السادة أعضاء مجلسِ الشيوخ الأميركي الذين يدّعون حرصهم على لَبنان:
تحية وبعد.
أما وإنّكم أيُّها السادةُ أعضاءُ الكونغرس الأميركيِّ مُصِرّون على التّدخُّلِ في شؤونِ لبنان الدّاخليّة، فإنّنا نرى ، قبل أيِّ تصرُّفٍ آخر، أن نلفِتَ نظركم، إلى أنّ اللبنانيين هم لبنانيون، وليسوا أميرِكيين، وأنَّ لُبنانَ دولةٌ مُستقلّةٌ عُضوٌ في مُنظّمةِ الأُمَمِ المُتّحدة، وليس ولايةً أميركيةً، ولن يكون.
وإذا كنتم تحرَصونَ على لبنان، ولم نطلُب نحنُ اللُّبنانيين ذلكَ مِنكم، فإنّنا نشكُرُ غيرَتكم، ونطلُبُ منكم الكَفَّ عن مِثلِ هذِهِ الخُزعبلاتِ الشيطانية، التي تُسَمُّونها نصائح، لأنّنا، نحنُ اللبنانيين، نُقدِّمُ النّصائحَ للعالَم، بلا هيمنةٍ ولامِنَّة.
إنّ بعضَ اللبنانيينَ الّذين أتيتم بهم ليحكموا اللبنانيين، وهم لن يستطيعوا أن يفرضوا عليهم ما هو ضِدَّ مصلحةِ بلدهم، ولاهم قادرونَ أن يتّخِذوا قراراتٍ ضِدّ مصلحةِ أبناء بلَدِهم اللبنانيين، لأنّهُم ليسوا أميركيين، ولا أهلُ لبنان كذلك أميركيين، ليتصرّفوا كما تتصرّفونَ أنتم في بلدكُم ضاربين عُرضَ الحائطِ بمصالح الأميركيّين، مُقدِّمين عليها مصالِحَ اليهودِ الصّهاينةِ، لِأهدافٍ شخصيّة تتلخّصُ باحتِفاظِكُم بمواقِعِكم كأعضاء في الكونغرس، ولو أدى ذلكَ إلى إفقارِ الأميركيين دافعي الضرائب، وعجزهم عن متابعة عيشهم في بحبوحة، وتزرعُ الكراهيّةَ لهم في نفوسِ الشّعوبِ الأُخرى، الّتي لا ترضى بالهيمنة الأميركية بالقُوّة، وإن لم يتحرّكوا ضِدّكم خوفاً من بطشِكم وشَرّكُم، وشرُّ الناسِ مَن خافَهُ الآخرون لِشرِّه وبطشِه، لكنّهُم يَظَلُّونَ يتحيّنونَ الفُرَص للتّخلُّصِ منه.
إنّنا أيُّها السّادة أعضاء الكونغرس، لسنا بحاجةٍ إلى نصائحكم.
أمّا إذا كنتم تعتبرونَ أنفُسَكم وُسطاءَ، بين لُبنانَ الضّحيّة(المُعتدى عليه)، وبين المُجرمِ إسرائيل( المُعتَدِي)، فإنّنا لن نقبلَ وسيطاً غير َ عادلٍ، ولن يكونَ عادلاً في وساطته، إذ هو يُعلِنُ جهاراً نهارا، أنَّ ما يهُمُّه هو أمنُ إسرائيل، ولو على حِساب ِالسِّلم العالمي، فكيفَ تتوقّعونَ أن يرضى أحدٌ بوساطتكم، ونحنُ كذلك لم نطلُبها، فلِماذا تحشرون أنفكم في أمورٍ لم يُطلبْ مِنكم التّوسُّطُ فيها، فتكونوا غيرَ مُحترَمين.
أيُّها السّادةُ أعضاءُ الكونغرس.
نقول: نحنُ لم نطلُب وساطتكم، ولا نُريدُها، ولن نقبَلَ بِها، فمِنَ الأفضلِ لكم أن تبقوا في بلادكم، حتّى لا تسمعوا ولا تُلاقوا ما لا يُرضيكم، أو تكونوا أُناساً عاقلينَ عادلينَ غيرَ مُنحازين، كما يُفترضُ أن يكونَ الوسيطُ الّذي ينتدبُ نفسهُ، كما تفعلون، ليكون وسيطا، وأن تنظروا إلى الأمورِ بعينِ العقلِ الإنسانية الّتي ترى وتعرفُ كُلَّ ما يتعلّقُ بموضع الوساطة، وأنتم لستم كذلك، حتّى تُقبلَ وساطتكم.
كيفَ تتوسّطون بينَ مُعتَدٍ مُجرمٍ(إسرائيل)،مُحتَلٍّ أرضَ الفلسطينيينَ وبيوتَهم، ولا يعترفُ بقانونٍ دَولِيّ، ولا يُقيمُ وزناً لِقِيَمٍ أخلاقيّةٍ ولا إنسانيةٍ، باعتِرافِ العالَم، ومجلِسِ الأمنِ والأُمَمِ المُتَّحِدة، بوجودِ قراراتهم الكثيرة الّتي رفضت إسرائيلُ تنفيذَها، وآخِرُها القرار1701، ويعتدي على سُورِيّةَ، بلا أيِّ سببٍ، إلّا بذريعةٍ مُبتدعة تقضي بأنّهُ يُريدُ حمايةَ أمنِه، ودِفاعاً عن نفسِه المُجرِمة؟!!!
أيُّها السادةُ أعضاءُ الكونغرس الأميرِكي، كُفُّوا عَنّا جرائمَ إسرائيل، وأعيدوا إلى الفلسطينيين حقوقهم، وافرضوا على إدارتكم أن تفعلَ ذلك، ثُمَّ بعدَ ذلكَ تتحدّثون عنِ الوساطة، هذا إذا كُنتم تُريدونَ الوساطةَ حقّاً، وليسَ دعمَ إدارتكم في عُدوانيّتِها وفوقيَّتِها، ومُحاولاتِها فرضَ هيمَنَتِها على البشرِ بالقُوّة ، الّتي تُعجِبُونَ بِها، وقد فاتكم أنّها قَد تُفرَضُ عليكُم يَوماً ما،فكما يقول المثل:" أكثرُ مِنْ فِرعون لاأحد تفرعن"، وقِصّةُ هذا المثَلِ شائعةٌ ومعروفة، من مُعظم أبناء البشر، وهُم ينسونَها، لٰكِنَّهُم لن ينسوا خاتِمَتها الّتي يجِبُ ألّا ينساها عاقل.
إنَّ مصلحةَ أميرِكا هي في العدلِ، وليست في الظُّلمِ والِانحياز، وفي المحبّةِ وليست في الكراهية، وفي الرّضاءِ وليست في الإكراهِ الظالم، لِأنَّ هُناك إكراهاً عادلاً مُحبّباً، وغيرَمُستَنْكرٍ، هو إكراهُ الظالِمِ على ترك
ظُلمه.
كفّوا شروركم عنِ العالم، ودعوهُ يعيشُ بسلام، فبالحقِّ في الأرضِ مُتّسعٌ للجميع لو كانوا يعقلون.