فحص اللسان يكشف مبكرا مرض التصلب الجانبي الضموري
دراسات و أبحاث
فحص اللسان يكشف مبكرا مرض التصلب الجانبي الضموري
24 تشرين الأول 2025 , 13:17 م

أظهرت دراسة حديثة أن فحوصات الرنين المغناطيسي التقليدية للسان الإنسان يمكن أن تساعد في الكشف المبكر ومتابعة تطور مرض العصبون الحركي (MND) المعروف أيضًا باسم مرض التصلب الجانبي الضموري (ALS) .

قاد البحث الدكتور توماس شو من كلية الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب بجامعة كوينزلاند، ونُشر في مجلة Computers in Biology and Medicine.

العضلات الصغيرة التي تخبرنا عن أمراض كبرى

وجد الباحثون أن الأشخاص المصابين بـ MND والذين يعانون من صعوبة في النطق أو البلع لديهم عضلات لسان أصغر حجما مقارنة بالأشخاص الأصحاء.

ويشير الدكتور شو إلى أن هذا التغير يمكن أن يكون مؤشرا مبكرا على وجود مرض عصبي تنكسي.

وأوضح قائلا: "يحتوي لساننا على ثمانية عضلات مترابطة، لكل منها دور محدد يساعدنا على الأكل والبلع والكلام. ولكن بالنسبة لمصابي مرض العصبون الحركي، تبدأ هذه العضلات — مثل غيرها في الجسم — بالضعف التدريجي ثم الضمور."

وأضاف أن الكشف المبكر عن هذه التغيرات يمكن أن يساعد الأطباء والمرضى على الوصول إلى التجارب السريرية والعلاجات الجديدة في وقت مبكر.

كيف يمكن للرنين المغناطيسي أن يغيّر قواعد التشخيص؟

أوضح الدكتور شو أن دراسة عضلات اللسان داخل الفم كانت صعبة ومزعجة في السابق.

لكن فريقه اكتشف أن فحوصات الدماغ القياسية بالرنين المغناطيسي تلتقط عادةً صورا للسان أيضا، مما أتاح لهم تحليل أكثر من 200 فحص سابق، من بينها صور لأشخاص مصابين بـ MND.

وباستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات التصوير المتقدمة، تمكن الباحثون من قياس حجم وشكل عضلات اللسان بدقة عالية. وأظهرت المقارنات وجود فروق واضحة بين صور الأشخاص المصابين بالمرض وأولئك الأصحاء.

علاقة بين ضمور اللسان وتدهور الحالة الصحية

تُظهر الدراسات السابقة أن المرضى الذين تبدأ أعراضهم في اللسان أو الفم أو الحنجرة أو الرقبة تكون فترة بقائهم على قيد الحياة أقصر مقارنة بمن تبدأ أعراضهم في الأطراف.

وقال الدكتور شو: "تأكدنا من ذلك في نتائجنا، فقد أظهر الأشخاص الذين لديهم حجم لسان أقل توقعات مرضية أسوأ. لذا فإن قياس حجم عضلات اللسان يمكن أن يمنحنا معلومات دقيقة عن العمر المتوقع وسرعة التشخيص، مما يساعد في التخطيط العلاجي والتسجيل المبكر في التجارب السريرية."

اللسان: عضو معقد يكشف عن أسرار الدماغ

من جانبها، قالت الدكتورة بروك ماي ويلان، أخصائية أمراض النطق والباحثة المشاركة من كلية العلوم الصحية وإعادة التأهيل بجامعة كوينزلاند، إن اللسان عضو في غاية التعقيد يقوم بآلاف الحركات الدقيقة يوميا دون أن نلاحظها.

وأضافت: "عندما تتأثر وظيفة اللسان، يصبح البلع خطيرا والكلام صعب الفهم، وغالبا ما يصف مرضى MND فقدان القدرة على الكلام بأنه أكثر تدميرا نفسيا من فقدان القدرة على الأكل أو المشي".

وشددت على أن تحديد العضلات التي تضمر في اللسان بسبب المرض سيساعد الأطباء على تطوير استراتيجيات تعويضية، مثل تدريب المرضى على أنماط نطق جديدة تعتمد على العضلات السليمة.

كما أن ذلك سيساعد في التخطيط المبكر لتقنيات مثل "تخزين الصوت" (Voice Banking)، أي تسجيل صوت المريض الطبيعي لاستخدامه لاحقا في أجهزة التواصل بعد فقدان القدرة على الكلام.

مشاركة البيانات لدعم البحث العلمي

أكد الدكتور شو أن البيانات والمنهجيات المستخدمة في الدراسة أصبحت متاحة للعامة، لتكون مصدرا علميا قيّما للمجتمع البحثي حول العالم.

وأوضح أن هناك تأخيرا متوسطه 12 شهرا بين ظهور أعراض MND وتشخيص الحالة، مضيفا أن هذه الطريقة الجديدة يمكن أن تقلص هذا الفارق الزمني بشكل كبير.

كما أشار إلى أن التقنية لا تقتصر على هذا المرض فقط، بل يمكن تطبيقها على مجموعات ضخمة من بيانات الرنين المغناطيسي السابقة للكشف عن اضطرابات النطق، وأمراض السرطان، وغيرها من الحالات العصبية.

خطوة علمية نحو التشخيص المبكر والعلاج المستقبلي

يمثل هذا البحث نقلة نوعية في علم الأعصاب والتصوير الطبي، إذ يكشف كيف يمكن لعضو بسيط مثل اللسان أن يحمل مؤشرات حيوية ثمينة تساعد على إنقاذ الأرواح وتسريع التشخيص.

ويفتح هذا الابتكار الباب أمام جيل جديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة الطب التشخيصي والعلاجي، لتصبح فحوصات الرنين المغناطيسي أداة أكثر شمولا وذكاءً في رصد الأمراض العصبية قبل تفاقمها.

المصدر: مجلة Computers in