قطرة دم واحدة تكشف أسرار شخصيتك.. العلم يحسم الجدل
منوعات
قطرة دم واحدة تكشف أسرار شخصيتك.. العلم يحسم الجدل
1 كانون الأول 2025 , 13:32 م

تنتشر في الثقافة الشعبية والعلوم الزائفة فكرة تقول إن قطرة دم واحدة يمكنها الكشف عن طبيعة شخصية الإنسان ، سواء كان قياديا، أو مبدعا، أو عصبيا، وفي اليابان على سبيل المثال، تنتشر تقليعات مثل "كيستسو-إكي-غاتا" التي تربط بين فصيلة الدم وملامح الشخصية وحتى مدى توافق الأشخاص مع بعضهم، ويُستخدم هذا الاعتقاد أحيانا في اختيار الموظفين أو تقديم نصائح في العلاقات.

هل تكشف قطرة دم سمات شخصيتك؟

قد يتمنى البعض أن يمنحهم تحليل الدم “تقريرا نفسيا” يقول:

“أنت شخص مبدع، حساس، سريع الغضب، لكنك رومانسي من الداخل.”

غير أن الحقيقة العلمية مختلفة تماما.

يؤكد فيكتور أوفشيننيكوف، الباحث في معهد الليمفولوجيا السريرية والتجريبية، التابع لمعهد علم الخلايا والوراثة في فرع سيبيريا لأكاديمية العلوم الروسية، أن تحاليل الدم لا تحمل أي معلومات عن الشخصية أو الطباع. فوظيفتها الأساسية هي تقييم الحالة الفسيولوجية للجسم، not الشخصية.

ويقول: "تحليل الدم هو أشبه بجواز سفر تقني للبيئة الداخلية للجسم، ولا يحتوي على أي معلومات عن المزاج أو الإبداع أو النظرة للعالم."

وهذه أبرز مكوّنات الدم وما تخبرنا به فعلاً:

● كريات الدم الحمراء (Erythrocytes)

تنقل الأكسجين، وتشير نتائجها إلى الأنيميا أو الجفاف، لكنها لا تكشف إن كنت اجتماعيا أو منطويا.

● كريات الدم البيضاء (Leukocytes)

نظام الدفاع الداخلي ضد العدوى. مستوياتها تزداد عند الالتهابات أو التوتر، لكنها لا تحدد إن كنت عصبيا أو هادئا.

● الصفائح الدموية (Platelets)

تتعلق بتجلط الدم وخطر النزيف. لكنها لا علاقة لها بحب المخاطرة أو اتخاذ القرارات.

وماذا عن الهرمونات؟ ألا تعكس المزاج والشخصية؟

هذا هو الجانب الأكثر إثارة.

يشرح أوفشيننيكوف أن المشاعر والسلوكيات مرتبطة بالفعل بكيمياء الدماغ:

السيروتونين: يرتبط بالمزاج والاكتئاب والقلق.

الدوبامين: مسؤول عن الدافع والمكافأة.

الكورتيزول: هرمون التوتر.

التستوستيرون: مرتبط بالاندفاع والهيمنة والدافع الجنسي.

لكن المشكلة تكمن هنا:

تركيز هذه المواد في الدم لا يعكس عملها الحقيقي داخل الدماغ.

فالهرمونات والنواقل العصبية تعمل داخل المشابك العصبية، وهي أماكن دقيقة للغاية، ولا يمكن لقياس الدم أن يعكس ما يحدث بداخلها، يشبه ذلك كما يقول الباحث، محاولة فهم محادثة خاصة بين شخصين عبر الاستماع خلف باب مغلق وسط شارع مزدحم.

ثم إن مستويات هذه المواد متغيرة جدا خلال اليوم، وتتأثر بالمواقف اليومية، فلا يمكن اعتبارها “بصمة” ثابتة للشخصية.

ما الذي يحدد شخصية الإنسان فعلا؟

الشخصية ليست رقما في ورقة تحليل، بل مزيج معقد من:

الجينات

البيئة والتربية

الخبرات الشخصية

الأحداث المؤثرة

اللدونة العصبية (قدرة الدماغ على التغير وإعادة تشكيل وصلاته)

ويختصر أوفشيننيكوف الأمر بقوله:

"الشخصية وصفة معقدة وفريدة لكل فرد، تتشكل طوال الحياة ولا يمكن اختزالها بمجموعة أرقام في تحليل الدم."

على الرغم من جاذبية فكرة الحصول على “بروفايل نفسي” عبر قطرة دم، فإن العلم ينفي ذلك تماما.

تحاليل الدم أداة مذهلة للكشف عن الأمراض، لكنها لا تكشف اللطف أو القسوة، ولا الانطواء أو الانفتاح، ولا الجرأة ولا الحذر.

شخصيتك ليست معادلة كيميائية إنها قصة حياتك.

المصدر: Arguments and Facts