كلما تأجلت القمة الروسية- الامريكية ، كلما قصرت مسافة الجيش الروسي بالعاصمة كييف..
مقالات
كلما تأجلت القمة الروسية- الامريكية ، كلما قصرت مسافة الجيش الروسي بالعاصمة كييف..
علي وطفي
6 تشرين الثاني 2025 , 04:43 ص


العالم في حالة تأهب و ما يجري بين موسكو و واشنطن يؤكد ذلك المنحى ، فموسكو ماضية بآلتها العسكرية في اتجاه الشرق إلى حدود نهر "الدنيبر" كخط دفاع أول مبدئيا، من ثم إنشاء منطقة عازلة محصنة بكل وسائل الدفاع الجوي من عربات "البانتسير" إلى الاس -500 , اذ لم تبرد محركات الدبلوماسية بعد انتهاء"قمة الاسكا " كان قرار إلغاء قمة بودابست في العاصمة المجزية و التي توقع العالم بعدهما انفراجات تساهم في حلحلة العقد وتبريد الجبهات خاصة في القارة الأوروبية (الساحة الأوكرانية )التي كنت قد كتبت عن المتشائل في إمكانية إنهائها اعتمادا على نفس منطق تعامل ترامب مع زعيم كوريا الشمالية في فترة ولايته الأولى 2018. لم يبقى لدى الكرملين سوى تسخين محركات العسكرية بعد قرار تسليح أوكرانيا بصواريخ مجنحة الأمريكية و الاستعداد لصراع طويل ، أصبح واضحاً أن ترامب لا يفهم إلا منطق القوة نفس المنطق الذي يحافظ و يوسع به المصالح الامريكية بكل فجور (على عينك يا تاجر) بل بشكل مهين لكل دولة تحترم نفسها و تأكد الجميع من أن المواجهة آتية. آتية و ما يحضر في اوكراينا من قبل الناتو ومن وراءه البيت الأبيض وتهديد العمق الروسي ليس إلا البداية تزامنا مع العقوبات الجديدة على موسكو التي هدفها الصين و تجارتها 35%من حاجة الصين من الغاز والنفط تأتي من روسيا و قطعا هي معركة وجود للدولة الروسية على حدودها بعد نجحوا في كسرها ولو جزئيا في سورية من خلال انخراط الناتو بكل مالديه من إمكانات ، ماعدا التدخل البشري بشكل مباشر في الحرب الاوكرانية لاخضاعها و هزيمتها هزيمة نهائية وهذا لن يمر مع الرئيس بوتين والشعب الروسي باي شكل من الأشكال.

كانت تجربة الصاروخ العامل بالوقود النووي / طائرالنوء (буревестник ) / واهم ما في مميزاته ان لا حدود زمنية لمدة تحليقه و يمتلك خاصية الانتظار قبل الانقراض على الهدف إنه سبق تكنولوجي فريد من نوعه ،على مختلف الارتفاعات و بسرعة تقدر مابين 850 كم -1200كم في الساعة ،مع العلم انه كان مقررا ان يجري إطلاقها في شهر آب الماضي كخطوة استباقية لإجهاض مشروع القبة الذهبية التي استعرضها ترامب و حضور مختلف المسؤولين والقادة العسكريين في البيت الأبيض، و المفاجأة الاخرى هي" بوسيدون" الذي يعمل على نفس المبدأ ولكن هو عبارة عن غواصة صغيرة الحجم ، حيث يمكن "لبوسيدون" عبور المحيطات بهدف تدمير المنشآت الساحلية العسكرية و صرح ألكسندر ستيبانوف، الخبير العسكري في معهد القانون والأمن القومي التابع للأكاديمية الرئاسية الروسية للإقتصاد الوطني والإدارة العامة، بأن القوة التدميرية لصاروخ بوسيدون النووي تكفي للإجهاد على القواعد البحرية و حاملات الطائرات اينما وجدوا و الضربة التالية تجسدت في توقيع الرئيس الروسي القرار بعد يومين من الإعلان الرسمي من نجاح التجربة وفي يوم من مبنى وزارة الدفاع بحضور الرئيس بوتين باللباس العسكري اي 27 تشرين من نفس الشهر الجاري على قانون ينهي اتفاقا دوليا مع الولايات المتحدة بشأن التخلص من البلوتونيوم التي تم توقيعها في 29 آب 2000 في موسكو وفي 1 أيلول 2000 في واشنطن ، ينص الإتفاق على أن يتخلص كل طرف من 34 طنا من البلوتونيوم ، الذي كان يعتبر فائضا عن لبرامج العسكرية و في عام 2016 ، تم تعليق الاتفاقية بموجب مرسوم صادر عن رئيس روسيا والقانون الاتحادي ، الذي تم المصادقة عليه في 8 تشرين الاول من قبل مجلس الدوما على إنهاء الاتفاقية وخلال المناقشة ، قال رئيس مجلس النواب فياتشيسلاف فولودين إن إنهاء الاتفاقية و القرار يصب في مصلحة الدولة الروسية وتابع ان منحى إنهاء الاتفاقية كان يخضع للمناقشة فترة طويلة خلال انعقاد مجلس الدوما، و كما أشار نائب وزير الخارجية “سيرغي ريابكوف” إلى أن تعليق الاتفاقية في عام 2016 كان بسبب "تغيير جوهري في الظروف على المستوى الجيوسياسي" ومن بين الأسباب التي تم تعليق العمل به فرض عقوبات أمريكية على روسيا واعتماد قانون دعم أوكرانيا ، وتوسيع الناتو إلى الشرق وتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا الشرقية

إنها هذه الخطوات الروسية أيضا رسالة سياسية للاوربيين تحديداً الذين قرروا أن روسيا في حالة إفلاس مالي و اقتصادي وليس بإمكانها الاستمرار في قتال الناتو عبر أوكرانيا. جاء منذ يومين الرد الروسي على أرض المعارك محاصرة ما يقرب من تسعة آلاف في منطقة باكروفسك وكرمانورسك من المناطق الاستراتيجية التي حاول الجنود الاوكرانيون الصمود والحفاظ عليها باي ثمن في 3 من الشهر الجاري كمين القوات الخاصة الأوكرانية التي تتشكل من ثلاثة كتائب ، سقوط الجبهات امام التقدم الروسي الحاصل الآن جزء من الرد ، اما اذا استمر العناد الأوروبي والنظام في كييف ليس مستبعد شيئا فشيئاً أن يصل الدب الروسي بقواته إلى الحدود البولندية إضافة معلومة موثقة (من مصادر عسكرية روسية) - هناك ما يقارب 250 ألف جندي كوري شمالي مستعدين للقدوم إلى الجبهة إذا ما طلبت القيادة الروسية ذلك على غرار ما حصل في تحرير ريف مدينة كورسك وبغض النظر من اتهام موسكو من الكثيرين بالتردد في المسألة السورية ، روسيا ليست الاتحاد السوفيتي و لكن في أمنها الحيوي لم تتساهل ابدأ ، من معركة جورجيا في القوقاز 2008 الى جزيرة القرم 2014 و الدونباس اليوم وهو أمر منطقي وجودي واذا انتهت الحرب ليس لدي شك أن العودة الروسية سيكون لها وقع فاعل في منطقتنا.

الواضح ايضا ، ان قرار مشترك مع بكين قد اتخذ بتحدي سياسة الإدارة الامريكية عسكريا في امريكا الوسطى و بمساعدة من طهران ، نحن امام ازمة الكاريبي الثانية و معركة تثبيت خطوط حمراء ، بالحفاظ على فنزويلا لأن الحد الفاصل بعد التخلي عن سوريا و تحديد مصير دولة فنزويلا التي تنتظر بين يوم و آخر عدوان مباغت أقسى - تحشد له واشنطن اسطول بحري هائل - مما نزل على طهران خلال 12 يوم ، و بحسب مصادر عسكرية وصول معدات روسية و طواقمها إلى فنزويلا مستمر مما يدل ان المعركة واقعة و المسألة مسألة وقت و عدم الظهور العلني للرئيس "مادورو" لان هدفا شخصيا للبلطجي الأمريكي و تكليف القوات المسلحة الاستعداد مع تشكيل قيادة مجلس عسكري و سياسي في حال تم قتله ، إن سقوط "كاراكاس" بين فكي القرش الأمريكي سوف يسرع خضوع البقية في القارة اليسارية التوجه بأغلبتها.

الولايات المتحدة الترامبية و حلفائها يخوضون حرب عالمية ثالثة لن تفضي إلى يالطا جديدة على أنقاض يالطا الحرب العالمية الثانية من اجل إعادة سيطرة الانغلاسكسون على العالم و دفن مشروع تعدد القطبية التي تسعى بكين وموسكو بلورته منذ عقدين ، و التي بنت الدول الصغيرة والمتوسطة التي يسعى ترامب ابتلاعها احلام كبيرة على المشروع ، فإن خسرت بكين و موسكو حليف تلو الآخر ، قولا واحداَ فإن مصالحهم و نفوذهم الى زوال و هذا حتما تهديد وجودي داخلي لكل منهما وهو هدف نهائي لجعل كلتا الدولتين بدون دور إقليمي و بلا شك يعني انتحار ذاتي ، فلننتظر ما هم فاعلون.

نحن في إرهاصات مرحلة الفوضى الجيوسياسية على مستوى العالم و محاولة أمريكية لإستكمال الحصار على قاطرة العالم الإقتصادية الصين (الجائزة الاكبر ) وتكون مرحلة تتويج و تثبيت الانتصار والقضاء على أحلامها الكبرى , إن جنون العظمة عند ترامب جعلته يعتقد أن بيده قدر العالم وهو الوحيد الذي يقضي و يقرر في مصائر الأنظمة و الدول ، إننا في بداية مرحلة كسر عظام لتثبيت لمن السيطرة على العالم لمئة عام قادمة من الزمن كحد ادنى وعلى من أعلن رفضه أحادية القطب ان يثبت أنه على مستوى المسؤولية التي لطالما نظّر و حشد الحلفاء و ما زال ، فلم يعد يصح في هذا العالم سوى احتمالية معركة مصيرية لا يمكن الهروب منها وفق شكسبير:" نكون أو لا تكون " و من غير الممكن استمرار حال الطغيان الأحادي الجانب الى ما لا نهاية.