دموع العين تفتح آفاق جديدة لتشخيص أمراض العيون والدماغ
دراسات و أبحاث
دموع العين تفتح آفاق جديدة لتشخيص أمراض العيون والدماغ
23 تشرين الأول 2025 , 13:58 م

كشف باحثون من معهد Germans Trias i Pujol للأبحاث الطبية (IGTP) في إسبانيا عن إمكانية استخدام الدموع كمصدر ثري للمؤشرات الحيوية لتشخيص ومراقبة الأمراض العينية والأمراض العصبية التنكسية مثل الزهايمر وباركنسون.

نُشر هذا البحث المتميز في مجلة Extracellular Vesicles and Circulating Nucleic Acids (EVCNA)، مؤكدا أن الدموع، على بساطتها، قد تحمل مفاتيح تشخيص مبكر لأمراض معقدة تصيب العين والجهاز العصبي.

من سوائل العين إلى الدموع: رحلة بحث عن بديل غير جراحي

تُعد سوائل العين الداخلية، مثل الخلط المائي والجسم الزجاجي، مصادر غنية بالمعلومات حول صحة العين، لكنها تتطلب إجراءات جراحية معقدة ومؤلمة لجمعها.

توضح الباحثة مارتا سان روكي (Marta San Roque)، طالبة الدكتوراه في مجموعة IVECAT التابعة للمعهد: "الطرق الحالية للحصول على سوائل العين الداخلية تُعد غازية للغاية، مما يجعلها غير عملية للاستخدام الروتيني في العيادات. لهذا السبب، نبحث عن بدائل أقل تدخلاً مثل الدموع."

الحويصلات خارج الخلوية: جزيئات دقيقة بمعلومات كبيرة

الدموع ليست مجرد ماء مالح، بل تحتوي على حويصلات دقيقة تُعرف بالحويصلات خارج الخلوية (Extracellular Vesicles – EVs)، وهي جزيئات تصدرها الخلايا وتحمل بداخلها معلومات جزيئية مهمة مثل البروتينات والأحماض النووية والدهون.

وتُعد هذه الحويصلات مؤشرات حيوية محتملة (biomarkers) يمكن استخدامها في الكشف عن الأمراض أو تتبع تطورها، نظرا لقدرتها على حماية المعلومات داخلها من التحلل.

قام فريق IVECAT، بالتعاون مع قسم طب العيون في مستشفى Germans Trias i Pujol الجامعي، بمراجعة أكثر من مائة دراسة علمية حول استخدام هذه الحويصلات كمصدر للمؤشرات الحيوية في الدموع.

مزايا فريدة تجعل الدموع وسيلة مثالية

خلصت المراجعة العلمية إلى أن للدموع عدة مزايا فريدة تجعلها خيارا مثاليا للبحث السريري:

جمعها غير مؤلم وسهل للغاية.

تحتوي على معلومات جزيئية دقيقة من أنسجة العين المختلفة.

يمكن أن تعكس العمليات الحيوية في الدماغ بفضل قدرة الحويصلات على عبور الحواجز الدموية الدماغية والشبكية.

تقول مارتا سان روكي: "الدموع توفر معلومات لا تقتصر على السطح العيني فقط، بل تمتد إلى جميع أجزاء العين وربما الدماغ نفسه، نظرا لقدرة بعض الجزيئات على عبور الحواجز العصبية."

تحديات علمية قائمة وحلول مقترحة

ورغم الإمكانات الواعدة، لا يزال المجال يواجه تحديات تقنية وبحثية، أبرزها:

غياب معايير موحدة لجمع العينات وتخزينها.

تباين الأساليب التحليلية بين الدراسات.

وللتغلب على ذلك، يقترح الباحثون تبني أكواد ومعايير موحدة مسبقة التحليل (pre-analytical codes) والالتزام بإرشادات الجمعية الدولية للحويصلات خارج الخلوية (ISEV) لضمان دقة النتائج وقابليتها للتكرار عالميا.

نحو جيل جديد من أدوات التشخيص الدقيقة

تؤكد الدراسة أن البحث في الحويصلات المشتقة من الدموع ما زال في بداياته، إلا أنه يمثل خطوة أولى بالغة الأهمية نحو تطوير أدوات تشخيص جديدة للأمراض العصبية والعينية على حد سواء.

تختتم سان روكي بقولها: "إن هذا المجال يمتلك إمكانات هائلة، ورغم أنه لا يزال في طور التطور، فإن مراجعتنا تمثل خطوة رئيسية نحو فهم أعمق للمؤشرات الحيوية في الدموع، ما يمهد لتشخيص مبكر وعلاجات أكثر دقة للأمراض العصبية والعينية."

مستقبل الطب يبدأ من قطرة دمعة

يشير الخبراء إلى أن هذا التوجه البحثي قد يُحدث ثورة في التشخيص الطبي، حيث يمكن أن تصبح قطرة دمعة واحدة كافية للكشف عن أمراض العين أو حتى التنكس العصبي المبكر، بطريقة سريعة، غير مؤلمة، ودقيقة.

المصدر: مجلة IGTP