م. ميشال كلاغاصي
21/11/2025
- خاص / موقع إضاءات
بالأمس، قدمت الولايات المتحدة والرئيس ترامب "خطة السلام الجديدة" إلى أوكرانيا والرئيس زيلينسكي كإنذار أخير، تضمنت 28 بنداً أقرب ما تكون شروطاً صارمة، وبات عليه إما التوقيع عليها أو وقف المساعدات والتفكير بمصيره ومستقبله السياسي، وبالفعل قام وفدٌ أمريكي بتسليم الخطة للرئيس الأوكراني ، الذي سارع لمخاطبة الشعب الأوكراني والعالم، عبر خطاب متلفز، أبدى فيه استعداده للعمل بهدوء وبطريقة بناءة مع الولايات المتحدة وجميع الشركاء لإيجاد الحلول، وكشف رغبته بإجراء التعديلات على الخطة لضمان مراعاتها لـ "شرف وكرامة الأوكرانيين".
وأثنى في خطابه، على فولاذية وصلابة الأوكرانيين، وأكد أنهم يواجهون أصعب الأوقات والضغوط في تاريخهم، وأنهم بصدد خيارات صعبة، ما بين خسارة الكرامة أو التهديد بخسارة الشريك الأمريكي، وما بين النقاط الـ 28 الصعبة، أو مواجهة الشتاء القاسي"، وما بين رفض التخلي عن الحرية والكرامة، وما بين القبول بالتخلي عن العيش بدونهما والثقة في العدو ثانيةً.
وأردف بأنه من الضروري لنا حماية سيادة مواطنينا واستقلالهم وحقوقهم، وألاّ تغفل خطة السلام كرامة الأوكرانيين وحريتهم، وسنعمل بهدوء وبطريقة بناءة مع الولايات المتحدة وجميع الشركاء لإيجاد الحلول، مؤكداً أنه "سيقدم الحجج ويقنع الشركاء، وسيقترح البدائل، ويحرم العدو من مبررات اتهام أوكرانيا برفض السلام، وتعطيل خطة ترامب، متعهداً ببذل كل ما في وسعه لضمان انتهاء الحرب، وعدم زوال أوكرانيا وأوروبا والسلام العالمي".
وبأنه على العالم الإعتراف بصمود الشعب الأوكراني أمام أحد أكبر جيوش العالم لأربع سنوات، رغم خسارة الأحبة يومياً، معتبراً أن الإرادة الصلبة لا تدوم إلى الأبد، ودعا الأوكرانيين للإتحاد وراء الدولة والبرلمان، و"العودة إلى رشدهم ووقف المشاحنات والألعاب السياسية"، مؤكداً خشية العدو (روسيا) من وحدة الإوكرانيين وليس من أسلحتهم.
من الواضح أن زيلينسكي تعمد أن يكون خطابه عاطفياً في مفرداته، غامضاً في مضمونه، تفوح منه رغبته بإجراء التعديلات التي قد يرفضها الأمريكيون والروس، كذلك محاولاته لإمتصاص غضب الشارع الأوكراني من مجمل سياساته الخارجية والداخلية، وفضائح الفساد الأخيرة، وإحتمالية إدانته ومحاسبته على حربٍ عبثية تسببت بتدمير البلاد، وبمقتل اّلاف العسكريين والمدنيين الأوكران، لذلك أراد إبعاد الأنظار، والتصويب نحو عدو واحد لجميع فئات الشعب، ووجه سهامه نحو روسيا كعدو أوحد ووحيد.
لم يعلن زيلينسكي رفض الخطة علناً، لكن لن يكون من الصعوبة بمكان إكتشاف رفضه الفعلي لها، وإتجاهه نحو العراقيل مجدداً تحت عنوان التعديلات، كذلك إشاراته الواضحة لتمسكه بالسلطة، وعدم نيته التخلي عنها، رغم رجحان كفه منافسه الوحيد حالياً، القائد العام السابق للقوات الأوكرانية، والسفير فوق العادة المفوض لدى المملكة المتحدة، فاليري زالوزني، المقبول أمريكياً وأوروبياً، والذي يحظى بتأييدٍ شعبي كافٍ لقيادة المرحلة، وإنهاء الحرب، والمضي قدماً نحو استعادة استقرار أكرانيا.
في وقت يبدي فيه عدد من الدول الأوروبية رفضهم الحذر لخطة ترامب - بوتين، ويحاولون العزف على أوتار التعديلات، وخصوصاً بما يتعلق ببنود نقل أراضي "دونباس" إلى السيادة الروسية، ونزع سلاح كييف الصاروخي، ووصفهم الخطة بأنها مصممة على أساس الاستسلام الفعلي لأوكرانيا وليس على أسس إحلال السلام.
يبدو أنه من الواقعية اعتماد تسمية "خطة "بوتين – ترامب للسلام"، خصوصاً وأنها ولدت ونوقشت في قمة اّلاسكا - بحسب الرئيس بوتين، الذي قام اليوم بزيارة الى مركز قيادة المجموعة العسكرية "الغربية"، مرتدياً البذة العسكرية، والتقى رئيس الأركان "غير اسموف"، من حيث تم إعلان تحرير كوبيانسك، في رسالةٍ جديدة مباشرة، من شأنها تكريس إعلان إنتصار روسيا الميداني، ووصف في الوقت ذاته نظام كييف بأنه "جماعة إجرامية اغتصبت السلطة وتتمسك بها لتحقيق ثروات شخصية"، في محاولة لتعرية زيلينسكي وأوليغارشيي السلطة، وبأنهم "لا يفكرون في مصير مواطني أوكرانيا وعناصر القوات المسلحة، مؤكداً المضي نحو تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة دون قيد أو شرط، بما يعزز رغبة بوتين بإزالة زيلينسكي عن المشهد.
م. ميشال كلاغاصي
21/11/2025