حلب… حين تتحول الزيارة إلى إشارة نار
مقالات
حلب… حين تتحول الزيارة إلى إشارة نار
ميرنا عجيب
23 كانون الأول 2025 , 11:42 ص


ما جرى اليوم في حلب لا يمكن قراءته كحادث أمني عابر أو تزامن بريء، فالهجوم على حيي الأشرفية والشيخ مقصود ذات الغالبية الكردية جاء مترافقا بدقة مع زيارة وزراء أتراك إلى دمشق، في مشهد يكشف أن الرسائل السياسية لم تعد تُرسل عبر البيانات، بل عبر فوهات البنادق.

أمام هذه التطورات يصبح التصعيد لغة بديلة عن الدبلوماسية، وأداة ضغط بعد فشل التهديد والابتزاز في كسر إرادة قوات سوريا الديمقراطية سيما وأن الايام الماضية شهدت تهديدات وتلميحات تركية بالتصعيد ضد قوات سوريا الديمقراطية في حال عدم تنفيذ اتفاق العاشر من آذار وإلقاء اللوم على قسد في تأخر التنفيذ .

هذا التصعيد لا يستهدف موقعا عسكريا بقدر ما يستهدف فكرة التوازن الهش في سوريا وهو محاولة لجرّ البلاد إلى صراع داخلي جديد، عبر اللعب على التناقضات القومية وإعادة إنتاج معادلة “العدو الداخلي”.

وفي هذا السياق، تلعب أنقرة دور المحرّض والمستفيد، تدفع نحو الفوضى ثم تراقب نتائجها، ولكن الخطير أن هذا المسار لا يخدم أحدا سوى مشاريع الهيمنة وتصفية الحسابات الإقليمية فحلب، التي دفعت أثمانا باهظة من دمها واستقرارها، تستَخدم اليوم كساحة اختبار لسياسات النار؛ بالتالي إذا استمر هذا النهج، فإن أبواب الاقتتال ستُفتح على مصراعيها، وستتحمل تركيا المسؤولية المباشرة عن أي انفجار أمني أو عسكري ناتج عن هذا التحريض الممنهج.

في الختام يمكن القول إن أكثر ما تحتاجه سوريا اليوم ليس المزيد من الجبهات، بل كبحا حقيقيا للتدخلات الخارجية، ووقفا لاستخدام الداخل السوري كورقة تفاوض إقليمي وغير ذلك، فإن حلب لن تكون الأخيرة، بل البداية.