ماذا عن الصاروخ الإيراني العابر للقارات؟
أخبار وتقارير
ماذا عن الصاروخ الإيراني العابر للقارات؟
14 كانون الأول 2025 , 15:10 م

 يمثل إعلان إيران اقترابها من تشغيل صاروخ باليستي عابر للقارات بمدى يناهز 10 آلاف كيلومتر تحولاً استراتيجياً غير مسبوق في برنامجها الصاروخي، إذ يفتح لها باب القدرة على توجيه ضربات بعيدة المدى تصل إلى أوروبا والولايات المتحدة القارية، ما يعيد صياغة تقديرات التهديد على مستوى عالمي. وقد وصفت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية هذا الصاروخ بأنه “قريب من الخدمة”، في مؤشر على أن طهران تسعى لتجاوز مفهوم الردع الإقليمي والدخول إلى نادي الدول المالكة للصواريخ العابرة للقارات، وهو نادٍ يقتصر على الولايات المتحدة وروسيا والصين وكوريا الشمالية.

يأتي الإعلان في ظل توترات جيوسياسية متصاعدة، ليؤكد أن العقوبات والعمليات السرية والعزلة الدبلوماسية لم تنجح في كبح الطموح الإيراني. كما يعكس تطوير صاروخ بهذا المدى تحولاً عقائدياً في التفكير العسكري الإيراني نحو بناء قدرة ردع عالمية.

تطور البرنامج الصاروخي الإيراني بدأ خلال الحرب العراقية–الإيرانية عندما كشفت هجمات صواريخ “سكود” العراقية ضعف الدفاع الإيراني خلال “حرب المدن”. ومع الاعتماد الأولي على مورّدين مثل ليبيا وكوريا الشمالية والصين، تحولت طهران لاحقاً إلى الإنتاج المحلي عبر الهندسة العكسية.

في التسعينيات، أنتجت إيران صواريخ “شهاب-1” و”شهاب-2” قصيرة المدى، ثم صاروخ “شهاب-3” بمدى 1300 كلم الذي أدخلها نادي الصواريخ متوسطة المدى وجعل إسرائيل وجنوب شرق أوروبا ضمن دائرة الاستهداف. وخلال العقد الأول من الألفية، ظهر صاروخ “سجّيل” العامل بالوقود الصلب ذي المرحلتين، ما منح إيران مدى أكبر وقدرة أكبر على النجاة من الهجمات.

لاحقاً، حسّنت صواريخ “قدر-110” و”عماد” الدقة والمناورة، بينما جسدت سلسلة “خرمشهر” منذ 2017 تقدماً تقنياً بمدى يصل إلى 2000 كلم وقدرة على حمل عدة رؤوس. وبرز أيضاً الصاروخ الفرط صوتي “فتاح-1” بسرعة تعلن طهران أنها تصل إلى 13 ماخ ضمن مدى 1400 كلم، بهدف اختراق الدفاعات المعادية.

كما دعمت إيران ترسانتها بشبكة إطلاق تحت الأرض وناقلات متنقلة، لضمان البقاء في مواجهة أي ضربة استباقية. ولعب برنامج الإطلاق الفضائي دوراً محورياً، إذ استُخدمت صواريخ مثل “سيمرغ” و”قاصد” في إطلاق أقمار صناعية اعتُبرت من جانب الاستخبارات الغربية تجارب غير مباشرة لتطوير تقنيات الصواريخ العابرة للقارات.

ورغم إعلان إيران سابقاً التزامها بمدى 2000 كلم، فإن الإعلان الأخير يُظهر بوضوح انتقالاً إلى مستوى جديد يتجاوز حدود الردع الإقليمي نحو قدرة استراتيجية بعيدة المدى.