شرح آلية إحساس جسم الإنسان بالبرودة
دراسات و أبحاث
شرح آلية إحساس جسم الإنسان بالبرودة
20 كانون الأول 2025 , 07:27 ص

أظهرت دراسة علمية حديثة أن إحساس الإنسان بالبرودة ليس شعورا موحدا، بل نتيجة نظام معقّد من الإشارات الحيوية التي تعمل بطرق مختلفة في أنسجة الجسم. ويساعد هذا التمايز الجسم على التفريق بين البرودة الخارجية والتغيرات الحرارية الداخلية، والتفاعل مع كل حالة بشكل مناسب.

الجلد والأعضاء الداخلية يستشعران البرد بآليات مختلفة

توصل علماء معهد علوم الأعصاب، التابع للمجلس الوطني الإسباني للبحوث بالتعاون مع جامعة ميغيل هرنانديز في مدينة إلتشي، إلى أن الجلد والأعضاء الداخلية لا تتعامل مع البرودة بالطريقة نفسها. فقد تبين أن لكل منهما آليات جزيئية مستقلة لاستشعار انخفاض درجات الحرارة.

ونُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Acta Physiologica العلمية المتخصصة.

قناة TRPM8: خط الدفاع الأول ضد البرد الخارجي

تعدّ القناة الأيونية TRPM8 المسؤولة الرئيسية عن إحساس الجلد بالبرودة القادمة من البيئة الخارجية. وتتنشط هذه القناة عند ملامسة الهواء البارد أو الأسطح الباردة، مما يؤدي إلى إطلاق استجابات دفاعية سريعة.

ويُسهم هذا النظام في حماية الجسم من الأذى الناتج عن التعرض للبرد الشديد، مثل تلف الأنسجة أو انخفاض حرارة الجلد.

TRPA1: منظومة داخلية لتنظيم توازن الجسم

في المقابل، تعتمد الأعضاء الداخلية مثل الرئتين والمعدة على مستشعر مختلف يُعرف باسم TRPA1. ويتفاعل هذا المستشعر مع البرودة بطريقة مغايرة، حيث يلعب دورا مهما في تنظيم الوظائف الداخلية للجسم.

وبالنسبة لهذه الأعضاء، لا يُعدّ البرد خطرا مباشرا، بل عاملا مؤثرا في عمليات حيوية مثل التنفس والهضم والحفاظ على التوازن الفسيولوجي العام.

لماذا نشعر بالبرد بشكل مختلف؟

يُفسر هذا الاكتشاف اختلاف الإحساس بين لمس جسم بارد وشرب ماء مثلج. فعلى الرغم من أن كلا التجربتين تتعلقان بالبرودة، إلا أن الإشارات العصبية تنتقل عبر مسارات مختلفة، وتُعالج بواسطة خلايا عصبية متخصصة، مما يؤدي إلى اختلاف الشعور والاستجابة.

كيف أُجريت الدراسة؟

اعتمد الباحثون على نماذج حيوانية لدراسة نشاط الخلايا العصبية الحسية، مع التركيز على:

العصب الثلاثي التوائم: المسؤول عن نقل الإشارات من الجلد والوجه.

العصب المبهم: الذي يُعد قناة الاتصال الرئيسية بين الدماغ والرئتين والجهاز الهضمي.

وجرى تسجيل استجابات الخلايا العصبية في الوقت الحقيقي باستخدام تقنيات متقدمة لقياس النشاط الكهربائي ومستويات الكالسيوم، كما قام الباحثون بتعطيل بعض المستشعرات الحسية بشكل انتقائي.

تجارب جينية تؤكد النتائج

دعمت النتائج تجارب أُجريت على فئران معدلة وراثيا تفتقر إلى قنوات TRPM8 أو TRPA1. وأظهرت هذه التجارب أن الاستجابة للبرد تختفي أو تتغير فقط في الأنسجة التي تعتمد على المستشعر المفقود.

كما كشف تحليل نشاط الجينات عن النمط نفسه، ما عزز مصداقية النتائج العلمية.

أهمية الاكتشاف

يساعد هذا الفهم الجديد لإحساس الجسم بالبرودة في تطوير أبحاث مستقبلية تتعلق بتنظيم درجة الحرارة، واضطرابات الإحساس الحراري، وربما تحسين العلاجات المرتبطة بالجهاز العصبي والتنظيم الفسيولوجي.

المصدر: مجلة Acta Physiologica