المملكة العربية السعودية / الرياض 13 من أيار 2025 جاءت تلك الزيارة الإمبراطورية المشهد و الحفاوة الغير مسبوقة بحمامة السلام العالمي (عبر القوة) الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصل على جناح التفاؤل بشأن إمكانية تطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل(دخولها القفص الإبراهيمي ) ولكن لم تتحقق تلك الامنية رسميا وعلنيا أقله ، وغير مرجح أن يحدث ذلك خلال زيارة محمد بن سلمان للبيت الأبيض في 18 من الشهر الحالي وهي الزيارة الاولى إلى واشنطن منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018م، والذي أثار ردود فعل عالمية واسعة على الرغم من نفي محمد بن سلمان تورطه المباشر) . فإقامة علاقات دبلوماسية و تطبيع مع الكيان في هذا الظرف يقلب المشهد السياسي في الشرق الأوسط راس على عقب و يطبق النفوذ الأمريكي الاسرائيلي على أنفاس المنطقة ، لكن ترامب بدفع من نتنياهو و اللوبي اليهودي سوف يصر على ان تنضم المملكة العربية السعودية قريبًا إلى الدول العربية والإسلامية الأخرى التي وقعت اتفاقيات إبراهام عام 2020، إلا أن المملكة العربية السعودية رسميا أشارت إلى أنها لن تمضي في التطبيع العلني الرسمي إلا في حال اتفاق واضح بشأن قيام الدولة الفلسطينية ، ومع معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القاطعة لقيام دولة فلسطينية ، حاليا المملكة العربية السعودية لن نزل عند ترامب بالتطبيع رغم أنه واضح ان لا تنازلات من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل في القضية الفلسطينية في الوقت الحالي. المملكة العربية السعودية تسعى خلال الزيارة إلى توافق في المواقف مع الإدارة الأمريكية خلال المباحثات قبل الإدلاء بأي تصريحات علنية تجنبها الاحراج بشأن ذلك و هناك أوساط تؤكد ان محمد بن سلمان يسعى للحصول على دعم أمريكي أقوى لقيام دولة فلسطينية
للتذكير فإن كل من الإمارات والبحرين والمغرب (رئيس صندوق دعم القدس) وقعوا مع إسرائيل اتفاقيات إبراهام ، دون ذكر شيء يشير إلى طلب قيام دولة فلسطينية ، لكن الرياض بموقعها المعنوي في العالم الإسلامي لن تقدم على هكذا خطوة تؤدي إلى تداعيات ضخمة في حال تخطت حل ما للقضية الفلسطينية والاعتراف بإسرائيل. وكذلك لأسباب مرتبطة بالأمن الوطني السعودي وحل النزاعات الإقليمية بدء من اليمن كما هناك انعدام الثقة تجاه إسرائيل التي تعتبر نفسها سيدة المنطقة اليوم و بعد الهجوم على قطر اليد اليمنى لامريكا و اسرائيل في المنطقة والشرق الاوسط، وبعد العدوان العسكري الوحشي الإسرائيلي على غزة بعد عملية طوفان الأقصى التي قاده جناح حماس العسكري في 7 تشرين الأول 2023. وهو ما أشارت إليه “ منال رضوان”- المسؤولة في وزارة الخارجية السعودية ، إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة واتخاذ خطوات أخرى لتسهيل قيام دولة فلسطينية وهي شروط أساسية لمزيد من التفاهم الإقليمي ، ثم ان هناك مستجد لا يقل أهمية و يتمثل بالوضع السوري والتنافس التركي مع السعودية في كواليس الدبلوماسية الدولية ، واعتقد الرياض قد تتقبل العامل الإسرائيلي وحتى الاتفاق معه في المسألة السورية لان المال لا يكفي بحد ذاته فهو بحاجة لقوة عسكرية داعمة على الأرض حاضرة على الارض في مواجهة النفوذ التركي العسكري الأمني المباشر و بيت ماله القطري (الإسلام السياسي) ، إنه صراع خفي يدور على (الصيدة) وسوف تجري مساومة على الموضوع مع ترامب في الحالة السورية و له كلمة الفصل ،لانها فرصة تاريخية لمد نفوذ شبه الجزيرة و قريش على بلاد الشام ، كما انه الحلم القديم الجديد للباب العالي ايضاً و يتقدم هذا الأمر برأيي على الحل الفلسطيني في الاستراتيجية السعودية في الوقت الراهن ولا يمكن استبعاد تفاهم ضمني سعودي إسرائيلي يكفله ترامب.
اما السبب المباشر لزيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن هو مشروع التوقيع على اتفاقية للتعاون الدفاعي والاستثماري و تأكيد الدعم العسكري الأمريكي للمملكة العربية السعودية ، أمر حيوي بالنسبة لأكبر بلد مصدر للنفط ومع ذلك فقد تم خفض سقف هذه الاتفاقية من شاملة ملزمة سعت إليها السعودية في البداية إلى مستوى الاتفاقية الموقعة مع النظام القطري ومن ضمنها التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة ، لكنها لن ترقي الى مستوى اتفاقية دفاع على غرار حلف الناتو خاصة بعد انحسار التهديد الإيراني و التي سعت الرياض من خلاله للحصول على ضمانات أمريكية بعد العدوان الإسرائيلي الأخير ، من جهة اخرى هكذا معاهدة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وهذا غير واقعي، خاصة بعد موقف الرياض رفض التطبيع مع إسرائيل ، إضافة لشروط تحددها واشنطن للرياض لا تقل أهمية ، و منها عدم الذهاب بعيدا بعلاقاتها مع الصين ، و الاهم تعزيز التعاون العسكري مع الولايات المتحدة ، من خلال شراء الأسلحة بصفقات مليارية مليارية وهو ما يهم ترامب و المجمع العسكري الأمريكي بعد إفراغ مخازن المملكة نتيجة حربها على اليمن التي دامت خمس سنوات وهو امر مؤكد ومن خلال هذه الصفقة محاولة شراء ضغط ترامب على النظام السعودي بشأن عقد صلح من تل أبيب في الوقت الراهن واقناع الإدارات الأمريكية المستقبلية برفع مستوى هذه الاتفاقية إلى معاهدة الزامية ، من شأنه أن يوفر الاستقرار والحماية للنظام السعودية و المنطقة و هذا لايمكن الوصول إليه إلا بموافقة تل أبيب و الثمن معروف ، ايضا مستحق مهما تم تأجيل فاتورته .