بقلم حسن علي طه
منذ نشأته وعلى مدى عقود عمره الأربعة و سنتان قدم حزب الله تجربته في شتى المجالات وأن كانت المقاومة هي الرسالة الأوضح والانصع والأقوى.
وبعيدا عن الخيارات السياسية الداخلية لحزب الله ومدى صوابيتها إن على مستوى التحالفات أو إدارة الدولة .
فما افرزته نتائج حرب الإسناد من إعادة تموضع لكثيرين كان الحزب سبب قوتهم السياسية وصولا لوصول البعض إلى قصور الرئاسة.
بعيدا عن كل ذلك كيف تعاطى حزب الله مع خصومه أن لم نقل اعدائه لارتباطهم بالعدو الاسرائيلي ؟
فمنذ ما بعد تحرير العام ٢٠٠٠ مارس حزب الله نوعا من العرض الأخلاقي والإنساني فغض الطرف عن جيش من العملاء وأسند مهمة محاسبتهم للدولة اللبنانية التي تساهلت لدرحة أن حكم العمالة للعدو والذي يعد خيانة عظمى توجب الإعدام أضحى اخف بكثير من شيك من دون رصيد أو أي جنحة أخرى.
حزب الله الذي انتصر على اسرائيل وكان قادرا على حكم البلد كما هو حال كل الثورات اختار المشاركة والتسامح فاتحا صفحة تعايش بين أطياف الوطن.
فماذا عن الشركاء الذين تسامح بحق دمائنا وكيف كان رد الجميل.
لم تمض سنوات قليلة حتى بدأ التآمر على المقاومة
فتم العمل على القرار ١٥٥٩
أواخر ٢٠٠٣
ثم أرادوا تطويق المقاومة بقتل الحريري بداية وسحب الجيش السوري من لبنان بداية ٢٠٠٤
وصولا لحرب تموز ٢٠٠٦ .
وقف اخواتنا في الوطن بكل وقاحة مع الاسرائيلي حتى وصل الأمر بسفير فرنسا أن قال لأحد الفوارس وشريكه المرحوم بدأتم متعاونين وستنتهون خونة لبلدكم في معرض رده على طلبهم بالضغط على العدو بعدم وقف الحرب .
فهل كان الحزب على صواب عندما أصبحت أخلاقه وقيمه المبالغ فيها نقطة ضعف؟
وهل كانت سياسة التغاضي سببا حتى أصبحت العمالة رأيا أو وجهة نظر ؟
بعد الثورة الفرنسية قام الثوار بقتل كل من خان فرنسا لصالح ألمانيا لا بل أكثر قتلوا كل من يشتبه به بالعمالة وكانت حجتهم على قسوتها أنهم يريدون " تنقية المجتمع الفرنسي".
فهل طبقت الثورة الفرنسية حكم القرآن بقوله تعالى "ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب "
وهل كان التسامح بعد نصر ال٢٠٠٠ مفسدة ومطمع حتى أصبحت التعامل مفخرة كما هو حاصل اليوم ؟
أن يمارس العدو الاسرائيلي كل صنوف البطش والوحشية فهذا ديدنه منذ أن قامت اسرائيل على نهر دم واحتلال واغتصاب وقتل...
أم أن نجد من هم يفترض أنهم ابناء وطن وشركاء فيه يشمتون باغتيال أولادنا وشبابنا وقتل أطفالنا يدافعون عن العدو على الشاشات ويطلبون منا الاستسلام للذبح .
يقول الشاعر طرفة بن العبد 'وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةًعَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ"
حزب الله الذي لم يبخل بتقديم الدماء حرصا كل اللبنانيين في الحدودين الجنوبية والشرقية أكثر من حرصه على شهداء الطيونة وغيرهم ممن غدر بهم.
أمس ولم يكد يجف حبر الكتاب المفتوح الذي وجهه الحزب لأركان الدولة وجل ما فيه أن التفاوض مع العدو إعلان استسلام مذل لا يمكن القبول به. أتت الردود من خونة الداخل أسرع واوقح وأسفل من رد العدو نفسه.
فمن أين لكم ولماذا كل هذا الحقد وبعضكم ما كان ليرى بيته في قريته لولا دم الشهداء .
يقول الروائي المصري جمال الغيطاني "إن الخائن يصبح مبالغا فى العداء لقومه، يود إبادتهم كلهم وكأنه يريد إطفاء العيون التى تتطلع إليه باحتقاره"
كل هم وكل غم سينجلي وكل حرب لها آخرها وأن طالت وبعيدا عن أي نتائج ومهما كانت قسوتها ماذا عن اليوم التالي ؟
فالمسامحة لهؤلاء خيانة
وإعادة كرة التساهل غباء موصوف وقتل للشهداء في عليائهم
لن يكون لهم مكان بيننا وإلا فنحن لسنا مؤمنين لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
والسلام إلى حين تصفية حساب الخونة والعملاء بالقانون والقضاء لا بالقضاء والقدر