تشهد الخطط البشرية لإقامة قواعد ومهام طويلة الأمد على القمر تقدّما مهما، مع تسجيل خطوة جديدة نحو استخدام الموارد المحلية في البناء خارج الأرض. فقد نجحت عينات من طوب مصنع من مواد تحاكي التربة القمرية في اجتياز أول تجربة فعلية في بيئة الفضاء القاسية، مما يعزز فرص إنشاء بنى تحتية قمرية تعتمد على مواد محلية منخفضة التكلفة وعالية المتانة.
عودة عينات الطوب بعد عام في الفضاء
عادت دفعة من الطوب التجريبي المصنوع من «محاكاة التربة القمرية» إلى الأرض بعد قضاء عام كامل في بيئة الفضاء المفتوح. وصلت العينات على متن المركبة الفضائية "شِنْشُو-21"، وذلك بعد تجربة استمرت سنة على منصة خارجية في المدار.
ووفقا للتحليل الأولي، فإن الطوب حافظ على سلامته البنيوية، ما يشير إلى تحمله لأقسى الظروف: إشعاعات مستمرة، تغيرات عنيفة في درجات الحرارة، وفراغ الفضاء.
كيف تم إرسال المواد إلى الفضاء؟
في نوفمبر 2024، نقلت المركبة الفضائية "شِنْشُو-8" نماذج تحاكي التربة القمرية إلى المحطة الفضائية الصينية، هناك قام رواد الفضاء بصنع 74 قالبا صغيرا منها، تم تثبيت عدد منها على منصة خارجية لتعرّضها للفضاء مباشرة.
ويؤكد العلماء من جامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا أنّ التجربة تمتد لثلاث سنوات، حيث ستعود دفعة من العينات كل عام لتحليل تأثير الفضاء عليها عبر الزمن.
تربة قمرية … من بركان على الأرض
بناء طوب قمري ( مصدر الصورة: يوتيوب )بناء طوب قمري ( مصدر الصورة: يوتيوب )
تم تطوير "النموذج القمري" باستخدام رماد بركاني من جبل تشانبايشان شمال شرق الصين، لكونه مشابها جدا لتركيب التربة القمرية الحقيقية (الريغوليث).
وباستخدام طريقة الضغط الساخن، صُنعت قوالب ذات خصائص مميزة:
كثافة مماثلة للطوب التقليدي.
قوة ضغط تزيد بثلاث مرات عن الطوب العادي.
قدرة على تحمّل وزن يتجاوز طنا لكل سنتيمتر مربع.
مقاومة لتقلبات حرارية من –190 إلى +180 درجة مئوية.
تحمّل الإشعاع الكوني المستمر.
هذه الخصائص تجعلها مرشحا مثاليا للبناء في بيئة القمر ذات الظروف القاسية.
تصميم ذكي يشبه مكعبات LEGO
لا يشبه الطوب القمري نظائره الأرضية من حيث الشكل، إذ يحتوي على شقوق وبروزات تجعل عملية البناء أقرب إلى تركيب مكعبات LEGO. هذا التصميم يسهّل التجميع في الجاذبية المنخفضة ويمنح الهيكل تماسكًا أكبر.
وفي المرحلة النهائية من البناء، تخطّط الفرق العلمية لاستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لزيادة متانة الهيكل وتحصينه ضد البيئة القمرية.
خطوة مهمة نحو استيطان الكواكب
سيستمر البرنامج البحثي لعدة سنوات، ومن المتوقع أن تساهم نتائجه في تطوير مواد بناء مناسبة للقمر والكواكب الأخرى. فمع نجاح المرحلة الأولى من الاختبارات، تبدو إمكانات بناء قواعد دائمة على القمر باستخدام الموارد المحلية أكثر واقعية من أي وقت مضى.