طريقة جديدة لإنتاج صبغة الأخطبوط
منوعات
طريقة جديدة لإنتاج صبغة الأخطبوط
4 تشرين الثاني 2025 , 11:59 ص

أعلن فريق من العلماء في جامعة كاليفورنيا – سان دييغو (UC San Diego) عن تحقيق إنجاز علمي كبير في مجال المحاكاة الحيوية (Biomimicry)، بعد تمكنهم من إعادة إنتاج الصبغة الطبيعية التي تمنح الأخطبوط والحبار وسمك الحبار (cuttlefish) قدرتهم الفائقة على التمويه.

الصبغة المعنية تُعرف باسم زانثوماتين (Xanthommatin)، وهي مركب طبيعي طالما حيّر العلماء بفضل قدرته على تغيير الألوان بطريقة ديناميكية، لكنه ظل صعب الإنتاج في المختبر حتى اليوم.

ابتكار بكتيري فريد لإنتاج الصبغة

نجح الباحثون في معهد سكريبس لعلوم المحيطات التابع للجامعة في تطوير طريقة جديدة لإنتاج كميات كبيرة من الصبغة باستخدام بكتيريا معدلة وراثيا.

وتُنتج هذه التقنية كميات من الصبغة تفوق الطرق التقليدية بألف مرة، مما يمهد الطريق لتطبيقات صناعية مستدامة وواسعة النطاق.

وقال البروفيسور برادلي مور (Bradley Moore)، كبير الباحثين في الدراسة وعالم الكيمياء البحرية في الجامعة:

"لقد طوّرنا تقنية جديدة مكنتنا لأول مرة من تصنيع صبغة الزانثوماتين داخل بكتيريا حية، وهي خطوة هائلة نحو التصنيع الحيوي المستدام."

وأضاف: "هذه الصبغة الطبيعية هي سر قدرة الأخطبوط على التمويه، قدرة مذهلة استلهمناها لتطوير مواد جديدة تغير اللون بطريقة بيئية وآمنة."

الكيمياء المستوحاة من الطبيعة

لا يقتصر وجود صبغة زانثوماتين على الكائنات البحرية، فهي تُوجد أيضا في بعض الحشرات مثل فراشة المونارك ذات اللون البرتقالي الزاهي واليعاسيب ذات الألوان الحمراء.

ورغم جاذبيتها، كانت الصبغة تُستخرج سابقا بكميات ضئيلة جدا من الحيوانات، مما حدّ من دراستها أو استخدامها.

لمعالجة هذه المشكلة، طوّر فريق جامعة كاليفورنيا نظاما بيولوجيا مبتكرا يُعرف باسم "التخليق الحيوي المرتبط بالنمو" (Growth-Coupled Biosynthesis)، حيث يرتبط بقاء البكتيريا مباشرة بإنتاج الصبغة، فإذا فشلت البكتيريا في إنتاجها، فإنها لا تنجو.

وقالت الدكتورة ليا بوشين (Leah Bushin)، المؤلفة الرئيسة للدراسة وأستاذة الكيمياء الحيوية في جامعة ستانفورد حاليا: "لقد صممنا طريقة تخدع البكتيريا لتنتج المزيد من الصبغة عبر ربط عملية نموها بتصنيعها. إنها دورة ذاتية التحفيز مذهلة في بساطتها وفعاليتها."

كل مرة تُنتج فيها البكتيريا الصبغة، يتولد حمض الفورميك الذي يُغذي نموها، مما يخلق حلقة إنتاج ذاتية مستدامة لم تُر من قبل في مجال الكيمياء الحيوية.

روبوتات وذكاء اصطناعي لتسريع التطوير

لتعزيز الإنتاج أكثر، استعان الفريق بـ الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير وتحسين أداء البكتيريا باستمرار.

قاد هذه التجارب البروفيسور آدم فيست (Adam Feist)، أستاذ الهندسة الحيوية في جامعة كاليفورنيا وباحث في مركز نوفو نورديسك للتصنيع الحيوي المستدام.

وأوضح فيست: "هذا المشروع يقدّم لمحة عن مستقبل يعتمد على علم الأحياء لإنتاج المواد والمركّبات القيّمة بشكل مستدام، باستخدام الأتمتة المتقدمة والبيانات والتحليل الحاسوبي."

نتائج مذهلة وتطبيقات واسعة

بينما كانت الطرق السابقة تنتج ميليغرامات قليلة فقط من الصبغة لكل لتر، فإن النظام الجديد يُنتج حتى 3 غرامات لكل لتر، أي زيادة بمئات المرات.

وقالت بوشين: "عندما رأيت البكتيريا تنتج الصبغة بكثافة في اليوم التالي، أدركت أننا أمام اكتشاف ضخم."

ويتوقع العلماء أن يمتد تأثير هذا الإنجاز إلى مجالات متعددة، منها:

مستحضرات التجميل الطبيعية (مثل الواقيات الشمسية الحيوية)

الطلاءات الذكية والدهانات متغيرة اللون

الأجهزة البصرية والفوتونية

الاستشعار البيئي

وتقنيات التمويه العسكري

وقد أبدى البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) وعدة شركات تجميل اهتماما كبيرا بهذه التقنية.

ثورة في التصنيع الحيوي المستدام

قال مور في ختام الدراسة: "لقد أعدنا تعريف الطريقة التي يمكن بها هندسة الخلايا. هذا الاكتشاف لا يحل فقط مشكلة الإمداد، بل يفتح الباب أمام استخدام واسع لمواد حيوية مستوحاة من الطبيعة."


المصدر: UC San Diego