كتب عمر معربوني:
مقالات
كتب عمر معربوني: "هل تسري بنود اتفاق وقف إطلاق النار بشأن السـلاح على شمال الليطاني؟".
عمر معربوني
26 كانون الأول 2025 , 16:53 م


يستمر الجدل على المستوَيَيْنِ الداخلي والخارجي، حول مسألة "نزع سـلاح حـــزب الله" وما إذا كان الأمر مرتبطًا بمنطقة جنوب الليطاني فقط، أو سيجري تنفيذ "نزع السـلاح" في منطقة شمال الليطاني وكلّ لبنان وهو ما يذهب إليه بعضُ الساسةِ في لبنان والخارج.

من حيث المبدأ يجب أن يشكّل نَصُّ اتفاق وقف الأعمال العدائية مرجعاً لمقاربة الموضوع، والاستناد إليه كمادّة أساسية صالحة للتنفيذ، لكنَّ الأمورَ لا تَحْصُلُ ربطاً ببنودِ الاتفاق، بل تخضع للغطرسة "الإســـ.ـرائـيـلية" من جانبٍ، ورغباتِ بعضِ القوى السياسية اللبنانية، من جانب ثانٍ، وانحياز الجانب الأميركي بالمُطلق لكيان الـعــدوّ من جانب ثالث.

على المستوى الداخلي يبدو حـــزب "القوات اللبنانية" الأكثرُ استعجالًا لـ"نزع سـ.لاح حـــزب الله" من كلّ لبنان، وهو ما جاء على لسان رئيسه في ردّه على الأمين العام للحـــزب الشـ.ـيخ نــعيم قـــاسم، في محاولةٍ منه لتفسير بنود الاتفاق، وعلى أنّ ما جاء فيها مُلزِمٌ لكل الميليشيات، متناسياً أن مصطلح ميليشيا ينطبق على بعض الأحزاب ولا ينطبق على المقاومة بكلّ فصائلها، خصوصاً أنَّ ما جاء ربطًا بمصطلح الميليشيات ونزع سـلاحها يرتبط بأي نزاع أو حـرب داخلية، وليس السـلاح الذي يقاوم الـعـدوّ "الإســـ.ـرائـيـلي".

بدوره دولة رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أعلن استعداد لبنان لِلدُّخولِ في مرحلةِ ما بعد جنوب الليطاني، حتّى قبل إعلانِ الجيش اللبنانيّ الانتهاءَ من تنفيذِ مهامِهِ جنوب الليطاني.

صحيح أن نزع سـلاح حـزب الله هو مطلب أميركيٍّ و"إسـرائيلي"، ومطلبُ بعض الدول العربية والغربية، لكنّ تنفيذَ هذاالمطلبِ قد يذهبُ بالبلدِ إلى دوّامةٍ مِنَ التَّبايُناتِ والسجالاتِ، ورُبَّما إلى أكثر من ذلك.

حــ.ـزب الله المعنيُّ الأوَّلُ بموضوع السـلاح أعلن، على لسان أغلب مسؤوليه، وعلى رأسهم الأمينُ العام الشـ.ـيخ نـعيم قـــاسم رفضهُ تسليمَ السـلاح شمالَ النهرِ، رابطاً الموضوعَ بتحقيقِ أمرين:

أولًا: وقف كامل للاعتـ.ـداءات "الإســـ.ـرائـيـلية" والانسحاب التام والكامل من الأراضي اللبنانية وإطلاق سراح الأسـرى.

ثانيًا: الشروع بنقاش إستراتيجية أمن وطني تحفظ لبنان وتحدد مكامن القوّة وكيفية الاستفادة منها ومن بينها سـلاح المقاومة.

من خلال متابعة كلّ ما يحصل لا يرى البعض ما يفعله الـعـ.ـدوّ باستمراره بالعدوان، منذ اليوم الثاني لتوقيع الاتفاق، ففي حين أن لبنان نفّذ ما يتعلق به ممّا ورد في بنود الاتفاق يستمر الـعــدوّ باعتداءاته اليومية بغطاء من أميركا، رئيسة لجنة المراقبة، وباستغلالٍ واضحٍ من قِبَلِ الـعــدوّ لِاستعجالِ البعضِ في لبنانَ، وكأنَّ المعركةَ بينهم وبين المقاومة، وليست بين لبنان وكيان الـعـدو.

بالرجوع إلى بنود الاتفاق ليس هناك ما يعطي الحق للعدو باستمراره بالـعــدوان خصوصًا أن هناك بنودًا في الاتفاق تُعَدُّ شأنًا داخليًا لبنانيًا، وتنفيذُها أمرٌ حصريٌّ بين اللبنانيين، خصوصًا مايتعلق منهابخصوصيةِ التركيبةِ اللبنانية وتداخلاتها.

- البند الأول من الاتفاق ينص صراحة على تنفيذ كلّ من لبنان وكيان الـعــدوّ وقف الأعمال العدائية بتوقيت محدّد، وكذلك انسحاب الـعــدوّ من الأراضي اللبنانية التي يحتــلها، خلال 60 يومًا من موعد توقيع الاتفاق.

- في البند الثاني نص واضح يقول: لن تنفذ "إســرائـيـل" أي عملـيـات عسكرية هجومية ضدّ أهداف لبنانية، بما في ذلك الأهدافُ المدنيةُ والعسكرية، أو أي أهداف أخرى تابعة للدولة، في أراضي لبنان، سواءً برّاً أو جوّاً أو بحراً، وهو ماسبقه التزام لبنان باعتراف الجميع، بمن فيهم قوات الأمم المتحدة، بأنَّ لُبنانَ نفَّذ ما عليه في الِاتّفاق.

- البند الثالث فيه إشارة واضحة للقرار 1701، وهو أصلًا القرار الذي صدر بعد حرب عام 2006 والذي يرتبط بجنوب الليطاني حصراً.

- في البند الرابع إشارة إلى حق لبنان وكيان الـعدوّ بالدفاع عن النفس،وهو ما لايفعله لبنان، وينتهكه كيانُ الـعـدوّ كلَّ لحظةٍ بذرائعَ مختلفة.

- في باقي البنود لا يوجد أي إشارة إلى نزع سـلاح الحـــزب شمال الليطاني وفي باقي الأراضي اللبنانية، وكلّ ما ورد يعطي الدولة اللبنانية الحقَّ بنشرِ قواتها المسلحة على كافةِ المعابر،البريةِ والبحريةِ والجوية، لمراقبةِ الحدودِ وضبطِ الأمن وليس اقـتحام مواقع الحــزب ومستودعاته.

يبقى أن حلّ المواضيع يجب أن يكون بالتفاهم بين الدولة والحزب، انطلاقاً من استخدامِ كلّ مكامنِ القوّة، وعدمِ الذهابِ أكثرَ في تقديمِ تنازلاتٍ تمكّنَ العدوّ من انتِزاعِها من لبنان بِالابتزاز، وتسمحُ له بتحقيقِ أهدافه،وهو ما يتطلب مساحاتِ حوارٍ تأخذ بعينِ الاعتبارِ مصلحةَ لبنانَ، ولا تنطلقُ من النَّكَدِ السياسيِّ المعتادِلبعضِ الأطراف التي تنطلقُ في مواقفها من مناهضةِ المقاومةِ، كحقٍّ طبيعيٍّ تكفُلُهُ القوانينُ الدولية، مع التأكيد أن َّموقفَ هذه القوى ليس بالجديد، إنّما هو امتدادٌ لمواقفِ أسلافهم من الخطّ السياسيِّ القائم على مقولة: "قوّةُ لبنانَ في ضعفِه".