الجزء الثاني :ماذا تعرف عن الردّ السوري ؟
مقالات
الجزء الثاني :ماذا تعرف عن الردّ السوري ؟
جاسر خلف
4 شباط 2021 , 17:26 م
الجزؤ الثاني : ماذا تعرف عن الردّ السوري ؟

 

 

"الجزء الثاني" تناولنا في الجزء الأول و بشكل مكثف للغاية الجانب السوري في الموضوع بوصف سورية عاصمة لمحور المقاومة و قلبها و أن هذا القلب لا يعيش معزولاً عن بقية الجسد و يتوجب عليه التناغم و التنسيق مع كل الجسم من أجل الحياة و المقاومة بشكل أكثر فاعلية.

سنتناول هنا الجانب الإيراني و دوره في عملية الردّ و لكن قبل ذلك لابدّ من إيضاح مسألة أن حجم العدوان على سورية كان و مازال أكبر بكثير و للغاية مما حاول معسكر العدوان و إعلامه الجبار الهائل تقديمه و بطريقة إحترافية و ماهرة أوقعت في خدعتها حتى الإعلام المقاوم الذي إنساق لترديد نفس رواية العدو..

حين تحدث حمد بن جاسم وزير خارجية قطر السابق عن مئات المليارات التي أنُفقت لدعم الإرهابيين بتدمير سورية و تمزيقها فهو إنما تحدث عن الدعم المالي المباشر كالمخصصات و شراء الذمم و دعم التنسيقيات و المنصات و عن مدة زمنية محدودة و بعض الأسلحة و أضاف الأمريكان بأنهم في وقت ما أنفقوا 70 مليار فقط..

المهتم و المتابع و العارف بتلك القضايا و بالإعلام خصوصاً و يراقب الأمر من خارج سورية يعرف بأنه تم إنفاق تريليونات من الدولارات لأنه كان للمخطط المعادي لو نجح أن يواصل سيره تجاه إيران و روسيا و الصين و لكن البطولات الأسطورية للجيش العربي السوري و بمشاركة محور المقاومة نجحت في إيقاف و صد العدوان الدولي و هي مستمرة لدحره و هزيمته نهائياً. تعتبر إيران الطرف الأقوى في محور المقاومة مادياً و عسكرياً و هذا يتجلى في دعمها و مشاركتها القوية و وصلت صواريخها الدقيقة و دعمها المالي و خبراتها حتى إلى غزة.

لكن إيران مثل كل دول و مجتمعات العالم تؤثر فيها و تحكمها توازنات معينة عرقية، ثقافية، طبقية، دينية عقائدية و قومية و أن إيران ليست ذات لون واحد أبيض أو أسود بل هي قوس قزح و لكن الغالبية منّا تعودت أو تحب أن تراها من زاوية واحدة.

إيران ليست قطرستان و لا بعيرلاند الغارقتان بالفكر الوهابي و الإخونجي و فقط. في إيران توجد عدة مرجعيات دينية و ليست مرجعية واحدة و فيها طبقات و فئة التجار أو البازار القوية للغاية و هناك إثنيات و قوميات عديدة بعضها يعادي الفرس و العرب معاً و يعارض و بل يعادي محور المقاومة و ضد تقديم أي دعم لسورية و ضد التواجد العسكري الإيراني هناك فالأذريون قد يوالون تركيا و ضد سورية و الأكراد ضد إيران و سورية حتى أن قادة قسد الأساسيين هم من إيران و يتواجدون بنفس غرف العمليات مع الضباط الصهاينة في كردستان العراق. و لدينا الإصلاحيين الذين لا ينكرون رغبتهم بالتوصل لتفاهمات مع أمريكا و حتى مع الكيان و بتنازلات ليست بسيطة !!

الفئة الأكثر تأييداً لمحور المقاومة هم المحافظون و مرجعية السيد خامنئي و الحرس الثوري و مؤسسة الجيش و لواء القدس و هنا لنا أن نتخيل حجم الجهد الذي كان يبذله الشهيد سليماني و السيد خامنئي في مواجهة المعترضين حين يتم إرسال أي نوع من المساعدات لمحور المقاومة و خصوصاً إرسال عسكريين للعراق و سورية و لبنان و يعودون شهداء في حروب يرى بعض الإيرانيين أنها لا تعنيهم لأنها ليست عدواناً مباشراً على أرض وطنهم.

هذا الإختلافات يستغلها أعداء المقاومة و إيران أي أمريكا و الصهاينة و الغرب و حكام الخليج لإبعاد الدعم الإيراني عن المقاومة و هنا تأتي كل العقوبات الإقتصادية و الحصارعلى إيران لتكمل حلقة العدوان. لذلك علينا تقدير و إحترام الدور العظيم للقيادة الإيرانية و دعم دورها و تعزيزه و أن نعي تماماً أن إيران ليست بكاملها بعظمة و تضحيات و كرم الشهيد سليماني و السيد خامنئي.

يصرح الصهاينة دائماً بأن غاراتهم المتكررة على سورية تأتي لتدمير البنية العسكرية التحتية الإيرانية و السورية المرتبطة بها و لكنها تبرز التواجد الإيراني دائماً فلماذ ؟ بحكم الوضع الإيراني الذي مهدنا له بداية يمكن الإستنتاج أن أي "ردّ سوري" لا يمكن أن يكون سورياً خالصاً و معزولاً و حتى لو حمل هذا العنوان لأن كل إعلام العالم سيتناول العدوان الصهيوني على أنه ضد التواجد العسكري الإيراني و الذي يتم إستهدافه غالباً و سيستدعي ذلك رداً شاملاً لمحور المقاومة في وقت ليس الأنسب رغم القرار الحتمي و الأكيد في وقت قريب جداً.

يكمن سبب التأخر في مسألتين أساسيتين:

1. الوضع الداخلي الإيراني و خصوصاً إقتصادياً مما سيضعف موقع المحافظين لصالح الإصلاحيين و هنا يتم إنتظار الإنتخابات الرئاسية الإيرانية بعد أشهر وحيث قام السيد الخامنئي ومن الآن بترشيح حسين دهقان مستشاره و أحد قادة الحرس الثوري و من أوائل قادة فيلق القدس الذين قاتلوا في لبنان و المقرب من حز ب الله مما يعني خيار المواجهة. يعني ترتيب البيت الداخلي و الإمساك بأوراق القرار بشكل أفضل بعد تحسن مركز المحافظين في البرلمان الإيراني.

2. إكمال البنية التحتية العسكرية لمحور المقاومة في سورية و هناك مؤشرات على أنها إنتهت تقريباً. لكنني أعد القارئ الكريم بتقديم أدلة و براهين بأن "الردّ السوري" هو قائم فعلاً و من حيث لا يحتسبون و أنه كان و سيكون. في الأجزاء اللاحقة سنتناول البعد الروسي و أسبابه ثم العنصر اللبناني و الفلسطيني و دوره مع تقديم الأدلة على "ردود سورية" بقيت مجهولة و كان إباء و عزة نفس القيادة السورية يمنعها من ذكر ذلك.

و إن غداً لناظره قريب و للموضوع تتمة..

 

جاسر خلف 

 

لمشاهدة الجزء الأول ماذا تعرف عن الرد السوري إضغط هنا   :

ماذا تعرف عن الردّ السوري

المصدر: وكالات+إضاءات