كتب حليم خاتون:
عندما يتلقى المرء السهام من عدة اطراف، يتساءل إن كان موقفه هو الصائب، ام أن عليه مسايرة الواقع والقبول والسكوت على آفات فقط لأن الواقع هو كذلك، ويجب دوما مراعاة هذا الواقع.
خلال حوالي السنتين من محاولة فهم واقعنا، وترجمة هذا الفهم إلى كلمات، لم يخلو الأمر من سهام تأتي من كل الأطراف والجهات.
أحيانا تكون هجوما لاذعا؛ احيانا أخرى تكون مواعظ ونصائح، ولكن في بعض الأحيان يكون عبر محو الفكرة وعدم نشرها مراعاة لهذا الواقع، كأهون الشرور.
يتراوح منتقدو المقاومة من العداء الفطري لكل ما هو مقاومة أو يسار ماركسي ثوري أو وقوف إلى جانب الطبقات الفقيرة، وصولا إلى حاملي فكر النقد البنّاء، والذين يطمحون فعلا إلى تطور هذه المقاومة لكي تكون هي قائدة مسيرة، ليس فقط التحرير، بل وبناء الدولة أيضا.
وإذا كانت أغلبية هولاء من الطبقات البرجوازية العليا، الغنية، والفاحشة الغنى؛ فإن نسبة لا بأس بها تكون أيضا من الفقراء الذين، بسبب فقرهم، ينتهون إلى كره هذا الفقر عبر كره الفقراء (بالإذن من فرويد) والإصطفاف إلى جلّاديهم من ناهبي ثروات المجتمع.
وإذا كان الرد على العداء للمقاومة والجمهورية الإسلامية وسوريا سهل إلى حدّ بعيد حيث يكون المعيار هو الموقف من الكيان الغاصب، وحيث اردًد دوما أن من يكون إلى جانب الكيان، هو حتما عدوي وأن من يقف ضد الكيان، حتى لو كان الشيطان نفسه، فهو يستحق ولو دفشة دعم.
المشكلة، كل المشكلة، هي حين يتم تناول الوضع الداخلي اللبناني.
أن يتصرف السيد حسن بعقلانية وواقعية، قد، وأصرّ على كلمة قد؛ قد يكون مقبولا، وصلح الحديبية بين الرسول والمشركين خير دليل على مرحلية التعامل الواقعي.
أما عندما يقوم مقاتل من المقاومة، أو عضو فيها، أو حتى مواطن من بيئة هذه المقاومة بالتنظير للواقعية
والعقلانية السياسية، فهذا أحد، وبداية ظهور عوارض مرض عُضال، اسمه في الخارج أوسلو أو وادي عربة أو كامب ديفيد، وإسمه في الداخل القبول بمنظومة الفساد وبداية الدخول إليها.
إن مهمة كوادر المقاومة، ومهمة أي ناشط سياسي حريص على استمرارية هذه المقاومة ليس التغنًي الابدي بمنجزاتها، وإن كان جائزا بعض الإحتفال؛ لكن مهمة هؤلاء الإضاءة على أخطاء المقاومة إذا وقعت، والتحذير منها قبل وقوعها إذا أمكن.