أعلن فريق من العلماء في معهد طوكيو للعلوم عن تطوير نموذج "كبد مصغَّر" (mini-liver) قادر على محاكاة عمليات التجدد الطبيعي للكبد البشري داخل المختبر.
ويمثل هذا الإنجاز قفزة نوعية في مجال الطب التجديدي والعلاجات الخلوية لأمراض الكبد المزمنة، مثل التليف والتشمع.
نموذج عضوي يحاكي وظائف الكبد الحقيقي
العضو المصغَّر الجديد الذي أطلق عليه العلماء اسم iHSO (induced Hepatic Stellate Organoid) هو نموذج عضوي ثلاثي الأبعاد صُمم ليحاكي البنية والوظائف الأساسية للكبد البشري.
يتكوّن هذا النموذج من نوعين رئيسيين من خلايا الكبد:
1. الخلايا الكبدية (Hepatocytes) — المسؤولة عن عمليات الأيض وإزالة السموم.
2. الخلايا النجمية (Stellate Cells) — التي تنظم عملية التجدد وإنتاج النسيج الليفي (الندبي).
تعمل هذه الخلايا داخل العضوية بشكل متكامل، بحيث تُحيط الخلايا النجمية بالخلايا الكبدية لتعيد تكوين الهيكل الطبيعي للكبد كما في جسم الإنسان.
تفاصيل الاكتشاف: إشارات خلوية تنظّم التجدد والالتهاب
اكتشف الباحثون أن جزيء ICAM-1 والسيتوكين IL-1β يلعبان دورا أساسيا في التواصل بين الخلايا الكبدية والخلايا النجمية — وهي عملية تتحكم في كلٍّ من التجدد الطبيعي وتكوّن الندوب الليفية.
وعند تعريض النموذج لجرعات من الباراسيتامول (الأسيتامينوفين)، المعروف بتأثيره السام على الكبد، أظهر العضو المصغَّر أنماط تلف مشابهة لما يحدث في الكبد البشري الحقيقي، مما يثبت دقّة النموذج في محاكاة الواقع الحيوي.
قال الباحثون إن النموذج الجديد يتفوق على النماذج الحيوانية التقليدية، التي لا تستطيع بدقة تمثيل السلوك الخلوي للإنسان.
وبفضل تصميمه، يمكن استخدام العضو المصغَّر لاختبار فعالية وأمان الأدوية المخصَّصة لعلاج أمراض الكبد أو تحفيز تجدد الأنسجة، دون الحاجة لإجراء تجارب على البشر أو الحيوانات.
آفاق مستقبلية: علاج تلف الكبد دون زراعة
في المدى البعيد، يأمل الفريق الياباني أن تسهم هذه التكنولوجيا في تطوير علاجات قادرة على تجديد الكبد المتضرر ذاتيًا، مما قد يقلل الحاجة إلى عمليات زراعة الكبد المعقدة والمكلفة.
كما يمكن أن تساعد هذه العضويات المصغّرة الأطباء والباحثين على فهم آليات التليف الكبدي بشكل أدق، وتسريع اكتشاف أدوية جديدة لعلاجه قبل أن يصل إلى مراحل حرجة.