قلنا ان جوهر الازمه فى الساحه الفلسطينيه هو ازمة المشروع الوطنى الفلسطينى , فقد جائت اوسلو لتشكل الضربه القاصمه للمشروع الوطنى الفلسطينى التوافقى كما اقر فى مؤتمر القدس التاسيسى لمنظمة التحرير الفلسطينيه والذى عقد فى عام 64 , واصبحنا بعد اوسلو امام مشروعين , مشروع يؤمن بفلسطين كل فلسطين , ومشروع يؤمن بالدويله القزم على اقل من خمس الوطن الفلسطينى , من هنا فان اى حديث عن الوحده الوطنيه بين اصحاب المشروعين هو نوع من الهرطقه السياسيه , فلا يمكن ولا باى شكل من الاشكال ان يلتقى المشروعان , ولا باس هنا ان نعيد التذكير بمسيره اكثر من عشرون عاما من الحوارات والاتفاقات التى لم ترى طريقها للتنفيذ , من اتفاق 2005 ومرورا باتفاق 2011 واتفاق 2014 وورقى بيروت لعام 2017 , فالفريق المهيمن على مقاليد القرار فى منظمة التحرير الفلسطينيه , ليس فى وارد التخلى عن هيمنته هذه وتفرده بالقرار .
ان الحديث اليوم عن انتخابات رئاسه وتشريعى كمدخل لحل الاشكال فى الساحه الفلسطينيه , هو حديث عبثى ولا يعدو ان يكون تدوير للازمه لا حلا لها , بل يذهب الى ابعد من ذلك , يذهب الى اغراق الجميع فى مستنقع اوسلو , فالانتخابات انما تجرى تحت سقف اوسلو والتنسيق الامنى , وهنا لا يستقيم ادعاء البعض معارضتهم لاوسلو ونهج اوسلو والنهج العبثى فى الساحه الفلسطينيه , وفى ذات الوقت يذهب هذا البعض ليشكل الغطاء السياسى لهذا النهج العبثى .
ان جماهير شعبنا قد سئمت موقف اللاموقف الذى ينتهجه البعض فى الساحه الفلسطينيه , وما الحراك فى معظم ساحات التواجد الفلسطينى الا تعبيرا عن رفض جماهير شعبنا الفلسطينى لهذا النهج , ومطالبة هذه الجماهير بموقف جذرى يوقف حالة التردى التى تعيشها الساحه الفلسطينيه , ويضع حدا لنهج اليمين التفريطى والمساوم على حقوقنا الوطنيه .
السؤال اليوم لماذا انتخابات الرئاسه والتشريعى , وما حاجة عباس لهذه الانتخابات , فى البدايه دعونا نكون واضحين , ان هذه الانتخابات لن تقود الى اى تغيير فى الساحه الفلسطينيه , فهى اولا تتم تحت سقف اوسلو والتنسيق الامنى , وكل من يتحدث ويقول بان المشاركه فى هذه الانتخابات ستقود الى التغيير , انما هو واهم وواهم وواهم , او هو يحاول خداع الجماهير بمثل هذا الحديث , وثانيا ان المستفيد الوحيد من هذه الانتخابات هو عباس ونهج التفريط فى الساحه الفلسطينيه , بالمختصر , عباس والنهج الذى يمثله يرى فى الاداره الامريكيه الجديده الفرصه لعودة المفاوضات العبثيه , وهو يريد ان يذهب الى هذه المفاوضات وهو ممسك بخيوط القرار الفلسطينى , عبر ورقتان اثنتان , الاولى تجديد شرعيته عبر الانتخابات , والثانيه تكمن فى الاتفاق مع حماس والتقاسم الوظيفى مع حماس , اى الظهور بمظهر الممثل الوحيد الذى يملك اوراق القضيه الفلسطينيه , وبهذا فان كل من يشارك فى هذه الانتخابات , انما هو شريك فى مخططات التصفيه التى تعد لقضيتنا الوطنيه .
اما الحديث عن التغيير الذى قد تاتى به هذه الانتخابات كمبرر للمشاركه فى هذه الانتخابات , فصدقا لا اعرف باى مفهوم ووفق اى النظريات السياسيه يتحدث هؤلاء , فهل هم بهذا الغباء السياسى بحيث انهم لا يعرفون ان لا اهميه سياسيه لسلطة اوسلو خارج اطار ازدواجية القياده , وانهفى اللحظه التى سيخسر بها عباس مؤسسات السلطه , سيعود الى نغمة منظمة التحرير الفلسطينيه ووحدانية التمثيل المحصوره فقط بالمنظمه , يعنى بالمختصر ان عنوان التغيير هو منظمة التحرير الفلسطينيه , واى حديث اخر ما هو الا هرطقه سياسيه .
ان مشاركة فصائل اليسار الفلسطينى فى مهزلة الانتخابات هذه , ستكون بمثابة المسمار الاخير فى نعش هذه الفصائل , ولنكون اكثر وضوحا , ان معظم فصائل اليسار الفلسطينى , ما هى الا دكاكين سياسيه لا وزن ولا حجم لها , والفصيل الوحيد من فصائل اليسار الفلسطينى الذى يملك امتداد ورصيد جماهيرى , هو الجبهه الشعبيه , واذا ما شاركت الجبهه فى مهزلة الانتخابات هذه ستكون فى موقع المقامر بالرصيد الشعبى , وبالتاكيد ستخسر رصيدها الجماهيرى , فجماهير الجبهه اليوم تطالبها بموقف جذرى عماده الاول مقاطعة هذه الانتخابات , وثانيا الاسراع بتشكيل الجبهه الوطنيه العريضه على غرار جبهة الرفض التى ستشكل صمام الامان لقضيتنا الوطنيه , فهل ستكون الجبهه عند امال هذه الجماهير , سؤال نضعه امام قيادة الجبهه الشعبيه , وامام التاريخ العريق للجبهه الشعبيه ,,,فلا تفرطوا بهذا التاريخ.