كتب الأستاذ حليم خاتون:
إلى أن يفرجها الله، تزف المقاومة شهيدا صبورا جديدا...
احتفلت إسرائيل منذ أيام بوصول طائرة الشحن العملاقة رقم ألف تحمل من السلاح والعتاد للكيان الصهيوني ما يزيد كثيرا على كل ضجيج إعادة بناء القدرات التسليحية عند المقاومة التي لن تستطيع تعويض ما سُلّم بغباء لجيش أورثاغوس جنوب الليطاني، بينما المطلوب واحد فقط: إعادة امتلاك قوة القرار واعتماد استراتيجية جديدة تقوم على رشق البيوت الزجاجية لهذا النظام الدولي بالحجارة...
في الوقت الذي لا يتوقف العزف على إسطوانات مشروخة حول الحق والقانون، يصل من أميركا إلى جهات الفتنة في لبنان عبر كل المرافق والمطارات ما يكفي من السلاح والعتاد لكي يتم في اللحظة المناسبة شن الحرب الأهلية على المقاومة الحريصة أكثر من اللزوم على سلم اهلي مزيف مع جماعات الجولاني في لبنان، وجعجع ومن لفّ لفهما...
الغريب في كل ما يجري أن القوي يلعب دور المجنون بينما يبدي الضعيف حرصه الشديد على العقلانية...
توقفوا عن الصياح...
لا نريد رؤية أي واحد منكم على الشاشات بعد اليوم..
لا نريد أن نسمع أن قياداتكم تخرج وتذهب وتأتي كأننا نعيش حياة طبيعية...
وفّروا التهديدات إلى حين تمتلكون قرار القتال فعلا لا قولا...
أصلا، لا نفهم لماذا يتواجد قائد جهادي كبير من الجيل السابق فوق الأرض...
كل المطلوب منكم العمل بصمت تحت الأرض إلى أن تحين الساعة...
دعوا أميركا تحتار...
دعوا جوزيف عون يحاول بناء دولة لن تسمح أميركا ببنائها...
دعوا نواف سلام يفاوض من داخل قفص فهو عاجز عن الحصول حتى على حفاض نظيف ومصاصة...
من يريد أن يقاوم، يلتزم الصمت في وقت العجز، ثم يخرج ويضرب حيث لا يتوقع فرعون الجديد الضربة...
لذلك، "عِيرونا سكوتكم لو سمحتم"!!!...
وفقا للبروفيسر فواز جرجس من لندن؛ عاد العالم إلى العصور الامبريالية من القرن الماضي وما قبل الماضي...
تتقاسم الدول العظمى العالم دون حتى قبول سماع أي صوت من أصوات الضحايا...
البروفيسور جون ميرشايمر يزيد على ذلك قائلا إنه أصيب بالذهول عندما وجد مجموعة الدول العربية والإسلامية ترفض المشروع الروسي لغزة الذي كان يؤمن الحد الأدنى من القليل القليل من حقوق الشعب الفلسطيني وتصطف السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان خلف مشروع ترامب الذي لا يختلف إثنان على أنه مشروع أميركي اسرائيلي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية...
ثم تضيف مقدمة البرنامج سائلة عن مواقف الصين وروسيا والجزائر فيجيب البروفيسور أن الجزائر كان قمة الصدمة لديه...
هو لا يستطيع فهم موقف الجزائر؛ لكنه يفهم أن يمتنع الروس والصينيون عن التصويت بعد غياب اي وجود عربي أو إسلامي إلى جانبهم؛ حينها قررت روسيا والصين عدم الصدام مع ترامب طالما أن محمود عباس نفسه وسلطة رام الله غير عابئة بمصير الشعب الفلسطيني...
يجري كل هذا بينما يجبر ترامب الصين على بيع تيك توك لإسرائيل والإمارات التي تلعب دور الجوكر الإسرائيلي بامتياز...
يجري كل هذا بعدما تم تهديد كل الجامعات الأميركية بوقف الدعم الحكومي إذا خرجت مظاهرة واحدة فقط لتأييد فلسطين، ويقوم أغنياء اليهود الصهاينة بفعل اللازم لاستعادة الشارع الأميركي حتى لو نجح ممداني بالصدفة، بينما نرى طوم حرب يهدد وطنه الأم لبنان بعظائم الأمور إن هو لم يطأطأ رأسه لإسرائيل، ويهرع مسعد بولس إلى السودان للعمل على تقسيم هذا البلد بين جواسيس إسرائيل والإمارات من جهة وجواسيس السعودية ومصر من جهة ثانية...
على المقلب الآخر، يعطي ترامب أوكرانيا على طبق من فضة إلى روسيا وفق خطة من ٢٨ بندا تشبه في المضمون خطة غزة...
لأول مرة لا ينقسم العرب والمسلمون حول خطة ترامب في أوكرانيا...
النظام الرسمي العربي والإسلامي ممثلا بتميم القطري، واردوغان التركي، يلهث لتمرير خطة ترامب في أوكرانيا...
وهذا مفهوم...
أما أن يتسابق الإعلام المقاوم في الحماس لصفقة أوكرانيا والفرح الكثير لهزيمة الأطلسي الصورية أمام روسيا،
هذا قمة الجهالة، والسبب أن هذا ليس إلا تنفيذا لصفقة ديرمر التي كنا نعتقد إنها تقوم على مبادلة سوريا بأوكرانيا، فإذا بالأمور تتضح أكثر ويتبين أن احتمال مصير النظام في إيران ومنع روسيا من دعمه هو أحد البنود في صفقة ديرمر...
يتحدث البروفيسور ميرشايمر عن نزعة ترامب للتفاهم فقط مع الأقوياء تحت نظرية السلام بالقوة...
وهذا ما يدفع للتساؤل حول الغباء الإيراني الذي لا يتعامل مع ترامب بنفس الندية والقوة التي يمتلك، ويصر على لعب دور الأرنب...
لم يفعلها قبلا؛ ولا يفعلها اليوم...
عقد ديرمر الصفقة مع روسيا وتركيا بحيث تحصل الأولى على انتصار في أوكرانيا وتحصل الثانية على استسلام حزب العمال الكردستاني..
قبل حرب ال ١٢ يوما بين إيران وإسرائيل سرت شائعات حول رفض الروس تزويد إيران بطائرات سو ٣٥ بحجة حاجتهم اليها في الحرب مع الأطلسي في أوكرانيا...
لكن هذا لم يمنع الروس من تسليم هذه الطائرات للجزائر حيث لا يتهدد أمن إسرائيل...
بعد حرب ال ١٢ يوما، سرت شائعات حول تسليم روسيا لاسرائيل وأميركا معلومات استخباراتية تتعلق بشبكة الدفاع الجوي الإيراني وهو ما أدى إلى نجاح إسرائيل في تدميرها في اليوم الأول للحرب...
هذه ليست المرة الأولى التي تقف فيها روسيا لمصلحة إسرائيل...
فقد فعلها يلتسين وغورباتشوف حين اعطوا الاميركيين كل خرائط العراق العسكرية ما سمح للأميركيين بتدميرها في الغارات الأولى والسيطرة على العراق وملاحقة صدام حسين في الحرب التي شُنّت على هذا البلد...
ناهيك عن خداع عبد الناصر من قبل السفير السوفياتي عشية الخامس من حزيران ٦٧...
مر وقت وعاد ترامب عن موقفه الأولي الذي انتقد فيه زيلينسكي وطالبه بإنهاء الحرب والخضوع لروسيا...
شعر ترامب إنه لم يعد مازما بتسليم أوكرانيا وقامت إسرائيل بتسليم كييف منظومات صواريخ باتريوت...
عندها عرف الروس انهم تعرضوا للخداع... راجعوا ديرمر الذي قدم استقالته احتجاجا؛ لكن الأميركيين وإسرائيل كانوا قد قرروا أنهم حصلوا على كل شيء من روسيا وأنهم باتوا في حل من وعد تسليم أوكرانيا...
مباشرة بعد سقوط سوريا، تجاهلت أميركا روسيا فعادت الأخيرة للتلويح بدعم إيران...
خاف الاميركيون وقرروا كالعادة دفع الفاتورة الأوكرانية لموسكو طالما أن هذا يجري من جيب الأوروبيين وليس من جيبهم...
أما إسرائيل؛ فطالما أن العرب تحت نعل حذائها والإيرانيون لا يريدون الخروج عن عقلانية الفاشل فهي تفعل ما تريد حتى لو ملأ النباح كل المواقع...
لذلك؛
مرة أخرى،
"عيرونا سكوتكم؛"
انزلوا تحت الأرض؛
لا تطلعوا إلا حين تعود الروح الحسينية إلى أجسادكم...
المطلوب واحد فقط:
الكفاح المسلح وتمزيق كل القرارات وتهديد السلم الدولي المزيف القائم على عبوديتنا...
نكون او لا نكون...
هنا المعادلة!