حذر متخصصون من جامعة بيرم التقنية (ПНИПУ) من المخاطر الصحية الخطيرة الناجمة عن اختلال مستوى الهيموغلوبين في الدم، موضحين أن نقصه يسبب فقر الدم (الأنيميا) ، في حين أن زيادته ترفع احتمال الإصابة بالجلطات وأمراض القلب والمخ.

قال الخبراء إن الهيموغلوبين هو بروتين موجود داخل كريات الدم الحمراء (الإريثروسيتات)، مسؤول عن نقل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الجسم. ويؤدي انخفاض مستواه إلى نقص إمداد الأنسجة الحيوية بالأكسجين، مما يؤثر في أداء الأعضاء الحيوية كالقلب والدماغ.

فقر الدم: أكثر من مجرد نقص الحديد

يُعد الحديد المكوّن الرئيسي في تركيب الهيموغلوبين، لكن الأنيميا لا تنشأ دائما من نقص الحديد فقط.

فوفقا للدكتور فاليري ليتفينوف، الباحث في قسم الكيمياء والتقنية الحيوية بالجامعة، فإن فقر الدم المزمن يضعف عضلة القلب ويؤثر على المخ والجهاز المناعي، وقد يؤدي في الحالات الحادة إلى الوفاة.

يُعتبر الشخص مصابا بالأنيميا عندما يقل مستوى الهيموغلوبين عن 130 غ/لتر للرجال و120 غ/لتر للنساء.

ويؤدي هذا الانخفاض إلى نقص تزويد الأعضاء بالأكسجين، مما يتسبب في أعراض تشمل شحوب البشرة، ضيق التنفس، اضطراب ضربات القلب، تساقط الشعر والشعور بالإرهاق المستمر.

أسباب متعددة لانخفاض الهيموغلوبين

يقول الدكتور سيرغي سلودنيكوف، المستشار العلمي في مركز الأبحاث الكيميائية الحيوية بالجامعة، إن الأسباب الرئيسية لانخفاض الهيموغلوبين تنقسم إلى فئتين:

1. نقص الحديد:

يحدث بسبب النزيف المزمن، أو سوء امتصاص الحديد، أو قلة تناوله في الغذاء.

كما تزداد الحاجة إليه في فترات النمو السريع، الحمل، والرضاعة.

في هذه الحالات يُعالج المريض بمكملات الحديد مع فيتامين C لتحسين الامتصاص.

2. الأمراض المزمنة:

مثل السرطان، السكري، وأمراض الكلى، حيث يحجب الجسم الحديد لمقاومة العدوى، وهنا يتطلب العلاج معالجة المرض الأساسي.

الفيتامينات والمعادن: عناصر أساسية في علاج الأنيميا

يشدد العلماء على أن علاج فقر الدم يجب أن يكون شاملاً، ولا يقتصر على تناول الحديد فقط.

فالفيتامينات B9 (حمض الفوليك) وB12 وB6 تلعب دورا رئيسيا في تكوين خلايا الدم، بينما تساعد النحاس والكالسيوم على امتصاص الحديد، ويُسهم فيتامين E والأحماض الدهنية أوميغا-3 في حماية خلايا الدم وتحفيز عملية تكوينها.

الغذاء المناسب لتحسين الهيموغلوبين

أوصى الخبراء بتناول اللحوم الحمراء، الكبد، الأسماك، لما تحتويه من حديد ثنائي التكافؤ عالي الامتصاص.

أما المصادر النباتية مثل الحبوب الكاملة، البقوليات، المكسرات، الخضروات، والفواكه المجففة، فهي تحتوي على حديد ثلاثي التكافؤ الذي يحتاج لتحويله في المعدة بوجود الحمض المعدي.

لذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض حموضة المعدة أو التهاب المعدة (الغازتريت) قد يجدون صعوبة في امتصاص الحديد من الأطعمة النباتية.

الرياضيون أكثر عرضة لفقر الدم

أوضحت الدكتورة نورسلو كدرالييفا، الباحثة في مختبر السوائل الحيوية بجامعة بيرم، أن الأنشطة البدنية المكثفة تزيد من استهلاك الحديد في الجسم، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ"الأنيميا الرياضية".

وتُظهر الدراسات أن هذه الحالة تصيب نحو 24% من الرجال الرياضيين و42% من النساء.

وأكدت على أهمية متابعة الحالة مع طبيب متخصص لتحديد الجرعات المناسبة من مكملات الحديد وضبطها حسب طبيعة التدريب.

ارتفاع الهيموغلوبين: خطر لا يقل عن الانخفاض

يشير الخبراء إلى أن ارتفاع مستوى الهيموغلوبين فوق 185 غ/ل للرجال و165 غ/ل للنساء يؤدي إلى زيادة لزوجة الدم، ما يرفع خطر تكوّن الجلطات، النوبات القلبية، والسكتات الدماغية.

ويُستثنى من ذلك الرياضيون وسكان المناطق الجبلية، إذ قد تكون القيم المرتفعة لديهم طبيعية تكيفا مع نقص الأكسجين.

ومع ذلك، فإن أي ارتفاع غير مبرر للهيموغلوبين يستدعي استشارة طبية عاجلة، لأنه قد يشير إلى أمراض مزمنة خطيرة.