كتب الأستاذ حليم خاتون:
تساءل الكثيرون بعد اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس عن الردّ الإيراني.
هل تردّ إيران، أم تستوعب الضربة؟
وقف الكثيرون من الذين لا يُحبّون إيران، ولكنهم يخافونها، خاصة من العرب الصهاينة؛ وقفوا لعدّة ساعات على رجل ونصف.
وتوقّع العالم أن تبتلع إيران الضربة، وتعضّ على الجرح، كما فعل الإمام الخميني حين وافق غصباً، على
إيقاف الحرب ضدّ صدّام حسين، بعد عدّة ضربات أميركية مباشرة.
إيران 2019، ليست هي نفسها إيران الثمانينيات.
الصهاينة العرب يعرفون جيداً أنّ الإيرانيين سوف يردّون.
جاءت صواريخ قاعدة عين الأسد، صفعة؛ لكنها بالتأكيد، دون مستوى الردّ.
قد أكون مُخطئا، لكنّ صواريخ عين الأسد، كانت ردّ الطرف الذي لا يريد الحرب داخل السلطة الإيرانية.
التيّار شبه الإصلاحي في إيران لا يستطيع عدم الردّ بالمطلق.
إن هو لم يردّ، يخسر مابقي له من مصداقية عند الشعب الإيراني.
ولأنه نصف مؤمن بحتميّة انتصار الشعوب، ومن الذين يراهنون على استمرار مراكمة القوّة إلى ما لا نهاية، قرّر أن يقوم بنصف ردّ، فكانت صواريخ عين الأسد.
يومها لم يكن ترامب يتوقّع الردّ، مهما صَغُر هذا الردّ.
فوجيء ترامب. لكنّه فهم، أو ربما وصلته رسالة من داخل إيران قالت له بالحرف:ابتلع هذا الردّ وإلّا فإنّها الحرب.
بين مستشاري ترامب من هم ليسوا بالأغبياء.
قالوا له: هناك في إيران من يريد أكثر من مُجرّد ضربة.
هؤلاء يريدون الحرب.
والحرب مُكلفة جداً، لأميريكا ولك.
العراق وما حصل في العراق، سوف يُعتبر نزهةً قياساً إلى ما سوف يحصل في إيران.
وإذا كان غزو العراق قد أضعف أميركا فعلا رغم الظواهرالخادعة، فإنّ غزو إيران سوف يُنهي أسطورة أميركا، الدولة العظمى.
المعيار كان جاهزا.
حرب حزب الله ضد إسرائيل، هي الصورة المُصغّرة لحرب إيران ضد أميركا.
يومها كان ترامب واثقاً من فوزه بالإنتخابات الرئاسية.
قرر ابتلاع الصفعة الإيرانية على الذهاب الى مغامرةا لردّ، والردّ المُضاد.
لكنّ الطرف الذي يتشوّق لهزيمة أميركا، وهو التيار الراديكالي في السلطة الإيرانية، قرّر، لأسباب ذاتية ناتجة عن عدم إمساكه بكل السلطة في إيران؛ قرّر تأجيل الحرب إلى ظرف موضوعي آخر.
بنظره، أميركا لن تكفّ عن التحرش بإيران، يجب فقط التهيؤ لذلك اليوم الذي تكون فيه كل السلطة بيد الراديكاليين.
ولأنه لم يكن مسروراً بضربة عين الأسد المحدودة، أعلن صراحةً أن الثمن الذي على أميركا دفعه، هو الخروج نهائياً من كل غرب آسيا.
هل اختار التيار الراديكالي هدفاً مستحيل التحقيق؟
كل الدلائل تشير إلى أنّ هذا الهدف في متناول اليد، حين سوف تأتي الساعة.
خسر ترامب الٱنتخابات، فتغيّرت خططه.
صار يريد الحرب.
وبعد أن كان يلجم الإسرائيليين، وبعض صهاينة العرب، قرّر الدخول في مغامراتهم.
في إيران، لا زالت السلطة في يد التيار شبه الإصلاحي.
هذا التيار الذي يمثّله الرئيس روحاني هو أكثر راديكاليةً من الإصلاحيين، لكنّه أقلّ ثوريةً من الراديكاليين.
هو لا زال يراهن على المستحيل.
لا زال يراهن على بايدن، وأوروبا.
لا زال أمام أحلام هذا التيّار شهر كامل من الأمل الكاذب.
ولأنه يزرع الأوهام، سوف يحصد الخواء، من بايدن ومن الأوروبيين على حدّ سواء، ليصل إلى الإنتخابات المقبلة بأيدً خاوية أمام الشعب الذي سوف يطالبه بمغزى التعويل على اتفاقات بلا معنى ولا مضمون مع ال5+1.
التيار الراديكالي في إيران لايريد الآن البدء بالحرب.
لكنه مستعد لها إذا بدأها ترامب.
حينها سوف تكون كل إيران موحدة ضد أميركا.
أما إذا لم يقم ترامب بأي خطوة غبية، أتمناها من كل قلبي،
فالراديكاليون ذاهبون الى نصر انتخابي في الصيف القادم.
عندها لن يكون هناك أي حجّة لعدم القضاء على من تعوّل أميركا عليهم في المنطقة.
لكن الهزيمة يومها سوف تكون ضربة قاضية، على مجموعة كاملة وليس فقط على طرف هنا ام طرف هناك.