لم أتعود أن أجامل أحدًا مهما كان منصبه ومهما كانت أهميته، إلاّ أنّ ما جاء على لسان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في وصفه لوضعية بعض اللبنانيين يستلزم منّا التعاطي، باحترام للموقف الذي أعلنه، وخصوصًا في توصيف فئة من اللبنانيين لا يهمّها إلا مصالحها، حتّى لو كانت على حساب وحدة اللبنانيين، وهو السـلاح الأهم الذي يمكّننا من مـواجهة أعداء البلد، كما لا بدّ من توثيق الموقف المتوازن للرئيس الذي لا يعني نقده لفئة من اللبنانيين أنّه منحاز لفئة أخرى.
بنبرة فيها الكثير من الغضب والكثير من الشفافية خاطب رئيس الجمهورية جوزف عون وفد نقابة المحررين عندما قال لهم إن بعض اللبنانيين الذين يزورون واشنطن ينقلون صورة خاطئة ويمارسون الكثير من التضليل في نقلهم للوضع، وممّا قاله حرفيًا وبالصوت والصورة لمقطع انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي: "بعض اللبنانيين الذين يزورون أميركا ويبخّون السم بعضهم على بعض، هم الذين ينقلون الأخبار الكاذبة، وإنّ المسؤولين الأميركيين يقولون لنا أنتم اللبنانيين لا ترحمون أنفسكم، وهناك مجموعة من اللبنانيين تشوّه الصورة ولا يقولون للأميركي حقيقة الوضع".
هذه المسألة ومسألة أخرى صارح بها الرئيس عون وفد نقابة المحررين حول عدم ورود رد أميركي حول رؤية لبنان للمفاوضات.
في الموضوع الأول، من راقب نبرة الرئيس عون كان واضحًا أنه يعبِّر بغضب عمّا يفعله بعض اللبنانيين.
نبرة الغضب فيها أيضًا ما يمكن أن نسمّيه عتبًا على سلوك غير سوّي للبنانيين المفروض أن يدافعوا عن بلدهم بعنفوان وكرامة لا أن يتصرفوا بما يُضعف موقف لبنان ويزيد في الانقسام القائم.
الرئيس عون أكّد على إيمانه بوحدة لبنان كوطن نهائي وعلى قناعته بأن توحد اللبنانيين على موقف وطني موحد هو الكفيل بحماية لبنان واستمراره وليس تشويه الحقائق ودس الدسائس.
وعندما يصف الفريق الذي يشوّه الحقائق بمن يبخ السم فهو توضيح لسلوك البعض وما كان للرئيس أن يصفهم بهذا الوصف لولا أن نتائج ما يفعلونه بتقديره وصلت إلى مرحلة إلحاق الأذى بلبنان واللبنانيين.
في هذا الجانب تبدو كلمات الرئيس عون دعوة طبيعية لوحدة اللبنانيين حول لبنان الوطن كجامع لكل اللبنانيين ربطًا بما يُحاك من دسائس ومؤامرات تستهـ.ـدف وحدة البلد وسيادته.
الملفت في كلام الرئيس عون وعلى الرغم من غضبه يندرج في خانة الإيمان بقدرة اللبنانيين وما يمكن للمستقبل أن يحمله من انفراجات، وهو ما جاء في سياق حديثه عن ضرورة التمسك بالأمل عامل أساسي من عوامل البناء، داعيًا إلى عدم ترك الإحباط يسيطر على نفوس اللبنانيين.
في كلامه عن الوضع العام وتحديدًا بما يرتبط بالجيش وحــ.ـزب الله يؤكد الرئيس أن مسؤولية الجيش كبيرة ومهامه معقّدة وعلى الرغم من عدم تناسب قدرات الجيش مع المهام الملقاة على عاتقه إلاّ أنّه ينفذ مهامه بأعلى مستوى من الانضباط والدقّة.
بما يخص حــ.ـزب الله يؤكد الرئيس عون أن الحــ.ـزب عسـ..ـكريًا لم يعد موجودًا جنوب الليطاني وأن كلّ ما تبثه وسائل الإعلام "الإسـ..ـرائيلية" وغير "الإسـ..ـرائيلية" هو تهويل وتضليل وأن ما يُشاع عن حـ..ـــرب قادمة فيه الكثير من التضخيم مع ضرورة عدم تحييد نوايا "إسـ..ـرائيل" الـ.ـعــ.ـدوانية.
في مسألة التفاوض يؤكد الرئيس عون أن التفاوض هو أمر مطروح وأن الكرة في ملعب الـ.ـعــ.ـدوّ "الإسـ..ـرائيلي" الذي لم يرد عبر الأميركيين على اقتراحات لبنان بخصوص التفاوض الذي يرغب "الإسـ..ـرائيلي" ومن خلفه الأميركي أن يكون تفاوضًا مباشرًا وهو ما لا يقدر لبنان عليه وأن السقف الأعلى للتفاوض هو على تنفيذ ما اتُّفق عليه بقرار وقف الأعمال العدائية.
يُدرك الرئيس عون وهو الذي قاد المؤسسة العسـ..ـكرية لسنوات أنّ أي تهوّر في إدارة الأزمة سيُلحق ضررًا كبيرًا بالجيش ولبنان وأنّ الأولوية هي حفظ المؤسسة العسـ..ـكرية كضامن لوحدة لبنان واللبنانيين.
يبقى أن نؤكد على أنّ المواقف الصادرة عن الرئيس عون كما مواقف قائد الجيش العماد رودولف هيكل هي مواقف متزنة ومتوازنة تنطلق من فهم دقيق للتركيبة اللبنانية ومن معرفة أكيدة بنوايا كيان الاحـ.ـتلال الـ.ـعــ.ـدوانية والدليل هو بدء الأميركيين بتحميل الدولة مسؤولية عدم القـ.ـضاء على حــ.ـزب الله وهي بمضمونها دعوات أميركية و"إسـ..ـرائيلية" واضحة لا لبس فيها.
هذه المواقف الواضحة والوطنية بمضمونها أدّت إلى أن يكشر الأميركيون عن أنيابهم ويذهبوا باتّجاه إلغاء مواعيد قائد الجيش في أميركا في سلوك يكشف نواياهم بممارسة ضغوط علنية وإرسال رسائل مكشوفة وليس مشفّرة وهو إن دلّ على شيء يدل على وضوح الصورة التي يريدها الرئيس والقائد جليّة وواضحة ترتكز على توضيح الوقائع ومواجهتها بالحقائق وليس بالدسائس.
ختامًا: أمام مواقف رئيس الجمهورية وقائد الجيش كلّ اللبنانيين مدعوون للتوحد لإحباط مخطّطات الـ.ـعــ.ـدوّ وليس الذهاب إلى العواصم الغربية ومنها واشنطن لبخ السم وتمسيح الجوخ بما يؤدي إلى فوضى لا نريدها ولا يريدها الرئيس وقائد الجيش.