تضطلع شركات هايتك إسرائيلية عديدة بعمليات تجسس على مستخدمي شبكة الانترنت. والمثير في هذا السياق أن كبرى الشركات العالمية في هذا المجال، وفي مقدمتها "فيسبوك"، تستخدم الشركات الإسرائيلية خاصة وأن مؤسسيها هم في الغالبية الساحقة من الحالات من مسرحي الوحدة 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والمدربين على شن هجمات سيبرانية.
إحدى هذه الشركات هي "أونافو"، التي أسسها الجنديان الإسرائيليان غاي روزين وروئي تيغر، في العام 2011، بعد تسرحهما من الوحدة 8200، وباعا الشركة وبرامجها لـ"فيسبوك" مقابل 150 مليون دولار، في العام 2013.
و"أونافو" كانت مؤخرا محور فضيحة، ودعوى قضائية، ضد "فيسبوك" في الأشهر الأخيرة، والتي انتهت بقرار الأخيرة بالتوقف عن استخدام برامج "أونافو"، حسبما ذكرت صحيفة "ذي ماركر" اليوم، الأحد.
وكان مدير عام "فيسبوك"، مارك زوكربيرغ، قد خضع في تموز/يوليو الماضي لاستجواب في لجنة فرعية لشؤون القيود التجارية في مجلس النواب الأميركي. وسُئل: "هل شراء أونافو الإسرائيلية زود فيسبوك بقدرات تجسس على مستخدمين؟". وبدأ زوكربيرغ يتأتئ وقال إنه "لست متأكدا أني سأصف ذلك على هذا النحو".
وجاء في دعوى قضائية قدمتها مفوضية التجارة الفدرالية الأميركية، قبل عدة أيام، وبعد تحقيق تمحور حول تاريخ مشتريات "فيسبوك" وكيف اختيرت الشركات التي تم شراؤها، أن لتكنولوجيا "أونافو" دور مركزي في عمليات تشويش المنافسة التي استخدمتها "فيسبوك".
ووصفت لائحة الاتهام "أونافو" بأنها "شركة لتعقب مستخدمين"، وأنها كانت الأداة التكنولوجية التي استخدمتها "فيسبوك" من أجل التعرف على تطبيقات منافسة وتعتبرها تهديدا عليها، بهدف تحييدها قبل أن تتمكن من النمو.
وأضافت لائحة الاتهام أن "أونافو سوّقت نفسها لمستخدمين كشركة خدمات افتراضية آمنة، ولكن من دون علم المستخدمين كانت توجه نشاطهم في شبكة الإنترنت".
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ شرائها، تردد اسم "أونافو" في أعقاب تدخلها الإشكالي في جمع معلومات عن مستخدمين من دون علمهم، وأحيانا من خلال استخدام أساليب غير لائقة.
وبعد أن اشترتها "فيسبوك"، شكلت "أونافو" أساسا لها لإقامة مركزها للأبحاث والتطوير في دولة الإحتلال الإسرائيلية ،و الذي يعتبر الثاني بعد الولايات المتحدة منن حيث حجمه.
وكشفت وزارة القضاء الإسرائيلية أن إدارة موقع فيسبوك استجابت عام 2017 لما يقرب من 85% من طلبات إسرائيل، لإزالة وحظر وتقديم بيانات خاصة بالمحتوى الفلسطيني على موقع التواصل الاجتماعي
وطورت "أونفو" عدة منتجات، أحدها "أونافو إكستند"، وهو عبارة عن خدمة مراقبة تطبيقات تلتهم معلومات، ونفذت ضغط بيانات من أجل تقليص تصفحها.
واهتمت "فيسبوك" أكثر ببرنامج "أونافو إينسايت"، وهذه خدمة زودت مصالح تجارية بتدريج تطبيقات شائعة، نسبة توغل التطبيقات في السوق، أنماط استخدام تطبيقات منافسة، مؤشرات تبحث في ضلوع المستخدمين ونسبة استخدام التطبيقات. واستعرض هذا المنتج معطيات جمعتها "أونافو" من مستخدمين استخدموا تطبيق الشركة الإسرائيلية.
وبعد شراء هذا البرنامج، دشّنت "فيسبوك" عدد من الميزات التي تستند إلى تطوير "أونافو"، وجمعت بواسطتها معلومات حول قدرات تطبيقات أخرى، بهدف فهم المنافسة مقابلها في مجالات الرسائل الفورية والشبكات الاجتماعية.
شركة فيسبوك قد تعرضت في 21 مارس/ آذار 2018 لخسارة كبيرة في أسهمها بسبب فضيحة استغلال بيانات المستخدمين، حيث كشفت تقارير أن شركة كامبردج اناليتيكا، وهي شركة أمنية بريطانية، عن اطلاعها على بيانات 50 مليون مستخدم على فيسبوك من دون موافقتهم، واعتذر مارك زوكربرج من البريطانيين عن "خيانة الأمانة" بنشره إعلانات على صفحة كاملة في الصحف البريطانية بعد أن حصلت شركة استشارات سياسية على بيانات عن 50 مليون مستخدم.
وتفيد التقديرات بأن عشرات ملايين المستخدمين من أنحاء العالم ثبّتوا أداة التعقب هذه التي تستند إلى التكنولوجيا التي طورتها "أونافو".
وكانت أساليب عمل "أونافو" في مركز فضائح في الماضي. ففي آب/أغسطس العام 2018، أزالت شركة "أبِل" من حانوتها للتطبيقات "أونافو بروتيكت"، وهي خدمة "تصفح آمن" مجاني بإمكان المستخدمين تفعيله أثناء استخدام "فيسبوك".
فقد اكتشفت "أبل" أن التطبيق جمع معلومات حول أنماط استخدام مستخدمي آيفون في تطبيقات ليس "فيسبوك" وخلافا لسياسة الخصوصية التي تتبعها "أبل".
ونشر البرلمان البريطاني، عام 2018، وثائق داخلية لـ"فيسبوك" بعدما وصلت إليه، تبين منها أن الأخيرة تعقبت مستخدمين من أجل التعامل مع منافسة محتملة. وشملت الوثائق مراسلات عبر البريد الإلكتروني، في الأعوام 2012 – 2015، وجرى من خلال التداول في كيفية إخفاء قدرات "أونافو" عن المستخدمين بجمع معلومات منهم.
وساعدت هذه الوثائق في تعزيز الادعاء أن "أونافو" ساعدت "فيسبوك" على التوصل إلى الاستنتاج بأن "واتسآب" ينمو بسرعة، وأن عدد مستخدميه أكبر من مستخدمي "فيسبوك ماسنجر"، الأمر الذي قاد "فيسبوك" إلى شراء المنافس "واتسآب" .
وكشفت هذه الوثائق كيف أن "فيسبوك" تسعى إلى منع منافسة لها. فعندما دشّنت "تويتر" تطبيق مقاطع الفيديو "وين" في العام 2013، قيّدت "فيسبوك" قدرة وصول التطبيق إلى معلومات حول مستخدميها.
وجاء في إحدى الرسائل الإلكترونية أن "وين" تسمح بالبحث عن أصدقاء في منصتها بواسطة "فيسبوك"، وأنه "إذا لم يعارض أحد، سنطفئ لهم هذه الإمكانية اليوم". ورد زوكربيرغ على هذه الرسالة الإلكترونية بأن "افعلو ذلك".
وفي العام الماضي جرى الكشف عن فضيحة أخرى مرتبطة بـ"فيسبوك"، وتمثلت بأنها دفعت لمستخدمين، في سن 13 إلى 35 عاما، مبلغا يصل إلى 20 دولارا، كي يثبتوا تطبيق "فيسبوك ريسرتش"، الذي يستند إلى تكنولوجيا "أونافو" ويجمع عنهم معلومات بموافقتهم. وقادت الانتقادات ضد "فيسبوك" إلى التوقف عن استخدام "اونافو".
وذكرت تقارير أن برنامج "أونافو بروتيكت" ساعد "فيسبوك" في فهم تدشين ميزة "ستوريز" في تطبيق "إنستغرام" وأضعف بشكل كبير نمو "سناب تشات" الذي كان يتطور كمنافس كبير لـ"فيسبوك". وفشلت "فيسبوك" في شرائه، لكنها نسخت قدرات منه وأضعفت نموّه.
الجدير بالذكر أنه في وقتٍ سابق ، رفعت سلطات مكافحة الاحتكار التابعة للإدارة الأميركية وعدد من الولايات الأميركية، الأربعاء، دعوى قضائية ضد "فيسبوك"، لإساءة استخدام سلطتها الاحتكارية في السوق للقضاء على المنافسة.
وتطالب الدعوى القضائية بإصدار أمر قضائي بتفكيك "فيسبوك" وإلغاء استحواذها على "إنستغرام" و"واتساب".
وتعتبر هذه الدعوى هي الثانية المرفوعة في أقل من شهرين في الولايات المتحدة ضد إحدى الشركات الأميركية العملاقة في مجال التكنولوجيا، بعد الدعوى المرفوعة ضد جوجل.
شارت عدة مواقع إسرائيلية إلى نجاح محاولات احتواء فيسبوك بما يضمن مصالح دولة الاحتلال، أبرز تلك المواقع التي نشرت قصة الاتفاق كان موقع "The Intercept" الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن هناك عمليات مراقبة أصبحت تتم على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر فيسبوك من خلال دعم إسرائيلي، وأضاف الموقع الإسرائيلي أن "فيسبوك حرصت على استرضاء "إسرائيل" من خلال العمل لترضية كل رغباتها في التجسس".
هذا وقد ذكرت مصادر أن نجحت دولة الاحتلال الإسرائيلي نجحت في وقت سابق في إخضاع عملاق التواصل الاجتماعي لرغباتها، وأجبرت الحكومة الإسرائيلية إدارته على إرسال وفد مسؤول إليها للتوقيع على اتفاق يلبي كل طلبات حكومة تل أبيب.
وفد فيسبوك التقى في دولة الإحتلال ، بوزير الأمن الداخلي جلعاد إردان ووزيرة العدل أيليت شاكيد، وبحث الاجتماع ما تسميها "إسرائيل" "ظاهرة استخدام هذه الشبكة للتحريض على الإرهاب"، حيث انتهى الاجتماع باتفاق نص على "توطيد التعاون بين سلطات الاحتلال المختصة وفيسبوك من أجل شطب المضامين التحريضية من صفحات الشبكة".
هذا وقد قدم تطبيق Onavo VPN الكثير من المزايا لشركة فيسبوك أعانتها على فهم حاجة المستخدمين بشكل أكبر، وجذبهم لقضاء وقت أطول داخل التطبيق. إذ سمح Onavo لفيسبوك بـ"
- مراقبة الوقت الذي يقضيه الأشخاص على كل تطبيق.
-
التجسس على بيانات الهاتف المحمول والشبكة اللاسلكية واي فاي التي يستخدمونها في التطبيق.
-
التجسس على مواقع الويب التي يزورونها.
-
التجسس على الحالة الاجتماعية، الموقع الجغرافي ونموذج الجهاز.
-
اكتشاف الاتجاهات الجديدة في استخدام المحمول ومراقبة المنافسين ومعرفة الميزات أو التطبيقات التي سيتم نسخها، حيث أصبح الاستنساخ أساسًا لإستراتيجية منتجات فيسبوك على مدار السنوات الماضية.
المصدر
وكالات