عبد الحميد كناكري خوجة: ”الهلاك الخفي
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: ”الهلاك الخفي" أقمار تجسسية...ترسل الموت مع الإشارة الكهرومغناطيسية.


القتل الصامت...حين يتحول الموت إلى أداة مخملية بيد العدو الصهيوني يغتال بلا صهيل أو صراخ.

إن أخطر مايملكه المحتل ليس صاروخا عابرا للمدى، ولاطائرة متخفية في السماء، بل علما بيد عدو مسخرا ليكون سوطا مسموما مسلطا على ظهور المستضعفين وخنجرا حادا في أعناق المكلومين. العدو الصهيوني حول المختبرات إلى مقابر صامتة، والأقمار الصناعية إلى جواسيس ليلية، والهواتف الخلوية إلى أفخاخ قاتلة. لم يعد الموت يأتي من بندقية في يد مرتزق أو مسدس كاتم للصوت بيد عميل سري، كما كنا نشاهد في السابق في الأفلام والمسلسلات. بل من شعاع غير مرئي يخترق الجسد عبر جهاز بسيط في الجيب، أو من نبضة إلكترونية ترسل عن بعد لتوقف قلبا نابضا بالحق.

هنا الرعب الحقيقي: عدو لايكتفي بالقتل في الميدان، بل يسعى لزرع الشك في كل أداة يستخدمها الناس يوميا. كل عدسة مراقبة قد تتحول إلى فوهة خبيثة بتحريك من الأصابع الموسادية. كل هاتف قد يغدو قنبلة صامتة، كل موجة كهرومغناطيسية قد تكون سهما مسموما. إنهم لايواجهون بالوجه، بل يغدرون بالظل، يختبئون خلف التقنية ليمارسوا تصفياتهم الجبانة.

وليس من المستبعد أن تكون هذه الأساليب الإبليسية جزءا من ” الحرب النفسية " قبل أن تكون حربا جسدية، فالهدف الأول للمحتل ليس الجسد بل العقل: بث الرعب، قتل الطمأنينة، وجعل كل منا يرى في هاتفه قبرا محتملا، وفي شاشته فخا منصوبا.

إن هاؤلاء الأعداء ليسوا سوى شياطين أنسية. يسلكون درب الخداع ويزرعون فتنا وأحقادا وشقاقا بأدوات علمية إستلبت من معناها الإنساني لتتحول إلى ميتافيزيقية رعب تعاش كل لحظة، وياللهول... حين نرى أن ماوهب للإنسان من علم كي يبني، بات يستخدم ليهدم ويقبر. وقد جاء على لسان القرآن الكريم: ”وقل ربي زدني علما" فالعلم في جوهره نور يرفع الإنسان، لا سوطا ينزل به الى درك الخيانة. التحذير اليوم واجب، فالموت الخفي لايرى بالعين المجردة، لكنه يتسلل كاالأفعى في دجى ليل بلا قمر، يختبئ في إشعاع أو ذبذبة أو تطبيق. والعدو الذي فقد شرف المواجهة بات يلجأ لأحقر الوسائل، يخفي وجهه خلف آلات صامتة، محاولا أن يجعل من التكنولوجيا ” سيفا بلا مقبض" يذبح به من يشاء.

فلتعلموا أيها الأشقاء... أبطال الجبهة الناعمة جبهة إحقاق الحقوق وإنصاف المستضعفين المظلومين خصيصا في قطاع العز والشرف وغيره من بقاع تصارعون بها الشر...إعلموا أن الحق لايقتل بالظل، وأن الباطل مهما أبدع في أدواته فلن يفلت من لعنة التاريخ. فالموت الخفي الذي يسوقونه إلينا سيعود عليهم والشر الذي يضمرونه لنا سيرتد إلى نحورهم وحتى وهم في جحورهم. والعيون التي يراقبوننا بها من خلال عملائهم وجواسيسهم والخونة المزروعين بينكم سوف تفقأ، والسلاح الذي يلوحون به سيكسر. يظنون أن الخوف سيكسرنا، لكنه لن يفعل، وهل ينتاب الخوف عشاق الشهادة... وسنبقى نفضح طرقهم الخسيسة،

”إحذروا العيون الزجاجية التي تترائ بملامح البشر، فهي بوابات العدو إلى أسرار الفكر والسطر والسيف."

ولتكن يقظتكم درعا، فالرصاصة قد تأتي من شاشة مضيئة, كما قد تأتي من ماسورة خفية."

” فالرموز الحية، والمقاومون بالقلم والمداد واللحن والبيان، هم شوكة ناعمة في خاصرة الغاصب المحتل. يهابها كما يهاب الأسنان." وتحاصرهم ”كما تحاصر الهواجس ضمير الخائن"

وستبقى كلماتنا وكتاباتنا تحت عنوان”العلم العابر للعقول"

مفكر، محلل سياسي وإعلامي سابق في الغربة