​سيادة القانون تحت مقصلة القوة: الحقوق النووية والدفاعية في ميزان الشرعية الدولية
مقالات
​سيادة القانون تحت مقصلة القوة: الحقوق النووية والدفاعية في ميزان الشرعية الدولية
عدنان علامه
30 كانون الأول 2025 , 19:59 م


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

​في ظل تصريحات ترامب الأخيرة التي تلوح باستخدام القوة العسكرية المفرطة ضد الدول ذات السيادة، يبرز تساؤل جوهري حول ما تبقى من هيبة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. إن التهديد باستخدام القاذفات الاستراتيجية وتفويض "الضوء الأخضر" للهجمات الاستباقية يمثل خرقاً صارخاً للمادة (2) الفقرة (4) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تحظر التهديد باستعمال القوة أو استخدامها في العلاقات الدولية.

# ​أولاً: الحق غير القابل للتصرف في الطاقة النووية السلمية

​بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، تمتلك الدول الحق السيادي المطلق في تطوير الأبحاث والإنتاج واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية (مثل إنتاج الكهرباء، الطب، والزراعة).

#​ المعيار التقني الفاصل:

القانون الدولي يفرق بوضوح بين الاستخدام السلمي والعسكري عبر "نسبة التخصيب". طالما أن التخصيب لم يصل إلى العتبة العسكرية (المقدرة تقنياً بحوالي 90%)، فإن أي عدوان عسكري بذريعة "البرنامج النووي" يُعد جريمة عدوان مكتملة الأركان.

# ​قانونية التخصيب:

لا توجد مادة قانونية تمنع الدول من التخصيب لأغراض مدنية، والشرط الوحيد هو خضوع هذه الأنشطة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA).

# ​ثانياً: الصواريخ الباليستية وحق الدفاع عن النفس

​خلافاً للبرامج النووية العسكرية، لا يوجد في القانون الدولي العرفي أو الاتفاقي نص صريح يحظر على الدول امتلاك أو تطوير صواريخ باليستية لأغراض دفاعية.

#​الحق في الردع:

يعد امتلاك منظومات صاروخية جزءاً من "الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس" المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

# ​الازدواجية الدولية:

إن محاولة تقييد حق دولة معينة في حماية أمنها القومي، في حين تُمنح دول أخرى "ضوءاً أخضر" للعدوان، هي ممارسة تقوض مبدأ "المساواة السيادية بين الدول".

#​ ثالثاً: العدوان خارج مظلة مجلس الأمن

​إن أي عمل عسكري (أمريكي أو إسرائيلي) يتم دون تفويض صريح من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، ودون وقوع هجوم مسلح فعلي ومباشر يستدعي الدفاع عن النفس، هو عمل غير قانوني ويصنف كـ "جريمة عدوان".

​"إن غياب الإجراءات الدولية لمحاسبة المعتدين أدى إلى إرساء قاعدة خطيرة: قانون القوة بدلاً من قوة القانون، مما حول النظام العالمي من نظام مؤسسي إلى غابة سياسية."

و​الخلاصة:

​إن ما يحدث اليوم هو نسف متعمد للقانون الإنساني الدولي. فالتلويح باستخدام قاذفات B2 ضد منشآت دولة سيادية لم تخرق عتبة التسلح النووي بعد، هو إعدام لمفهوم السيادة. إن الصمت الدولي عن محاسبة المعتدين يشرعن الفوضى، ويجعل من ميثاق الأمم المتحدة مجرد حبر على ورق أمام غطرسة القوة.

وإنً غدًا لناظره قريب

30 كانون الأول/ ديسمبر 2025