الإمبراطورية الإسرائيلية وإمارات الأندلس
مقالات
الإمبراطورية الإسرائيلية وإمارات الأندلس
حليم خاتون
9 كانون الأول 2025 , 23:46 م

كتب الأستاذ حايم خاتون,,

ما أشبه أمس الأندلس بيوم الشام والعرب هذه الأيام...

بين إمارات وممالك الأندلس من جهة، وبين دول سايكس بيكو الكثير الكثير من الشبه في كل ما يعنيه الأمر من خسة ونذالة وقلة شرف وفقدان كرامة...

من ملوك وامراء ورؤساء الدول الإبراهيمية من جهة وصولا الى بشار الأسد؛ تتكرر الصور لتذكرنا بآخر أمراء الأندلس...

التاريخ لا يعيد نفسه، وإن فعل، تكون النتائج أكثر مسخرة وأكثر كاريكاتورية وأكثر مأساة مما سبق...

(لقد ارتكبت أميركا خطأ فادحا حين سمحت باستمرار العدوانية الإسرائيلية!)، هذا كان جوهر كلام الدكتور علي فياض مع الأستاذ عماد مرمل على شاشة المنار...

هذه هي الثقافة المنتشرة هذه الأيام في الكثير من قواعد حزب الله التي ترى ان سياسة أميركا تخطيء! (يا إخوان، هناك خطأ، وهناك خطيئة مقصودة)...

هذه هي بالفعل السياسة الاميركية تجاه منطقتنا وشعوبنا...

هل هناك سذاجة أكبر وأكثر من أن تطلق على السياسة العدوانية الأميركية صفة الخطأ!!!

هي ثقافة إن دلت على شيء، فهي تدل على مدى الطفولة في الفكر المقاوم، والسذاجة التي لم تفهم بعد أن ما يراه الدكتور فياض خطأ فادحا هو في حقيقة الأمر أمرا مقصودا من قبل أميركا وليس خطأ على الإطلاق...

في هذه النقطة تحديدا نرى كيف تتعامل أميركا وإسرائيل مع الوضع القائم في منطقتنا...

من وجهة نظر أميركا قبل إسرائيل،

هذه الحرب تشكل مفصلا مهما في قدرة أميركا على السيطرة على العالم منطقة، منطقة...

لذلك لن تتهاون أميركا ابدا في التعامل بحزم أكبر بكثير من الماضي مع حزب الله والمقاومات في منطقتنا...

ولذلك أيضا، نرى مدى تورط عملاء أميركا من اللبنانيين سواء اولئك الموجودين في لبنان، أو أولئك الذين ينظّرون على سمانا من أميركا ( آخر تحف المدعو توم حرب مطالبة إسرائيل بقصف وزارة الدفاع اللبنانية في اليرزة)...

ربما يتوجب علينا هنا ملاحظة مدى تطابق مصالح أميركا وإسرائيل مع مصالح البرجوازية الاحتكارية اللبنانية بكل فروعها الاقتصادية والمالية...

ليس من فراغ أن يذهب شارل جبور وبولا يعقوبيان وفادي كرم وطوني ابو نجم وغادة ايوب إلى المطالبة بمواجهة كامل الطائفة الشيعية وليس فقط حزب الله...

لقد كسر القرض الحسن البنى المالية اللبنانية المرتبطة بالاستعمار والتي سرقت ودائع اللبنانيين...

ما تمثله مؤسسات حزب الله الاقتصادية والاجتماعية والمالية من ثقل يسحب البساط من تحت أرجل أهل الاحتكار الذين زرعهم الاحتلال العثماني وما تبعه من احتلال فرنسي ثم سيطرة اميركية على كل أوجه الحياة في لبنان...

لذلك حربنا يا إخوان حرب وجود وليست أبدا حرب حدود...

لم يخف بنيامين نتنياهو هذا الامر منذ اليوم الأول حين تحدث عن معركة أخيرة في هذه الحرب التي تخوضها اسرائيل منذ السابع من اكتوبر، وعقّب وزير دفاعه غالانت على ذلك قائلا أن نتيجة هذه الحرب سوف تقرر اذا ما كانت إسرائيل سوف تبقى في منطقة الشرق الأوسط ام سوف تختفي...

هم يقولون، والعرب نائمون...

باختصار، جاءت أميركا وكامل حلف الناتو منذ اليوم الأول بعد إنطلاق طوفان الأقصى ليقولوا أن هذه الحرب لا سقف لها ولا حدود...

في مقابل هذه الرؤية الواضحة عند معسكر الشر الأميركي، أصرت إيران وحلفاؤها من محور المقاومة على محدودية هذه الحرب، وعلى عدم وجوب السماح لها بالتوسع حتى تلقوا من الصفعات ما لا يعد، ولا يحصى...

يكفي شماتة عملاء الداخل والخونة...

سمير جعجع يخرج في مقابلة مع إحدى صحف اليمين الفرنسي يبريء إسرائيل من العدوانية ويضع اللوم على من يقاوم...

سمير جعجع الذي قيد بالسلاسل الحديدية رفاقه من القوات الذين لم يقبلوا قيادته ورماهم في الحوض الخامس من بحر لبنان...

هل يمثل سمير جعجع تعاليم السيد المسيح!!!...

بمناسبة زيارة بابا الفاتيكان ملاحظة:

كما كان يردد وئام وهاب...

على البابا إما أن يلبس طاقية الكاو بوي ويتحدث عن السلام مع الذئاب، وإما أن يبقى على قلنسوة الرهبان ويتحدث عن عذابات أهل الارض في غزة وجنوب لبنان والبقاع والضاحية...

جاء البابا يبارك ويسهّل خيانة أهل السلطة للضحايا في لبنان...

بمجرد سفر البابا، خرج جوزيف عون يعين بطلب من نتنياهو عن طريق الأميركييين المدعو سيمون كرم للمفاوضات المباشرة؛ مفاوضات لتوقف اميركا اعتداءتها على لبنان التي تتم بيد اسرائيلية...

نفاوض بوفد يحدد العدو هوية أعضائه!!!

نفاوض تحت إمرة أورثاغوس التي كانت طلبت من إسرائيل استهداف تشييع الشهيد نصرالله!!!

هل من مهزلة أكبر من ذلك؟

عودة إلى موضوعنا،

في الوقت الذي حزمت فيه أميركا أمرها، وشنت حربا شاملة؛

أصر المحور وأصر حزب الله على الحديث عن قواعد اشتباك حاول هو احترامها بينما كانت إسرائيل وأميركا تخترقانها كل يوم أكثر وتقومان بشكل جماعي وكفريق واحد على استمرار الاستفراد بكل جبهة من جبهات المحور على حدة؛ تاركين كل طرف من أطراف هذا المحور يغرق في حلم اليقظة حول وهم انتصار سريع بعد معركة قصيرة لأن إسرائيل أعجز من أن تقاتل لمدة طويلة على أرض ال٤٨...

كما يبدو من كلام الدكتور فياض، لا يزال الحزب يؤمن بمحدودية هذه الحرب بينما يعمل برّاك وأورتاغوس والميكانيزم على شن حرب شاملة في كل الميادين العسكرية والاقتصادية والمعيشية والمالية وحتى الطبية والتعليمية...

الغريب ان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تحدث في هذا الأمر بما يعني أن الحزب يعرف ان الحرب الجارية هي وجودية بامتياز، لكنه يصر على محدودية الرد عليها لنعود الى قصة ابريق الزيت مع قواعد اشتباك وهمية يتقيد بها محور المقاومة وتخرقها اميركا واسرائيل كل يوم، وكل ساعة وكل دقيقة...

لماذا اذن يتصرف الحزب كما يبدو من كلام الدكتور فياض وأحاديث قواعد هذا الحزب إنه بالإمكان تجنب هذه الحرب!؟

لا يكتفي حزب الله بالإيمان بمحدودية الحرب الجارية؛ بل يزيد على ذلك بالإصرار على الحديث عن خصوم الداخل وليس أعداء الداخل وفق نظرية الوحدة الوطنية...

وحدة وطنية على أي أساس؟

لن يستطيع حزب الله الإجابة...

لا ينكر كاتب هذه الأسطر إنه طالب حزب الله قبل حرب الإسناد وفي زمن مواجهة نظام الفساد في لبنان بالتعامل والتعاون مع حزب القوات وسمير جعجع على قاعدة التساوي مع التعامل مع التيار العوني...

اليوم يرى نفس هذا الكاتب أن حزب القوات وحزب الكتائب والكثيرون من الأطراف المسيحية والسُنّية والدرزية بما في ذلك بعض حلفاء الحزب الذين انقلبوا عليه هم ليسوا شركاء في الوطن؛ هم ليسوا حتى خصوما...

هم عملاء خونة يجب التعامل معهم بكل العنف الثوري المطلوب...

لذلك يرى كاتب هذه الأسطر أن حزب الله يضيف إلى الخطأ الأول في النظر الى محدودية الحرب؛ يضيف خطأ ثانيا بالغ الأهمية حين يتحدث عن الوحدة الوطنية مع الخونة...

لا الثورة الصينية انتصرت بالوحدة الوطنية ولا الثورة الفيتنامية ولا حتى الثورة الكوبية ناهيك عن الثورة البلشفية وحتى الثورة الإيرانية نفسها...

حتى الأخ غالب ابو زينب بعد الحدة في انتقاد سكوت رئيس الجمهورية على تصرفات يوسف رجّي وتغطيته لكريم سعيد في المصرف المركزي، وبدل تفصيل كل تصرفات هؤلاء التي تنم عن خيانة موصوفة وعمالة نذلة؛ يعود ابو زينب ليتحدث عن الوحدة الوطنية والخصوم في الوطن بدل إطلاق الوصف الحقيقي كما هو:

هؤلاء جميعا عملاء وخونة ويجب التعامل معهم بالعنف الثوري لأنهم يسعون لاستجلاب عنف إرهابي أميركي اسرائيلي عربي على المقاومة وبيئة هذه المقاومة...

للانتصار على العدو الخارجي يجب قبل ذلك التأكد من استئصال السرطان الموجود داخل هذا الجسد...

لا ضرورة لتذكير حزب الله أن أمثال هؤلاء العملاء هم من كان يشارك في مؤتمرات ابو ظبي لفك شيفرة الحزب من اجل النيل منه ورأينا كيف طبقت إسرائيل توصيات العميل لقمان سليم خلال الحرب عبر ضرب حزب الله من اليد التي تشعره بالألم أكثر: استهداف البيئة...

من حق الحزب أن يعيد ترميم قوته...

من حق حزب الله أن ينتظر اللحظة المناسبة التي ربما تأتي خلال سنة أو أكثر، لا احد يعرف... قبل اللجوء إلى الرد على الاعتداءات الإسرائيلية والإنطلاق من هذا الموقف تجاه حرب تحرير شاملة تعمل على تفكيك كل المخيمات الفلسطينية وإعادة سكانها إلى أرض فلسطين التاريخية...

تصوروا...

قبل حرب اولي البأس جمع العدو خمسة فرق على الحدود مع لبنان وظل الحزب يؤمن بأن إسرائيل لن تشن حربا...

تلقى الضربات في قياداته وهو يتعلق بأي وساطة لوقف الحرب!!!

ليس من حق الحزب انتقاد نواف سلام وجوزيف عون والجلوس معهم على طاولة الحكومة لمناقشة أمور تافهة لا علاقة لها ببناء مؤسسات وإقامة دولة تحترم القانون وتزيل عنه الشوائب التاريخية المذلة والهزيلة التي يصر النظام الرسمي العربي واميركا على ابقائه داخل هذا الجو المشحون بالسواد والجاهلية...

لا ينفك ممثلو حزب الله عن ترداد مدى انفتاحهم لمناقشة أمور البلد المصيرية مع من يسميهم حزب الله تارة شركاء وتارة خصوما؛ بينما الواقع يقول انهم أعداء بكل ما في الكلمة من معنى...

إن ما يطرحه مسؤولو حزب الله ليس انفتاحا... ما فعله انور السادات مع كامب ديفيد لم يكن انفتاحا بل تحويل مصر من مركز قرار إقليمي دولي الى جمهورية موز...

انفتاح ياسر عرفات أدى إلى أوسلو والى أسوأ سلطة عميلة للاحتلال فاقت بنذالتها سلطة حكومة فيشي والجنرال بيتان في فرنسا أثناء الاحتلال النازي للبلد...

ما هو المطلوب من حزب الله؟

أمران لا ثالث لهما:

١-العودة إلى العمل تحت الأرض...

٢-الكف عن "الجعدنات" فيما يتعلق بالوحدة الوطنية مع العملاء والخونة...

ظل حزب الله يتحدث عن الصبر ومراكمة القوة حتى تبين أن الوقت كان يلعب لمصلحة إسرائيل طيلة وقت مراكمة القوة...

لو ان المحور قام بهذه الحرب سنة ٢٠١٤ وبشكل منسق تماما لكانت إسرائيل هزمت شر هزيمة ولما تعرض محور المقاومة للخسائر الجسيمة التي مني بها...

أما طمأنة المستوطنات؛ هذا قمة السقوط وهو ليس أقل سوءا من كل قرارات نواف سلام وجوزيف عون...

على حزب الله إعادة تثقيف نفسه بقراءة كل كلام السيد الشهيد نصرالله...

سواء أخطأ السيد ام لم يخطئ في أمور الحرب؛ يجب الاعتراف أن السيد الشهيد كان حازما جازما في مسألة الصراع ضد الكيان الصهيوني... بينمايبدو الأمر باهتا في صفوف قيادة حزب الله هذه الأيام...