إلغاء قانون قيصر نافذة أمل للشعب السوري بعد سنوات الخنق
مقالات
إلغاء قانون قيصر نافذة أمل للشعب السوري بعد سنوات الخنق
وائل المولى
19 كانون الأول 2025 , 14:28 م

بعد سنواتٍ طويلة من الحصار الاقتصادي الخانق، يأتي الحديث عن إلغاء قانون قيصر كحدثٍ بالغ الأهمية في المشهد السوري، ليس بوصفه مجرد إجراء قانوني أميركي، بل باعتباره نقطة تحوّل محتملة في حياة شعبٍ أنهكته الحرب والعقوبات معًا. فمهما اختلفت القراءات السياسية، يبقى الثابت أن السوريين كانوا الخاسر الأكبر من هذا القانون، الذي تجاوز في أثره دوائر السلطة آنذاك ليصيب تفاصيل الحياة اليومية للمواطن العادي.

لقد شُلّ الاقتصاد السوري بفعل قيصرحيث تراجعت القدرة الشرائية، وانهارت الليرة، واختفت الاستثمارات، وتعقّدت عمليات الاستيراد والتحويل المالي، ما انعكس مباشرة على الغذاء والدواء والكهرباء والعمل. ورغم كل العناوين “الإنسانية” التي رافقت العقوبات، فإن الواقع أثبت أن المواطن السوري كان هو من دفع الثمن الأكبر، بينما تكيفت شبكات الفساد والاقتصاد الموازي مع الحصار وواصلت العمل بطرقها الخاصة وكان مصدراً للثراء الفاحش لهذه الشبكات .

من هنا، فإن إلغاء قانون قيصر يفتح، نظريا وعمليا، بابا واسعا أمام تحسّن الأوضاع المعيشية. فهو يسمح بإعادة وصل سوريا بالأسواق الإقليمية والدولية، ويخفف القيود عن الاستيراد، ويعيد شيئا من الثقة بالعملة الوطنية، ويمهّد لعودة الاستثمارات، لا سيما في قطاعات حيوية كالصحة والطاقة والبنية التحتية. كما يسهّل عمل المنظمات الدولية ويحوّل المساعدات من طابع إسعافي مؤقت إلى مشاريع تنموية أكثر استدامة.

لكن أهمية هذه الخطوة لا تكمن فقط في بعدها الاقتصادي، بل في دلالتها السياسية والإنسانية. 

لقد أثبت القانون بالبعد الإنساني كارثة سياسة الخنق والعقاب الجماعي، وبأن الضغط الاقتصادي لم يحقق أهدافه المعلنة، بل عمّق معاناة الناس ووسّع فجوة الفقر واليأس. 

إن رفع القيود لا يعني تلقائيًا تحسّن حياة السوريين ما لم يترافق مع إستقرار سياسي وإجتماعي وإدارة إقتصادية رشيدة، ومكافحة جدية للفساد، والإحتكار وبناء إقتصاد مفتوح وتوجيه الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية وخلق فرص العمل. 

فالشعب السوري ينتظر هذه الخطوة ويبني عليها كل آماله ، لتحقيق رغباته بكهرباء مستقرة، ودواء متوفر، ورغيف خبز ميسور، وفرصة كريمة للعيش في وطنه.

في الختام، وبغضّ النظر عن الحسابات السياسية، فإن إلغاء قانون قيصر يبقى خطوة إيجابية طال انتظارها، وخبرا يلامس وجدان كل بيت سوري ذاق مرارة العوز والحرمان. هي فرصة لالتقاط الأنفاس، وبداية طريق شاق لكنه ممكن نحو التعافي.

مبارك للشعب السوري بهذه الخطوة، على أمل أن تكون فاتحة خير حقيقية، وأن تحمل الأيام القادمة تحسنا ملموسا في الأوضاع المعيشية، واستعادةً للكرامة، واستقرارا يليق بتضحيات السوريين وصبرهم الطويل.