بيت جن… المسمار الأول في نعش مشروع نتنياهو وأيتامه في سوريا ولبنان
مقالات
بيت جن… المسمار الأول في نعش مشروع نتنياهو وأيتامه في سوريا ولبنان
حسن علي طه
28 تشرين الثاني 2025 , 20:11 م

بقلم حسن علي طه

ليلة أمس تحوّلت قرية بيت جن الدرزية إلى عنوان جديد مربك لإسرائيل. فالقرية، التي تُعرّف بأنها درزية، وثانيًا سورية عربية، شهدت حدثًا هزّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بعد تعرّض دورية لجيش الاحتلال لكمين نفّذه أبناء الطائفة الدرزية، في مشهد أعاد رسم الكثير من الخطوط التي راهن عليها نتنياهو في سوريا ولبنان.

أولًا: بيت جن المسمار الأول لاسقاط مشروع العدوّ الرامي إلى جرّ الدروز نحو نموذج «جيش لحد» جديد. فالمخطط القائم على إنشاء كانتون يخدم الأمن الإسرائيلي على تخوم فلسطين تلقّى ضربة قاصمة، بعدما دفعت الطائفة ثمنًا باهظًا من الشهداء في الأشهر الماضية، فكان الردّ من داخل الطائفة نفسها: لا اصطفاف خلف إسرائيل، ولا حماية لمشاريعها.

ثانيًا: محاولة استثمار مجازر السويداء التي ارتكبتها مجموعات ظلامية منتصف العام لإحداث شرخ بين مكوّنات المجتمع السوري، وتصوير إسرائيل كـ«الملاذ الآمن» للدروز، سقطت بدورها. فجاء مشهد دمشق اليوم بمسيرة شعبية ضخمة ويافطات : "بيت جن بترفع الرأس"، إعلانًا واضحًا عن موقع الدروز الطبيعي داخل نسيجهم السوري.

ثالثًا: ما جرى يفتح سؤالًا مقلقًا لإسرائيل: هل نكون أمام ولادة نمط مقاومة مسلّحة على الأراضي السورية؟ السيناريو ليس بعيدًا، والتاريخ يذكّر برصاصات مسدس خالد علوان عام 1982 في شارع الحمرا ببيروت التي تحوّلت إلى كرة ثلج خرجت عن سيطرة الاحتلال، فدفعت إسرائيل ثمنًا باهظًا لاحقًا.هل تكون بيت جن الشرارة التي تكسر هدوء الجولان وبواباته.

رابعًا: رغم ما يروّجه نتنياهو عن «إنجازات» منذ طوفان الأقصى، فإن الوقائع تقول إن إسرائيل لم تستطع من تثبيت أي من إنجازاتها.

غزة نار تحت الرماد لبنان سلاحه باقي ولم يسلم لا بل أطلق رئيس حكومتها النار على قدميه حين اعتدى على طهران، وكاد يتحمّل أثمانًا كارثية لولا تدخل النجدة الأميركي المباشرة. وما بدا «ردعًا» تبيّن أنه هشّ أمام أي مفاجأة، كما ظهر في واقعة بيت جن.

في المحصلة، ما حصل ليس حادثًا عابرًا. بل هو تحوّل سياسي وأمني يعيد خلط الأوراق في الجنوب السوري، ويضع مشروع نتنياهو في مواجهة ارتدادات قد تكون أكثر إيلامًا من كل ما واجهه منذ بداية الحرب. بيت جن لم تكن مجرد قرية في الجغرافيا أمس… بل كانت صفعة سياسية وعسكرية على وجه نتنياهو وبصوتٍ عالٍ.