يا أجمل الشهداء.., نحن لسنا على ما يرام من بعدك..!!
مقالات
يا أجمل الشهداء.., نحن لسنا على ما يرام من بعدك..!!
هيام وهبي
13 تشرين الثاني 2025 , 10:22 ص


نحن لسنا على ما يُرام ياسيد ..!!

فجنوبك الذي حررته وأعدته إلى خارطة الوطن،تخلّى عنه الوطن ..والعدو في كل يوم تمتد يده الهمجية إليه،لتقضم تلة من هنا وتمسح قرية من هناك .. والدرب ما بين أرض الجنوب والسماء يغصٌ بأرواح الشهداء الأبرار..

والصهيوني الذي كان يقف على رجل ونصف وهو يستمع إلى خطابك ،هو اليوم يتمادى ويتطاول،وينشر الموت في الجنوب وفي البقاع ، وما لم يأخده بالحرب يأخذه بإتفاقية وقف الحرب ..!! وحكومتنا تعِبت من التصريحات والإستنكار ..أفي كل يوم عليها أن تستنكر !! فلنُقتل دفعة واحدة وبعدها تُصدر بيان نعي وتعزية واستنكار معاً..!!

جنوبك العزيز يا عزيز الروح يُستباح كل يوم .. وبقاعك الوفي للعهد يُعتدى عليه ، وأشرف الناس الذين أحببتهم وفديتهم بروحك الغالية ..يتعرضون للقتل ولا من يحميهم من العدو الغادر.. ودولتنا ما زالت تعتمد الحلول الحبيّة .. وتبحث عن نافذة دبلوماسية تطل منها على الكيان لتقنعه بوقف الإعتداءات (والصلح خير) !!!

أكرم الناس الذين أعدتهم إلى قراهم وبيوتهم بجباه ٍ مرفوعة وقامات ٍشامخة ، من بعدك هم في العراء أمام ركام بيوتهم المدمّرة، وحطام قلوبهم المكسورة، ينظرون إلى السماء لعلّها تعيدك إليهم لتغيثهم بعد أن تخلّت عنهم الأرض..وخابت أحلامهم بدولتهم..التي لا يشغلها إلا نزع السلاح والتمهيد للتطبيع الذي تمنّي نفسها به، الدولة ذات السيادة ،التي تُنتهك سيادتها وكرامتها يومياً، بأسرابٍ من المسيّرات الصهيونية بأزيزها الذي يفتت الأعصاب ، وبالطائرات الحربية التي تنشر الموت والدمار، وبغاراتٍ لم تتوقف منذ أعلان وقف اطلاق النار، (هذه النار التي لم تتوقف منذ وقفها) وبهذه الإتفاقية المزعومةالتي لا نعلم فحواها، وما جدواها، وهل من ضمن بنودها إعطاء الحق للكيان بالإغتيال والقتل واحتلال القرى وتدميرها..!! دولتنا هذه تتحدث عن السيادة..

وهي تمارس سيادتها فقط في جباية فواتير الكهرباء من أهالي الجنوب اصحاب البيوت المدمّرة ..الذين مازالوا حتى الآن يبحثون عن بقايا أحبّتهم تحت الركام..!! العدو يضغط علينا بالنار ، وحكومتنا تحاصرنا بطلب السلاح..!!

نحن لسنا على ما يرام يا سيد..

فمقاومتك الأسطورية التي منعت جنود الكيان من التقدم خطوة واحدة إلى أرض الجنوب المباركة خلال الحرب.. جاهزة للإستشهاد وبذل الدم كما كانت دوماً ..وهي على العهد والوعد ..لكنها مكبّلة بإتفاقية غامضة تعيقها عن تأديب العدو وردعه ..ولصبرها حدود ..فليتك لم تفارقنا، ليتك تعود..!!

عامٌ مضى على غيابك يا سيد وكأنه ألف عام ..

هو عام الحزن الأكبر الذي لم يداوِهِ الوقت ..

عامٌ مضى ،وأكثر ، ولم يخفُت أنين الألم..ولم يصغر الحزن ، بل أمتدّ واتسّع حتى بلغ عنان السماء التي جئت منها ، يا هِبَة السماء لنا..

عامٌ مضى وقلوبنا معلّقة بخيطٍ واهٍ من أمل بمعجزة قد ترُدّكَ إلينا ..

القلب يُنكِر موتك ، والعقل يؤكِّد انّك متّ ونحن ننتظر ..إنتظار يعقوب لقميص يوسف كي يرتد إليه البصر يا من أنرت بصيرتنا..وكي ترمم كبريائنا الذي يستبيحه الكيان دون توقف ..!!

لسنا بخير من بعدك يا سيد ..!! فقد تناوبت على نهش لحمنا كلاب (العُرب والغُرب ..كلاب الشرق والغرب) وكلاب الداخل أخوتنا في الوطن ..الذين أهديتهم ما لا يستحقٌونه من عزّةٍ وكرامة ..!!

ايها السيد المجلل ببهاء الأنبياء ، عام وأكثر قد مضى ولم أعتد على غيابك .. عاد أيلول ورحل

وما زلت أسأل ..أوحقاً متّ..؟؟نعم هو يقين ولكنني سأظل أنتظر ..أدمنت الإنتظار ..أخفف ألم الغياب بانتظار المستحيل..!!

أه يا سيد نحن لسنا على ما يُرام..

مذ غبت عن أعيننا إنهارت الدنيا فوق رؤوسنا ..وكل شيء تغيّر .. وكأنك وحدك وبأصبعك الساحر كنت تضبط إيقاع عالمنا وتحفظ توازنه..كإلهٍ من أساطير الأغريق..مثل أطلس الذي يرفع قبة السماء على كتفيه..

ومنذ أرتقيت ، إنقلبت الدنيا، بيعت سورية وسقطت دمشق .. وسقطت معها الأقنعة عن وجوه الحلفاء..وأبالسة الوطن الذين أخرَسْتَهم نبتت ألسنتهم المقطوعة وظهروا على وجه الأرض من جديد..

أيها الجميل كأمنية تحققت وأختطفها الموت ..وحلمنا العربي الذي أغتالته يد الغدر..

أيتام نحن من بعدك.. نحِنٌ لنور وجهك، نشتاقُ لنبرة صوتك ، للثغة راء محببّة في كلماتك ..لخطابك الذي ينزل برداّ وسلاماً على قلوبنا فيبدد قلقنا، ويطمئن نفوسنا..لإيمانِ يضيئ من محيّاك..

أيها الكائن السماوي ، أشهد أنك وحدك من أنتشلتنا من جاهلية الفكر الغربي الذي أستنزف من عمرنا سنوات وسنوات وصدّقنا نظرياته، وآمنّا بشعاراته البراقة التي لم توصلنا إلى يقين ..كنا نبحث عن الحقيقة ،وعن الحرية وعن العدالة وعن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، عن جنّة للفقراء الكادحين .. عن إشتراكية ظننا أنها إختراع غربي وهي في تراث أئِمّتنا الأطهار .. عن مُثُلٍ عُليا وقيَمٍ نبيلة أفتقدناها في ظل أنظمة مستبدّة ومتخاذلة ..!!

وأتيت يا سيد، مجللا بإيمانٍ جميل.. بنور ٍ تسلل من عمق جرحك الكربلائي فأضاء عتمة قلوبنا الثائرة والحائرة ..ومعك أدركنا أن الدين ليس أفيون الشعوب بل هو هدى للبشر ،وثورة على الظلم، واستشهاد من أجل الحق . أعدتنا إلى جوهر الدين الذي أبعدنا عنه جلاوزة الدين وشيوخ الفتاوى (الأفيونية) المضللة..ووكلاء الله على الأرض..!!

ورأينا في بهاء وجهك عظمة محمد، ومحبّة المسيح وإنسانية علي بن أبي طالب، وحلم الحسن وثورة الحسين وإيمان زين العابدين، وحكمة جعفر الصادق ..

قُدْتَ خُطانا وأعدتنا إلى الله وأعدت الله إلينا..

وفي ظل عباءَتِك عرفنا الأمان والإيمان .. ومن عبق انتصاراتك زهونا بالكرامة ..يا من أشرقت كشمس ساطعة، أحيَت فينا الأمل ..وذكّرتنا بمجد العرب..

يا ابن السلالة المنذورة للشهادة ..

يا وارث النصرين خيبر وكربلاء

قد كنا نؤرِّخ أيامنا على وقع انتصاراتك والآن نؤرخها على زمن شهادتك ..وأصبح تاريخنا ما قبل السيد وما بعد السيد.. فأنت تاريخنا ..ماضينا وحاضرنا ونهج مستقبلنا..

ومع روحك الساكنة

وجداننا سنواصل أحلامنا بالنصر ونواصل الألم ونواصل تقديم الشهداء ..وسننتصر

فنحن لا نهزم حين ننتصر ننتصر ، وحين نُستشهد ننتصر..

*هيام وهبي*