موضوع هام وخطير تناوله الكاتب سامي كليب عن مآلات الوضع في لبنان في ظل الحرب الشرسة القائمة على لبنان وسوريا, إن كنا في إضاءات نتفق مع بعض ما ورد في تفاصيل الموضوع, فإننا نختلف مع الكاتب المحترم فإننا نعتبر في إضاءات أن السياسات الغربية في محصلتها تُفقر ولا تُغني الشعوب ولا تَجلب الرخاء لها, فالمشروع الاستعماري التطبيعي يهدف لنهب الثروات ومنع التقدم والنمو لشعوبينا ولدينا في مصر والاردن مثالان على التفقير وتجويع شعبيهما بالرغم من مرور عقود من التطبيع مع العدو الصهيوني, فلا سمن ولا عسل يأتي مع التطبيع والتصوير الوردي للأستاذ سامي لحال المنطقة في ظل التطبيع أمر خاطئ وقع فيه الكاتب, المطلوب إستعمارياً لمنطقتنا, هو استعبادها, افقارها وترك شعوبها تلهث من الركض للحصول على لقمة العيش لكي لا تفكر في فلسطين ولا بالقضايا القومية الكبرى.
نختلف في موقع إضاءات مع الكاتب المحترم مجدداً,اعتباره الغرب وسياساته الاستعمارية هي قدرٌ حتميّ يجب علينا القبول به, السيد حسن نصر الله, ذكر في إحدى كلماته السابقة, ان من سيقتلنا سنقتله وكررها ثلاثاً.
صراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع وجوديّ, فالمنطقة لن تتسع لشعوبنا ولقطعان الغزاة المستعمرين الصهاينة والحل يكمن بكنس هذه الغدة السرطانية المسماة "إسرائيل", لقد أسست دول الاستعمار الكيان الصهيوني ككيان وظيفي وحددت مهامه الوظيفية بموجب مؤتمر كامبل بنيرمن 1907و ومهامه تتلخص بترك شعوبنا فقيرة ودون ان تمتلك المعرفة العلمية والتقنية وجعل بلادنا غير مستقرة لمنع نموها لكي يستمر نهب ثرواتها واعتبارها سوقاً لمنتجاتها.
موقع إضاءات الإخباري
رئيس التحرير
اليكم نص ما كتب الاستاذ سامي كليب في موقع "180"التالي
الشارع سينفجر.. ماذا سيفعل حزب الله:
لا شك أن ثمة سلالة سياسية في لبنان متعددة الطوائف تشعر بإقتراب إنتهاء زمنها وصلاحيتها، فتمارس كل أنواع التذاكي لتبقى بالقوة حتى لو قضت على ما بقي من لبنان، أو لترحل بأقل كلفة ممكنة.
لا شك أن لبنان القديم انتهى، لكن ليس معروفا تماما بعد كيف سيكون عليه لبنان المقبل، ذلك أن لا أحد ـ على الأقل حتى الآن ـ قد طرح مشروعا متكاملا لانقاذ ما بقي من الوطن أولا ثم لاعادة اطلاقه على قواعد جديدة، وهي قواعد ستحتاج لسنوات ولخطط خمسية وعشرية كي تستقر.
يتحمل ساسة لبنان، طبعا، مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع، فالفضائح المتبادلة حاليا والتي ستنتشر كالنار في الهشيم لاحقا، توضح حجم كارثة الهدر والثمن الباهظ للمحاصصة والنهب العام، وهذا ما أثر فعليا على البنى التحتية للبنان وعلى كل مؤسساته، من الكهرباء والمياه الى الضمان الصحي والتعليم الى الطرقات والمجاري الصحية وغيرها. لكن الفساد اخترق في الواقع كل الجسد اللبناني، حتى ليكاد كل مواطن تقريبا يُتهم بممارسة او محاولة ممارسة نوع من الفساد الذي اعتُبر في لبنان تذاكيا اجتماعيا او أمرا واقعا، كمثل دفع رشاوى أو تزوير ساعة الكهرباء او تقديم علب دواء وهمية للضمان وغيرها.
قضية حزب الله هي البارومتر
كان يُمكن لهذا الأمر أن يستمر سنوات قليلة مقبلة بعد لولا ظهور “قضية حزب الله”. فالوهم الاقتصادي الذي كان يقوم عليه لبنان، من تحويلات ابنائه في الخارج، وفوائد خيالية على الودائع، ومساعدات عربية ودولية، وصناديق وهمية تحمل اسماء طنّانة وفوائد شبه معدومة الا للساسة المشرفين عليها، ومناقصات محسومة الأمر سلفا، كان يُمكن ان يستمر لفترة اخرى مع ورثة الورثة من السلالات السياسية، لكن “قضية حزب الله” غيّرت المعادلات.
كان يُفترض ان يتم القضاء على حزب الله عسكريا أو بصفقات سياسية كما حصل ضد الحركة الوطنية اللبنانية او منظمة التحرير الفلسطينية او القوات اللبنانية او تمرّد العماد ميشال عون (عام 1988). لم ينجح ذلك، فلا العدوان الاسرائيلي نجح، ولا الصفقات نُسجت، ولا الداخل اللبناني المواجه للحزب اثبت فعاليته.
على العكس تماما، تمدد حزب الله أكثر حتى بات كل قرار في الدولة تقريبا محكوما بموافقته، وكل طرف سياسي محكوما بالتنسيق مع الحاج وفيق صفا أو غيره. ثم جاءت العقوبات على أمل ان تشل الحزب وتفقر بيئته وتؤلبها ضده، لكن الدولارات بقيت تنهمر، وقامت مؤسسات كثيرة اجتماعية وطبية وزراعية وصناعية في مناطقه، تستطيع ان تحمي ظهر الحزب ومقاتليه ومشروعه.
لا مساعدات بلا صفقة او حرب
لا يحتاج الأمر الى تفكير عميق كي نفهم، ان المشكلة هي في هذا المكان بالضبط، اذ كيف يمكن لأي لبناني عاقل ان يتخيل ان تأتي مساعدات، ويتم انقاذ لبنان وانتعاش ساسته بمن فيهم حزب الله، طالما الحزب يتمتع بقوة عسكرية كبيرة (مع تدريب قتالي فعلي لمدة 10 سنوات على الارض السورية) وصواريخ استراتيجية ويمتد نفوذه من بيروت الى سوريا وفلسطين وصولا الى اليمن والعراق، ويتحالف عضويا وعقائديا وعسكريا وسياسيا الى حد الولاء المطلق مع ايران؟
المعادلة اذاً هي الآتية: اضعاف حزب الله مقابل المساعدات، بالتزامن مع توسع نطاق التطبيع الاسرائيلي مع الدول العربية، ما يعني أن ترك لبنان وسوريا يغرقان بالفقر والنقمة وتدمير اسس الدولة وقتل أي امل حقيقي بالقيامة فيهما، لم يعد أمرا خطيرا الآن. فالمُراد بالضبط هو هذا، اي القول بأن قطار التطبيع، مع ما يحمله من مشاريع مغرية، انمائية واقتصادية وتجارية وطبية وزراعية وتكنولوجية، يسير بسرعة، وان من لن يلحق به، يمكنه ان يبقى على قارعة الطريق يستجدي مساعدات ويتراجع ويتخلف على كل الصعد.
في هذا الوقت، تستمر السلالة السياسية اللبنانية المتعددة الطوائف والانتماءات، على ضيق افقها وتفكيرها، في التمسك المقزز بهذا المنصب أو ذاك، وكأن تأليف الحكومة يتم في سويسرا او في مدينة فاضلة وان لا مشكلة سوى ان يكون هذا الوزير مارونيا وذاك شيعيا وذلك سنيا والرابع درزيا.. الخ.
انتهاء دور لبنان
لُبنان بُني تاريخيا، على جمال بيئته، وعلى السرية المصرفية، السياحة، الاعلام، الخدمات، التعليم، الطبابة، وجودة معاملة السياح. كل هذه المقومات صارت في دول اخرى. فالخليج بشكل عام صار مقر الاعلام ومراكز الدراسات والمال والمصارف والتعليم والخدمات، لا بل ان التزلج الاصطناعي في دبي مثلا صار يوضع في “بروشورات” السفر الدولية مع الجبال العالمية المكللة بالثلوج. وفيما تكنولوجيا المعلوماتية وصلت الى ذروتها في الخليج، فان الانترنت في لبنان هو بين الاكثر ضعفا، ولا حماية مطلقا للسايبرنت فيه.
بناء على ما تقدم فان الاحتمالات الممكنة للمستقبل هي التالية:
اما تقع حرب كبرى في محاولة للقضاء على حزب الله بسبب سلاحه وصواريخه الدقيقة ودوره كما حصل في العام 1982 (وهذه ستكون كارثة على لبنان وايضا على اسرائيل).
واما تبدأ صفقة في مكان ما بعد حرب ضروس تفرض شروط معادلة اخرى مغايرة تماما لكل ما سبق، في حال ربحت اسرائيل او انتصر حزب الله.
أو تدخل الادارة الاميركية الجديدة بتفاوض جدي مع ايران يبدأ بالنووي ثم يشمل الدور الايراني والصواريخ في المنطقة وهذا سينطبق حتما على حزب الله ويبدا التفكير في مناطق منزوعة السلاح عند الحدود اللبنانية الاسرائيلية اولا لابعاد الخطر وثانيا لاستخراج الغاز وثالثا للتمهيد لتفاوض سياسي (وهذا وارد وقد يكون منطقيا وفق ما يؤكد لنا مسؤول غربي على علاقة بلبنان واسرائيل).
إما أن يُترك لبنان وسوريا لفقرهما ومصيرهما القاتم، وهو ما سيجعل القوى الاساسية فيهما تحاول البحث عن تعزيز معابر اخرى غير غربية مثل ايران والصين وروسيا وغيرها، والتأسيس لانظمة انتاج محلي لمواد الاستهلاك الاساسية، وهذا امر طويل وبحاجة لصبر ولتهدئة غضب الشارع، وقد يدفع الى تمرد جزء من اللبنانيين عليه، فيطالبون بنوع من الانفصال او الفدرالية.
في كل الأحوال فان الفترة القريبة المقبلة، ستشهد ارتفاع نسبة النقمة اللبنانية الداخلية ضد السلالة السياسية المتعددة الطوائف والانتماءات بسبب الغلاء ورفع الدعم واستمرار نهب الودائع، ولن يستطيع اي سياسي الخروج من منزله بسهولة، وستعود الانتفاضات للتعبير عن نقمة شعبية على الغلاء ورفع الدعم، وقد يغرق لبنان في فوضى متعددة الوجوه ما يسمح بتوترات امنية وربما اغتيالات.
ماذا سيفعل حزب الله؟
لا يُمكن الاعتماد على السلالة السياسية الآيلة للانقراض لانقاذ الموقف، فما سيحدث لاحقا قد يُستغل من اطراف متعددة ومتناقضة. لكن تبقى الاسئلة المركزية هي التالية:
اولاً: ماذا سيفعل حزب الله؟ هل يكتفي بتحصين مناطقه امنيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا؟ أم يبتعد عن السلطة؟ أم يقبل بصفقة دولية اقليمية؟ أم يستعد لحرب قد تأتي عاجلا أم آجلا؟ أم يتجاوب مع حركة الشارع المقبلة مهما عبّر بعضها عن مواقف ضده؟ فلو انفجر الشارع على خلفية الجوع، لن يوفّر أحدا، وسيكون الشارع ساحة لاختراقات كثيرة من دول واطراف متناقضة المصالح. فالحزب ربح عسكريا اكثر من مرة، لكن ما هو مشروعه السياسي للوطن؟ وهل لديه فعلا مشروع لكل اللبنانيين؟
ثانياً: ماذا سيفعل خصوم الحزب؟ هل سيقدمون على ما احجموا عنه في السنوات الماضية، اي مواجهته على الارض؟ هل لديهم القدرة على ذلك؟ وماذا لو واجهوه وخسروا؟ هل ينقلب كل وجه لبنان؟ وما هو مشروعهم الجاذب لكل اللبنانيين بمن فيهم بيئة حزب الله؟
ثالثاً: ماذا ستفعل الحركة الشعبية والتيارات السياسية المنتفضة او التي ستنتفض، هل تستطيع ان تتقدم بمشروعٍ انقاذي موحد يجذب قسما كبيرا من اللبنانيين، فيفرض معادلة جديدة؟ أم يستمر على تشتته وتناقضه وضياعه.
لا شك ان المصير قاتم، والاحتمالات كلها صعبة، وهذه السلالة السياسية الآيلة للانقراض، ستُمارس آخر واقسى وأخطر اوراقها في محاولة البقاء. لكن الاكيد أن كل شيء سيكون مشروطا بمآلات الصراع الخارجي مع حزب الله، وبالصفقة او التصادم بين جو بايدن وايران. وأما الداخل، فسيبقى أدوات غب الطلب للصفقة او الحرب او المواجهة