تصويب للكلام الآخر المختلف\ د. علي حكمت شعيب
ثقافة
تصويب للكلام الآخر المختلف\ د. علي حكمت شعيب
19 كانون الثاني 2021 , 08:56 ص
كتب د. علي حكمت شعيب,  أستاذ في الجامعة اللبنانية   إن النقد البناء المنطلق من نية الإصلاح مطلوب ومحبّذ، حتى ولو كان مكروهاً ممن يوجَّه اليه لأن به تقويم المسار والتنبه الى الإنحراف والخطأ.

كتب د. علي حكمت شعيب,  أستاذ في الجامعة اللبنانية

 

إن النقد البناء المنطلق من نية الإصلاح مطلوب ومحبّذ، حتى ولو كان مكروهاً ممن يوجَّه اليه لأن به تقويم المسار والتنبه الى الإنحراف والخطأ.

 

وهنا يحضرني حديث للإمام علي عليه السلام في عهده لواليه عاى مصر مالك الأشتر(رض):

" ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ، وأَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللهُ لأِوْلِيَائِهِ، وَاقِعاً ذلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ."

لكن عندما ينتمي المرء الى بيئة يجمع عقلاؤها على مسار محدد يوصل الى غايات كبرى بها يتحقق خروجها من ظلمات الفقر والعبودية الى نور الحياة والفاعلية.

حينها يكون النقد خروجاً عن الجماعة وتفرداً واستبداداً بالرأي، ومن استبد برأيه هلك، لا سيما إذا كان مضمونه موافقاً تماماً لنصيحة العدو الماكر المدّثر بثياب الواعظين.

لطالما نصحت أمريكا حركات المقاmwة بالتخلي عن سلاحها والانشغال بالسياسة المحلية مقدمة لها المغريات والأمنيات الكثيرة، وتجربة حركة فتح شاخصة أمامنا والى أين أوصلت قضيتها عندما ألقت سلاحها وخلعت ثوب كفاحها فأصبحت كرة تتقاذفها المؤتمرات الدولية التي لم تسمن ولم تغن من جوع، مع ما لحق بالذين اتبعوا النهج السلمي من صغار وضعة وإذلال ومنع من حقوقهم.

وتلك نتيجة طبيعية لمن ترك الجهاد وقد ورد في نهج البلاغة: 

"أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى، وَدِرْعُ الله الْحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، أَلْبَسَهُ الله ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ، وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ، وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وَسِيمَ الْخَسْفَ، وَمُنِعَ النَّصَفَ."

إن من ينظّر للحياد أو لفصل الساحات لا يفقه شيئاً من علم السياسة والعلاقات الدولية ولم يطّلع على النظام العالمي القائم حالياً.

فالساحات المحلية والإقليمية والدولية مرتبطة ضمن نظرية منهجية النظم بأطر تكاملية تشكل مخرجات إحداها مدخلات لأخرى.

والتسلح بمواقف سابقة لقادة كبار سابقين لا يفيد لأن التغييرات البيئية تفرض تبدّل المواقف فما كان صحيحاً بالأمس لم يعد كذلك اليوم.

إن الدعوة للتخلي عن نقاط القوة المركزية واللجوء الى سقف القوانين الدولية دعوة حمقاء إذ لا نظام دولي يحترم الضعفاء.

على المرء أن يعرف قدر نفسه ويربع على قدره ولا يقفو ما ليس له به علم تلك نصيحة تقدّم الى كل هؤلاء الناطقين بلسان أعدائنا عن قصد أو عن جهل ولا ينفع الاعتذار بعد أن تكون المواقف قد سبقت وأدّت دورها في إطار الحرب النفسية على مجتمعنا.

المصدر: د. علي حكمت شعيب