن الزيوت النباتية أو تناول الزبدة كوجبة خفيفة أو إضافة زيت جوز الهند إلى القهوة.

كما ساهمت الحملات الدعائية المثيرة للذعر في شيطنة بعض الزيوت، مثل زيت النخيل، بوصفه المتسبب الرئيسي في إزالة الغابات وانقراض الأنواع.

لكن الحقيقة أكثر تعقيدا بكثير.

وراء كل زجاجة زيت في السوق شبكة واسعة من المزارعين والمصانع والسياسات التي تحدد ليس فقط ما نأكله، بل كيف تُستخدم الأرض وكيف تُبنى سبل العيش.

يؤكد الباحثون أن الوقت قد حان للتوقف عن تصوير الدهون كعدو غذائي. فبينما تُعد الدهون المتحولة (Trans Fats) ضارة، فإن الأدلة حول الدهون المشبعة لا تزال متباينة وتعتمد على السياق الغذائي العام.

وتشير الأبحاث إلى وجود ما يسمى بـ"الفجوة الدهنية العالمية"، إذ يعاني بعض الأشخاص من نقص في الدهون الصحية رغم انتشار السمنة في مناطق أخرى — مما يجعل القول بأن بعض الدهون جيدة وأخرى سيئة تعميما غير دقيق.

غياب الشفافية يُضلل المستهلكين

تُظهر الدراسة أن الادعاءات غير الدقيقة في التسويق الغذائي تُسهم في خلق مفاهيم مغلوطة.

فعلى سبيل المثال، روجت منظمة WWF في عام 2009 لمعلومة تقول إن 50% من المنتجات في المتاجر تحتوي على زيت النخيل، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن هذا الادعاء لا ينطبق في كل مكان وربما لم يكن دقيقا أصلا.

المشكلة لا تكمن في الدفاع عن زيت النخيل بقدر ما تكمن في نقص الشفافية في المعلومات.

فالكثير من المنتجات تُدرج فقط كلمة "زيت نباتي" دون تحديد النوع أو المصدر، كما أن العلامات البيئية المستخدمة غالبا غير موحدة ويمكن التلاعب بها.

هذا الغموض يعرقل قدرة المستهلكين وصنّاع السياسات على اتخاذ قرارات تدعم الاستدامة البيئية والعدالة الاقتصادية.

البُعد الإنساني والثقافي للزيوت

الزيوت النباتية ليست مجرد مكونات غذائية، إنها جزء من ثقافتنا وهويتنا واقتصادنا.

من زيت النخيل في جنوب شرق آسيا وغرب إفريقيا إلى زيت الزيتون في حوض البحر الأبيض المتوسط، تمثل الزيوت مصدر رزق وغذاء لملايين البشر.

وفي ظل تصاعد أزمة الأمن الغذائي عالميا، تظل الزيوت النباتية موردا غذائيا أساسيا وبأسعار معقولة، كما أن الدعوات إلى حظر بعض الزيوت قد تضر بالمجتمعات المنتجة وتؤدي إلى تكاليف اجتماعية خفية.

الحقيقة أن لا زيتا نباتيا جيدا أو سيئا بطبيعته — بل إن المسألة الحقيقية تكمن في كيفية إنتاج الزيت، ومن يستفيد منه، ومدى شفافية نظامه الصناعي.

نحو شفافية أكبر في صناعة الزيوت

يدعو الباحثون الشركات إلى الكشف بوضوح عن مصادر الزيوت وطرق معالجتها، وعلى الحكومات أن تُلزم المصنّعين بوضع ملصقات توضح الأثر البيئي والاجتماعي الحقيقي لكل مكون.

كما يمكن للتقنيات الحديثة مثل رموز الاستجابة السريعة (QR Codes) والتطبيقات الذكية أن تمكّن المستهلكين من معرفة أصل المنتج، مما يعزز المساءلة والعدالة في سلاسل الإمداد الغذائية.

التحول نحو أنظمة غذائية أكثر عدلاً واستدامة يبدأ من الشفافية في الاختيار — فبدلاً من السؤال: "أي زيت هو الأفضل؟"، علينا أن نسأل: "كيف صُنع هذا الزيت؟ ومن المستفيد منه؟"

المصدر: The Conversation