عبد الحميد كناكري خوجة: تعلمون وتعملون؟!
منوعات
عبد الحميد كناكري خوجة: تعلمون وتعملون؟!
عبد الحميد كناكري خوجة|كاتب من سورية
1 تشرين الثاني 2025 , 11:16 ص


” ألسنة تسبح بالحق...وآياد تصافح بالباطل"

” العارف لايجهل، ولكن الجاهل قد يتقن فن التجاهل"

في زمن تبرق فيه الكراسي أكثر مما تشرق فيه العقول، ويستبدل الموقف بالتصفيق، يهرول بعض المترنحين على مسرح السياسة خلف قطار يظنونه ذهبا، وما هو إلا قاطرة ذل تجر عربة الوعي إلى الهاوية. تعلمون من هو هذا الطرف، وتدركون خفايا تاريخة المظلم منذ النكبات والإقتلاع، تعلمون أن سياساته ومشاريعه الثقافية تستهدف تفكيك منظوماتنا القيمية وتحويل الذاكرة إلى ساحة منقسمة، ومع ذلك تعلمون بما يخالف ما تعملون!

يامن زينتم مقاعدكم بالذهب ونسيتم أن التاريخ لايزين إلا بالمواقف، يامن لبستم قناع الحكمة وأنتم تغزلون خيوط التخاذل بخيط من نفاق حريري الملمس وخشن المآل... أما علمتم أن مايسمى ب ” التطبيع" في بعض صوره ليس تقاربا بل انسلاخ من الذات, أما تذكرتم شهداء الثماني سنوات الحرب المفروضة على بلد الحضارات العريقة العتيقة والذي اختلطت به دمائهم الذكية بزعفرانهم الأصيل، حين تصدرت الأمة صمودها في وجه عدوان مفترض على مصيرها؟ أولئك الذين لم يهادنوا ولم يساوموا، ولم يبيعوا شرف الصمود على موائد الترف.

إن الغاية التي تقف وراء بعض السياسات ليست سلاما بل استسلاما رمزيا؛ إنها تعرف الفضاء العام بثقافات استهلاكية، ونماذح اجتماعية مثيرة للإختلاف، تقدم أحيانا في طيات الحداثة، فتضعف مناعة المجتمعات أمام محاولات التفكيك الثقافي والسياسي. تعلمون الحق حقا. لكنكم تغالطون الضمير بالمصالح، وتطفئون في قلوبكم مصباح البصيرة كي يظل عرشكم مضاء ولو بزيت الخيانة.

” ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".

إعلموا بما تقترفون وتعملون قبل أن توقعكم الأجيال في صحائف النسيان. فالأوطان لا تنهض بأقلام توقع بل بقلوب تؤمن وتحاور وتفعل، ومن باع المبادئ مقابل لحظة رضى رمزي أو ميزة آنية، فقد اشترى صكا يطوى في ذاكرة الأمة.

مفكر كاتب حر، إعلامي سوري سابق في الغربة.