كتب الأستاذ حليم خاتون: انهيار الإقتصاد اللبناني، إلى أي قعر؟
أخبار وتقارير
كتب الأستاذ حليم خاتون: انهيار الإقتصاد اللبناني، إلى أي قعر؟
حليم خاتون
16 شباط 2021 , 22:40 م
كتب الأستاذ حليم خاتون: إذا كان من وصف دقيق لما يجري في لبنان على كل الأصعدة، فهو  أن هذا البلد يُشبه "الحمّام اللًي  فلتانة ميتوه". يترافق هذا مع وصف آخر لكيفيّة تصرّف كلّ "مسؤولي" هذا البلد ا

كتب الأستاذ حليم خاتون:

إذا كان من وصف دقيق لما يجري في لبنان على كل الأصعدة، فهو  أن هذا البلد يُشبه "الحمّام اللًي
 فلتانة ميتوه".

يترافق هذا مع وصف آخر لكيفيّة تصرّف كلّ "مسؤولي" هذا البلد المنكوب؛
لبنان هو "حارة كل مين إيدو إلو".

يخطئ الدكتور شربل نحّاس حين يحصر إدارة البلد بخمسة أو ستة زعماء.

حالنا في لبنان أسوأ من هذا بكثير.

لو انحصر القرار بيد ستة أو حتى عشرة أشخاص أو عشرين شخصا، لربما.. ربما كان من الممكن القيام بعمل ما، لجمعهم وإجبارهم على عمل شيء، لكن الحقيقة أن لبنان هو مجموعة صخمة من "الحواكير"،
وكلّ ديك على حاكورته صيّاح..

قد يكون هناك تعاون ما أو تحالف بين حاكورتين أو أكثر، لكن كل ديك له مصالحه التي يجب الإستجابة لها، وإلا سوف يحرك حاكورته لتُقيم الدنيا ولا تُقعدها، تماما كما يحصل اليوم في ما يُحبّ بعضهم أن يطلق عليه تسمية تأليف حكومة، وهو في واقع الحال، محاولة 
اللصوص الكبار تعيين وكلاء لهم يشرفون على تقاسم ما بقي من آخر إمكانات هذا البلد "المعتّر".

حتى حزب الله، أكبر قوّة ضاربة في لبنان والمنطقة، والقوة التي هزمت إسرائيل في أكثر من موقعة، والذي هزم مشروع حلف الأطلسي في سوريا وساهم بإنقاذ اربيل من داعش... وصار قوة تحسب لها أميريكا ألف حساب...

حزب الله هذا، يقف عاجزا أمام تركيبة سكانية عشائرية، مذهبية، جاهلية، "حاكورية" تُسخًر نفسها، وكل ما يمكن أن تمون عليه في سبيل ديكها الصيّاح.

يتساءل المرء أحيانا عن مدى صبر الناس، فيخلص إلى أن معظم هؤلاء الناس إمّا لصوص كما ديكهم، وإمّا مسلوبو الإرادة والفكر والعمل الحر.

لا يمكن تصوّر مودع عنده مثلا خمسة وعشرين أو خمسون ألف دولار، أمضى سني عمره لجمعها للأيام الصعبة، وحين أتت هذه الأيام العجاف صار المصرف يعطيه شهريا مبلغ مليونين أو أربعة ملايين على أساس سعر الدولار حسب منصّة رياض سلامة وغازي وزني للنهب العام، أي حوالي ال3900 ليرة للدولار.

"يعني هيك، عينك بنت عينك، يقوم المصرف بسرقة لا تقلّ عن 60٪ من اموال المودع، فيأخذ لنفسه 60 سنت ويعطي المودع في أحسن الأحوال 40 سنت عن كل دولار...
فيرقص مجلس النواب فرحا ومعه حكومة لا تقلّ عنه هزلا، برفض الهيركات.
ألم يرفض نفس هذا البرلمان الموّقر قانون الكابيتال كونترول إفساحا في المجال لأصدقائه من اللصوص بتهريب الأموال على حساب مودعين اكتفوا حتى الآن باللطم على الخدود عجزا وطاعة
لأولي الأمر من كبار ال...

 رحم الله امرأً، عرف 
 حدّه، فوقف عنده.


تقرأ فتجد أن رياض سلامة يقوم بإعطاء 300 دولار لأرباب عمل الخادمة المنزلية مقابل حوالي المليون ليرة لبنانية كلّ شهر...
لا وزيادة على ذلك إذا أراد رجل الأعمال السفر، يحق له مرّة في السنة أخذ ألف دولار من الصراف مقابل حوالي الأربعة ملايين ليرة.

عندما يحتّج المرء، يُقال له بأن هذا يجري مرّة في السنة فقط، وهو من حقّ كلّ الناس.

لكن من هو المسكين المضروب على رأسه الذي سوف يسافر في هذه الأوضاع غير الأغنياء؟

هذا قانون يغطي إعطاء رجال الأعمال والأغنياء الذين لديهم خدم في المنازل دولاراتنا، في الوقت الذي يحرم المودع الصغير ويقوم بامتصاص وديعت
مرّة في الشهر مُستغلًّا حاجته الماسّة من أجل العيش، شهرا بشهر.

رغم كلّ الكذب الذي ميّز رياض سلامة وتقاريره التي لا يعرف أيّ كان مدى صحتها، ورغم تغطية البطرك ووزير المالية والمسؤولين لهذا الشخص، سوف يتمّ القبول بأن الباقي من الإحتياط الإلزامي هو 17.5 مليار دولار.

قد يقبل المرء بشريعة قانون الضرورة، أو ما يُسمّى، Raison d'etat،
أي أن تضع الدولة( على افتراض أنها دولة وليست عصابة)؛ أن تضع يدها على هذا الإحتياط في سبيل الشأن العام.

لكن السؤال هو، 
إذا كانت هذه الدولة العليّة عاجزة، وهي أعجز من العجز نفسه على المُحاسبة وعلى استرداد المال المنهوب، فهل يحقّ لها وضع يدها على ودائع صغار المودعين؟ 
تحت اي ظرف؟
 وبأي حجّة؟

لو كان لدى هذه السلطة 
أي شعور بالمسؤولية الوطنية؛ لو كانت هذه السلطة غير مؤلفة من مجموعة من اللصوص الراقدين على صدور شعب وصل به الغباء حدودا يصعب وصفها، 
لكانت هذه السلطة  تفضّلت وقامت ببرمجة إعطاء صغار المودعين هؤلاء، أموالهم على مدى ثلاثة أو أربعة سنوات بالدولار مباشرة، خاصة عندما نعرف أن كلّ ما يملكه هؤلاء المساكين لا يتعدّى 35٪ من مجموع الإحتياط الإلزامي الموجود.

من جهة، تعمل "السلطة"، لو لم تكن من اللصوص، على إراحة هؤلاء عبر السماح لهم بالوصول إلى مدّخراتهم ومنع المصرف المركزي والمصارف من اقتطاع الجزء الأكبر منها؛ 
ومن جهة ثانية تقوم عبر هذا العمل، بما يُشبه إنزال 150 إلى 200 مليون دولار نقدا إلى السوق شهريا ما سوف يساهم في الضغط نزولا على هذه العملة الملعونة كما أصحابها الملاعين.

في لبنان، ليست الأفكار البنّاءة، هي ما ينقص.
ما ينقص في هذا البلد هو الإرادة النظيفة الحرّة مع قوة ضاربة مُساندة.

كلّ فترة يخرج علينا الحاكم سلامة، تحت غطاء وزارة للمالية، تحت غطاء حكومي ورئاسي وتشريعي يزيده فسادا؛ يخرج علينا بفرمانات قراقوشية، لو استبدّ العدل يوما في لبنان، لقُطعت رقاب كل هؤلاء بسبب ما تفعله كل السلطات بلا استثناء بهذا الشعب الخامل خمول أهل الكهف...

عندما قال علي بن ابي طالب كلمته عن خروج المظلوم الجائع على الناس شاهرا سيفه،
كان يقصد بذلك الرجال الرجال....
وفي حالنا في لبنان اليوم، الشعب ينتطر هذا النوع من الرجال.

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري