كشفت دراسة علمية واسعة النطاق أن ضبط مستوى السكر في الدم لدى الأشخاص المصابين بمرحلة ما قبل السكري يمكن أن يؤدي إلى خفض خطر الإصابة بالنوبات القلبية وقصور القلب والوفاة المبكرة بنسبة تصل إلى 50%. والأهم أن هذا التأثير الإيجابي يستمر لعقود طويلة، مما يسلّط الضوء على أهمية التدخل المبكر قبل تطور السكري من النوع الثاني.
من أجرى الدراسة؟
أجرى هذا التحليل الدولي الكبير باحثون من:
المستشفى الجامعي في توبينغن – ألمانيا
مستشفى هلمهولتز في ميونيخ
المركز الألماني لأبحاث السكري
وقد نُشرت النتائج عبر منصة Наука Mail، بعد دمج بيانات من أكبر دراستين وقائيتين أُجريتا في كل من الولايات المتحدة والصين.
ما هي مرحلة ما قبل السكري؟
مرحلة ما قبل السكري هي حالة صحية يكون فيها مستوى الجلوكوز في الدم أعلى من الطبيعي، لكنه لم يصل بعد إلى مستوى الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
يعاني منها ملايين الأشخاص حول العالم
غالبا ما تمر دون تشخيص
يُنصح المصابون بها عادةً بتغيير نمط الحياة، مثل:
زيادة النشاط البدني
تحسين النظام الغذائي
خفض الوزن
ورغم شيوع هذه التوصيات، لم تكن هناك أدلة قاطعة سابقا تثبت أنها تقلل فعليا من مخاطر أمراض القلب على المدى البعيد.
ماذا كشفت نتائج الدراسة؟
شملت الدراسة أكثر من 2400 شخص مصاب بمرحلة ما قبل السكري، وتمت متابعتهم لفترات طويلة امتدت إلى 20 و30 عاما.
وأظهرت النتائج أن العامل الحاسم لم يكن مجرد تغيير نمط الحياة، بل تحقيق نتيجة ملموسة تتمثل في:
إعادة مستوى الجلوكوز في الدم إلى المعدل الطبيعي
أي الوصول إلى حالة الشفاء أو تراجع مرحلة ما قبل السكري (Remission)
انخفاض كبير في مخاطر أمراض القلب
الأشخاص الذين نجحوا في تطبيع مستوى السكر في الدم حققوا فوائد صحية واضحة، أبرزها:
انخفاض خطر الوفاة القلبية الوعائية بنسبة تقارب 50%
تراجع حالات الدخول إلى المستشفى بسبب قصور القلب
انخفاض ملحوظ في معدل الوفيات العامة
واللافت أن مقدار فقدان الوزن كان متشابها بين من نجحوا في تطبيع السكر ومن لم ينجحوا، مما يؤكد أن المستوى الطبيعي للجلوكوز هو العامل الأهم، وليس الوزن بحد ذاته.
رقم بسيط وتأثير كبير
حدد الباحثون مؤشرا عمليا وسهل القياس يمكن الاعتماد عليه في الممارسة الطبية اليومية:
مستوى السكر في الدم صائما ≤ 97 ملغ/ديسيلتر
هذا المستوى ارتبط بانخفاض ثابت في مخاطر أمراض القلب، بغض النظر عن:
العمر
الوزن
الخلفية العرقية
تحول في مفهوم الوقاية القلبية
حتى الآن، كانت الوقاية من أمراض القلب تركز أساسًا على:
ضبط ضغط الدم
خفض الكوليسترول
الإقلاع عن التدخين
لكن هذه الدراسة تضيف هدفا وقائيا جديدا وواضحا:
التحكم المستدام في مستوى السكر في الدم منذ مرحلة ما قبل السكري
لأن التدخل المبكر لا يمنع تطور السكري فحسب، بل يحقق حماية طويلة الأمد لصحة القلب.
تؤكد هذه النتائج أن مرحلة ما قبل السكري ليست مجرد حالة عابرة، بل فرصة حقيقية للتأثير الإيجابي على صحة القلب وتقليل خطر الوفاة لعقود قادمة، شرط الوصول إلى تطبيع فعلي لمستوى السكر في الدم.