دراسة علمية تكشف اختلاف الأحلام مع التقدم بالعمر
دراسات و أبحاث
دراسة علمية تكشف اختلاف الأحلام مع التقدم بالعمر
30 تشرين الثاني 2025 , 13:05 م

تختلف أحلام الطفل الصغير عن أحلام البالغ أو الشخص المسنّ، ليس فقط في مضمونها، بل أيضاً في طريقة تذكّرها. ورغم أن من الشائع الاعتقاد بأن الأطفال يرون وحوشاً تحت السرير وأن البالغين يحلمون بضغوط العمل، فإن الأدلة العلمية حول تطوّر الأحلام عبر مراحل العمر ما زالت محدودة. ومع ذلك، بدأت الأبحاث الحديثة تكشف الكثير عن كيفية تغيّر أحلامنا مع نمو الدماغ وتقدّمنا في العمر.

لماذا تتغير الأحلام مع الوقت؟

يقول الدكتور جوليو برناردي، رئيس مجموعة أبحاث النوم والمرونة العصبية في مدرسة IMT للدراسات المتقدمة في لوكا بإيطاليا: "تعتمد الأحلام على أنظمة عصبية مرتبطة بالخيال والذاكرة والعاطفة، وهذه النظم تتطور وتُعاد هيكلتها مع التقدم في العمر."

ورغم وجود فرضيات قوية حول دور الشيخوخة في تغيير الأحلام، فإن الدراسات العلمية حول هذا الموضوع ما تزال قليلة بشكل مفاجئ

فرضية "الاستمرارية": أحلامنا مرآة لحياتنا

واحدة من أشهر النظريات حول تطور الأحلام هي فرضية الاستمرارية التي طُرحت عام 1971، وتقول إن أحلامنا تعكس ما نعيشه خلال اليقظة:

من يسترخي في إجازة قد يرى الشاطئ في نومه

من يشعر بضغوط العمل قد يرى نفسه في المكتب ليلاً

لكن هذه الفرضية لا تفسّر بالكامل لماذا تختلف طبيعة الأحلام بين الأعمار، بل توضّح فقط تشابه محتواها مع الواقع.

كيف تتغير الأحلام في كل مرحلة عمرية؟

1. الطفولة: أحلام بسيطة وواضحة

بحسب أبحاث رائدة أجراها عالم النوم ديفيد فولكس بين السبعينيات والتسعينيات:

أحلام الأطفال بسيطة وتحتوي على حيوانات وأشياء ثابتة

التفاعلات في أحلامهم محدودة وقصيرة

تفسيرهم لأحلامهم قد يكون غير دقيق لعدم اكتمال فهمهم لمعنى الحلم

2. المراهقة: أحلام أكثر حيوية ودرامية

مع الدخول في سن المراهقة، تزداد الأحلام:

وضوحاً وحيوية

وتكراراً

وتعكس التحولات العاطفية والاجتماعية

أحلام المراهقين الأصغر غالباً تتضمن:

السقوط

الهروب

المواجهة مع وحوش أو حيوانات

بينما يتجه المراهق الأكبر سناً إلى أحلام تعكس:

ضغوط المدرسة

العلاقات الجديدة

التحديات الاجتماعية

3. مرحلة البلوغ: أحلام واقعية ومعقّدة

يصبح محتوى الأحلام عند البالغين أكثر ارتباطاً بالحياة اليومية، مثل:

التأخر عن موعد مهم

تكرار محاولة إنجاز مهمة ما

مواقف عادية تحمل مستويات منخفضة من المشاعر

تقلّ العدوانية في الأحلام مقارنة بالمراهقة، لكن الأحلام الغريبة ما تزال موجودة لدى بعض الأشخاص.

4. الشيخوخة: أحلام أقل وضوحاً وأقل تكراراً

أظهرت الدراسات أن كبار السن:

يقلّ لديهم عدد الأحلام

ويزداد معدل "الأحلام البيضاء" (يتذكرون أنهم حلموا لكن دون تفاصيل)

يعانون من تراجع جودة النوم، مما يؤثر على طريقة تذكّر الحلم

ويشير الخبراء إلى أن قدرة الدماغ على الاحتفاظ بالتفاصيل تتراجع بطبيعة الحال مع العمر، مما ينعكس على الأحلام.

5. أحلام نهاية الحياة: رسائل مريحة ومطمئنة

في دراسات على مرضى الرعاية التلطيفية (Hospice)، تبيّن أن الكثير منهم يرون:

أقارب متوفين

أو رحلات وداعية

أو استعداداً "للسفر"

وتُعد هذه الأحلام مريحة وتساعد على تهدئة القلق في الأيام الأخيرة من الحياة، حيث يبدو أنها تعكس التأمل العميق الذي يمرّ به الإنسان عند اقتراب النهاية.

لماذا تختلف قدرة تذكّر الأحلام بين الأشخاص؟

يوضح الدكتور مايكل شرِدل، رئيس مختبر النوم في معهد الصحة النفسية بألمانيا:

"ما نعرفه ليس الحلم نفسه، بل تقرير الشخص عنه. والتذكر يختلف باختلاف العمر والذاكرة وحالة النوم."

العوامل المؤثرة تشمل:

جودة النوم

التغيرات الدماغية

القدرة على وصف الأحداث

الحالة النفسية

تتغيّر أحلامنا مع العمر بسبب التداخل بين تطور الدماغ، نوعية النوم، العوامل العاطفية، ونضج الذاكرة. من أحلام الطفولة البسيطة، إلى دراما المراهقة، إلى واقعية البلوغ، وصولاً إلى الأحلام الهادئة في نهاية الحياة، تبقى الأحلام مرآة معقّدة تعكس تطوّرنا النفسي والعقلي عبر الزمن.

المصدر: موقع Live Science