يكشف العلم يوماً بعد يوم أسراراً جديدة عن الدماغ البشري، وآخر ما وصل إليه الباحثون هو أن الأحلام ليست مجرد صور عشوائية نراها خلال النوم، بل عملية عقلية معقدة ومنظّمة أكثر مما نتصور.

ففي دراسة حديثة لعام 2025، قام علماء في جامعة شيكاغو بتحليل مئات الأحلام باستخدام برامج ذكية. وكانت المفاجأة أن الأحلام لها بنية واضحة ولغة داخلية منسَّقة، تشبه الطريقة التي يربط بها العقل بين الأحداث في الواقع. وهذا يعني أن الدماغ، حتى وهو نائم، يستمر في العمل ومعالجة المعلومات.

وتوضح دراسات أخرى أن بعض الأشخاص يستطيعون إدراك أنهم يحلمون والتحكم بما يحدث داخل الحلم، وهي ظاهرة تُسمّى “الأحلام الواعية”. وبيّن العلماء أن دماغ الشخص الذي يملك هذا الوعي يعمل تقريباً كما لو أنه مستيقظ، وهو ما قد يساعد مستقبلاً في علاج القلق والكوابيس.

ومن الاكتشافات المهمة أيضاً أن الأحلام لا تحدث فقط في مرحلة “حركة العين السريعة” كما كان يعتقد العلماء لعقود، بل يمكن أن تحدث أيضاً في مراحل النوم الأخرى. وهذا يشير إلى أن الدماغ يقوم بأدوار متعددة خلال الليل، بعضها يتعلق بالذاكرة، وبعضها يتعلق بالمشاعر، وبعضها يتعلق بترتيب ما حدث معنا خلال اليوم.

هذه النتائج تجعلنا ننظر إلى الأحلام بطريقة مختلفة تماماً. فبدلاً من اعتبارها مجرد “قصص غريبة” يختلقها الدماغ بلا هدف، يبدو أنها جزء من عملية عقلية تساعدنا على فهم أنفسنا، والتعامل مع المشاعر، وتثبيت الذكريات.

ورغم أن العلماء لم يصلوا بعد إلى تفسير نهائي يشرح لماذا نحلم، إلا أن ما نعرفه اليوم يؤكد أن الأحلام ليست لغزاً بلا معنى، بل نشاط ذكي يقوم به الدماغ طوال الليل، وربما أكثر أهمية مما كنا نعتقد.