كتب الاستاذ حليم خاتون:.
لم يعد عون بيّ الكل.
لا يمكن لبيّ الكل أن يكون تاجرا في سوق عكاظ اللبناني.
دخل حزب الله في تذليل العقبات. دخل المُختار على الخط.
يجب تأليف حكومة. لم يعد الوقت يحتمل.
قبل اليوم كنّا "مرتاحين!!"، أمّا اليوم.
ما بقى بدها.
تخرج تحليلات تصيب حزب الله في الصميم.
يقولون إن الحزب الأقوى رأى أن فرنسا غير قادرة على دفع الأثمان، فانتظر الأميريكيين.
تحليل، بكل أسف، شارك فيه بعض المحسوبين على محور المقاومة؛
فكأن حزب الله يبيع ويشتري على الساحة اللبنانية.
الحزب لم يذهب إلى سوريا إكراما لعيني إيران.
الحزب لم يساند العراقيين إكراما لعيني إيران.
الحزب يدعم شعب اليمن العظيم، المظلوم، لأن الواجب الإنساني يقول هذا.
هنا، وكما في 99٪ من الأمور والمواقف، التقت مصلحة المقاومة مع مصلحة إيران الدولة.
باختصار، الحزب فعل كل هذا من أجل لبنان، لبنان الحر، السيد، كما نريده نحن.
في هذا ليس هناك اي عيب.
الحقيقة التي لا يريد الكثيرون الإعتراف بها هي
أن الحزب كان يطلب من الدولة في إيران ترك مقاعد الدولة والإنتقال إلى مواقع الثورة الشعبية.
من تابع، ومن يتابع ما فعله الشهيد قاسم سليماني، يستطيع تبيّن هذا بكل وضوح.
فكم من المرات قامت إيران بالتصرف عكس "عقلانية" الدول، فقط من أجل لبنان وفلسطين.
لذلك، الغمز من أن الحزب قرر اليوم البيع والشراء من أجل إيران، هو محض افتراء.
بيئة المقاومة تفهم جيدا أن هناك تلازما غير قابل للإنفصام بين الحزب والجمهورية الإسلامية.
من الملاحظات الكثيرة التي وردت في أكثر من مقال، تساؤل غير بريء
عما إذا كانت إيران أو سوريا قد ضربت الكيان الصهيوني ولو مرة.
إن مجرد وجود الجمهورية الإسلامية، بل حتى أحد أهم عِلل وجودها هو ضرب الكيان.
يريد بعضهم أن تنطلق الصواريخ الإيرانية من الأراضي الإيرانية لدكّ
تل أبيب.
هذا آت لا محالة يوما، لكن الذي قهر الجيش الذي لا يُقهر، إن كان في غزة أو في لبنان، نجح في هذا لأن دولتين لا "تعجبان" هذا البعض، هما إيران وسوريا عملتا على هذا.
حتى بعض مدعًي التعاطف مع الحزب، والذين يتساءلون بمكر عن دخول الحزب إلى سوريا والإقليم، والذين يذرفون دموع التماسيح على شهداء المقاومة، يريدون فقط التعمية على حقيقة غير قابلة للنقاش:
عدو سوريا واليمن والعراق وفلسطين، هو نفسه، عدو لبنان، هو نفسه عدو حزب الله.
وكما يظهر كل يوم مدى انعدام الفروقات بين الأعداء، كذلك يجب أن لا يكون هناك فروقات بين اطراف محور المقاومة.
عقود من الزمن مرت والاعداء يستفردون بنا، ونحن نراعي بعض الداخل المتخاذل والمتواطىء مع الأعداء، لكي لا يتهمونا بخراب البلد، ومع ذلك هم لا يصمتون عن مهاجمة الحزب.
اليوم، ومع وضوح الأمور بهذا الشكل المُحزن لنا، يجب أن لا نفترق كمحور مقاومة بعد اليوم.
هذا في عدو الخارج، ماذا عن عدو الداخل؟
عدو الداخل، أجدى بالصفع والضرب من أميريكا والكيان.
ضد محور عدو الخارج،
تُرفع القبّعة للحزب.
لا مجال للشك.
ولكن ما أن نعود إلى الداخل، يتلعثم الحزب، وكأن دبابير هذا الداخل لسعته فورِم حت الشلل.
الحزب يتدخل لتقريب عون والحريري من أجل مصلحة البلد.
يقولون البلد، أي بلد؟
هؤلاء، أكلة جبنة.
هؤلاء، يحب أن تكون نهايتهم المزابل.
الحزب يتدخل، فيخلق أوهاما في الناس لا يمكن تحقيقها.
كثيرون قد يصفقون للحزب لهذه الوساطة، لأن مُعظم الناس بسطاء، نيتهم طيبة ويظنون أن "أبو ملحم" قادر على اجتراع معجزة.
قد ينجح حزب الله.
قد تخرج غدا حكومة.
لكن بضعة أسئلة، تكفي الإجابة عليها لنعرف أن ما يجري هو إضاعة للوقت، وتشتيت لعقول الناس.
حكومة حسّان دياب أرادت أن تقدم خطة إنقاذ إقتصادية عرجاء، تمشي على ساق واحدة فقط، فلم تستطع، وافشلتها طبقة ال0.85٪.
هل سوف يأتي عون والحريري لتقديم خطة فعلية للإنقاذ؟
المشكلة أن هذا الوهم الذي يزرعه الحزب في الناس، هو وهم لا زال يسيطر على تفكير الحزب نفسه.
الحزب لا زال مُصدقا بإمكانية تسويات تبويس اللحى.
منذ بدء الأزمة، جرى التحذير من تحليق الدولار.
جرى التحذير من شروط المؤسسات المالية برفع ال TVA إلى الأعلى.
جرى التحذير من تدفعة الطبقات الشعبية ثمن التفليسة.
جرى التحذير من رمي الناس في الشوارع بلا عمل، خاصة من القطاع العام.
ماذا فعلت كل القوى التي تحسب نفسها في صف الفقراء، ومنهم حزب الله؟
لا شيء .
أاف مرة تحدّث الإقتصاديون عن أكثر من خطة.
دون جدوى.
إلى حزب الله ومن يريد فعلا إعادة لبنان إلى الوضع الطبيعي.
الكثيرون يقولون إن هذا غير ممكن.
لكن هذا ليس فقط ممكنا، هذا واجب.
يجب فعل التالي ومنذ الامس:
1- إلغاء الTVA بشكل كامل لأن هذه الضريبة تقع أساسا على الفقراء وتحوًل لبنان الى سوق لاستهلاك بضائع الإستيراد على حساب الإنتاج المحلي.
2-. فرض ضريبة مباشرة على الدخل، تصاعدية تبدأ من 1 أو 2٪ وتصل حتى 75٪ كما هو الحال في فرنسا.
3- تطبيق نفس نسبة هذه الضريبة على الودائع من عشرة ألاف دولار والى أعلى وديعة في المصارف.
فيتحمّل صاحب العشرة ألاف دولار 1٪ ضريبة على وديعته، أي 100 دولار تُسحب فورا من حسابه، ويتحمل صاحب العشرة مليارات دولار مثلا، 75٪، أي 7.5 مليار دولار، تسحب فورا من حسابه.
إن أي اقتصادي يستطيع وضع معادلة رياضية لهذا الحساب.
وبما أننا نعرف أن طبقة ال 0.85٪ من الأليغارشيا تملك حوالي 90 مليار دولار، فهذا يعني أن الدولة تأخذ منهم مباشرة 75٪ صريبة،
أي 67.5 مليار دولار تحسم فورا منهم.
هذا إجراء تقوم به حتى الدول الرأسمالية.
4- القبض على كل من أخرج أموالا طائلة وإجباره على إعادتها.
في إحدى المرات، قامت الدولة بحسم 50٪ من أموال الناس مباشرة ودفعت الباقي على ثلاث سنوات.
الذي يقبل تجري معه المساومة فورا.
والذي يرفض، عليه الإنتظار حتى تستعيد الدولة عافيتها بالكامل.
أساسا، هذا ما تفعله المصارف اليوم.
إذا كان في الوديعة مئة ألف دولار، المصارف تعطيه 30 الف نقدا، وتمحى الوديعة.
هل سوف يقوم الحريري أو عون بهكذا خطوة، وهما يتذابحان على ما بقي في هذه الدولة من مقدرات.
حسنا، فليقم حزب الله بدور ابو ملحم أو المختار،
مرة أخرى وأخرى.
كل هذا لن ينفع.
وفي الأخير سوف تُوجّه السهام إليه، على أنه جزء من التركيبة الحاكمة.
قد يبدو هذا الكلام طوباويا، وغير قابل للتطبيق.
إذا أردنا فعلا إعادة بناء الدولة، ليس من طريقة ناعمة، الهم إلا إذا نزل الوحي على هؤلاء اللصوص فتابوا وارجعوا ما نهبوه.
لكن التاريخ لا يبلًغ عن مثيل لهكذا أمر.