كتب الأستاذ حليم خاتون:
لا لأمريكا.. نعم للدولار..
لا لرياض سلامة... يحيا رياض.
نعيش في عالم غريب.
ليس لبنان وحده بلد العجائب.
روسيا، الصين... بل وحتّى إيران..
من منهم يريد فعلاً سقوط أمبراطورية الشرّ الأمريكية؟
من منهم مستعد فعلاً لمعركة كسر عظم مع الوحش؟
يبدو كأنّ الكل يخافون وقوع الدبّ في محل الخزف والبورسلين.
سؤال، قد يبدو مُحبِِطاً للكثيرين، لكنه سؤالٌ منطقيّ جدا.
هل من وجود لعدالة إنسانية في الواقع وخارج الأدب الرومانسي، أو حتّى خارج أحلام الثوار الرومانسية؟
هل قدرالمُستضعفين على هذا الكوكب، العيش دوماً في جحيم الأنانية الرأسمالية، أو الثورية الناقصة؟
نفس السؤال يطرح نفسه اليوم في لبنان، كما طرح نفسه بالتأكيد في أماكن جحيم أخرى، حيث تكرّر أكثر من مرة وفي أكثر من مكان.
مَن يريد فعلاً، لا قولاً، إنهاء الفساد في لبنان؟
مَن يريد معركة كسر عظم مع هذا الفساد؟
مَن هي القوى القادرة فعلا على إنهاء نظام الفساد في لبنان، وإذا وُجدت هذه القوى، أو القوّة، هل هي تريد فعلاً إنهاء الفساد في هذا البلد؟
إلى أيّ مدى يصل ارتباط القوى في لبنان بالفساد، والى أيّ مدى يمكنها التحرّر من خيوطه المتغلغلة في كلّ شيء؟
أسئلة كثيرة يجب طرحها،حتّى قبل مجرّد التفكيربإمكانية التغلب على هذا السرطان الذي يفتك بأربعة ملايين مخلوق.
عندما طرح بالأمس النائب السابق، نجاح واكيم مشروع إنشاء حكومة انتقالية لمدّة 12- 18 شهرا، مع صلاحيات تنفيذية وتشريعية مطلقة، استثنى منها الصلاحيات القضائية، لأسباب، لم يذكرها، ربّما لأنه أراد التمثل بالتجربة المصرية مع عدلي منصور؛لنصل في نهاية المرحلة إلى دستور يتمّ الِاستفتاء عليه، فتجري انتخابات تنتج طبقة سياسية جديدة(!!!).
هل هو حلم إبليس في الجنة؟
الحقيقة أن النائب واكيم لم يُوفّق بالطرح، لسببين على الأقل:
1- أولاً، لأن التجربة المصرية ليست على الإطلاق مثلا يُحتذى به، لأنها أدّت إلى أكبر عملية احتيال وسرقة لآمال أكثر من ثلاثين مليون مصري حلم بالثورة وانتهى بمحمد مرسي و...
2- ثانيا، لأننا لا نعرف مدى نظافة الجهاز القضائي المصري الذي ربّما يتحمّل المسؤولية عما آلت إليه الأمور هناك.
فإذا نظرنا إلى السلطة القضائية في لبنان، نجد أنّ أقلّ ما يُقال فيها هو قراءة الفاتحة على روح هذه السلطة التي يمكن اعتبار موتها نعمة، لما تحمله من آثام لا تقلّ عمّا فعلته السلطتان التنفيذية والتشريعية.
حقيقة أخرى، يجب الإلتفات إليها، وهي أن هذا الِاقتراح سبق أن طرحه الدكتور شربل نحاس، دون أن يقول لنا بمن يجب أن نثق لهذه الحكومة السوبر في بلد، الآدميُّ فيه، متهم حتى تُُثبت براءته.
منذ 17 تشرين، انبثق عن الحراك الشعبي مئات من المنصّات، التي حتى اليوم لم تصل إلى رؤية مشتركة مُقنعة، ولا احد يعرف مدى نظافتها؟!؟!
اليسار الذي عادة ما يقود عمليات تغيير الأنظمة، غائب عن السمع...
الشيوعيون عادوا إلى ما قبل مرحلة الحضانة، وبالكاد نجد لهم pampers مع جنون الدولار.
أحزاب سلطة الطائف من المستقبل وأمل والإشتراكي والمردة والقوميين... والطاشناق،
أكيد غير مؤهلين بعد ثلاثة عقود من النهب بلا قيد.
الكتائب والقوات وبقايا جمهورية ال 43، لا يمكن أن يفعلوا شيئا جميلا لمدى قبحهم وقبح جمهوريتهم... ولو تواجدوا مع جماعة الحريرية لما زادوا الأمر إلا سوءا.
العونيون "طحشوا" في البدء حتى توهّم الناس أنهم سوف "يشيلون الزير من البير".
ما كاد العونيون يلحسون طعم غنائم السلطة، حتى وقعوا في حبائلها.
كل المشكلة بينهم وبين الحريريين، هي أن باسيل يريد المناصفة في كلّ شيء، بما في ذلك، النهب.
اخيرا، لم يبق في الميدان، إلا حديدان...
حزب الله.
يرفض حزب الله تحمّل المسؤولية من خارج إطار النظام.
حزب الله أتى من خارج رحم جمهورية ال43، ومن خارج جمهورية الطائف.
هو يرفض تحمّل مسؤولية ارتكاب الفساد، وفي ذلك معه كلّ الحقّ.
ولكنّه يزيد على ذلك، رفض مسؤولية محاربته إلا ضمن الإطار الفاسد القائم بحدّ ذاته.
حزب الله ضد اميريكا، وضد الصهيونية، لكنه ليس ضد الدولار.
وألا فما معنى تشبثه بهذا النظام المفلس وإصراره على إصلاحه عبر جمع الأضداد الفاسدين ومحاولة التوفيق بينهم؟
حزب الله يريد حرية لبنان، ويريد من الفاسدين أن يجلبوا دولارات بن سلمان وأمثاله.
حزب الله يريد كرامة لبنان، ولكنه يريد من جماعة السلطة جلب دولارات التتبيع.
كيف يمكن الجمع بين هذا وذاك... فقط ابو ملحم يمكن أن يقول لك.
عندما يتحدث خصوم الحزب عن دولة حزب الله... فهذا ناتج عن ضرورة ملء الفراغ السلطوي وليس عن إرادة بناء دولة القانون والعدالة التي يطالب بها الحزب.
حزب الله اقنع نفسه أنه موجود فقط بسبب غياب الدولة وأن مهمّته هي انتظار خروجها من الإنعاش في غرفة العناية الفائقة.
أمام حزب الله، ثلاثة احتمالات؛
1- اولا، إقامة دولة كاملة بالمواصفات التي يريدها الحزب.
هذا طبعا غير ممكن لأن الحزب لا يريد فعل هذا، ولأن الآخرين لن يفعلوها إكراما له، بالتأكيد.
2- ثانيا، دولة تابعة بالكامل لأميريكا، أي السعودية وإسرائيل.
حزب الله لن يسمح بالتأكيد لهكذا خيار.
3- ثالثا، دولة نص على نص... أي دولة مساومة!!
هل هذا ما يريده الحزب.
إن تصرفات الحزب لن تؤدي سوى إلى هذا الخيار الثالث.
لماذا يقوم الحزب بذلك؟
لأنه لم يستطع تخطّي البنية البرجوازية التجارية الصغيرة المنتشرة في المجتمع اللبناني، وحزب الله معه.
هل يشكًل هذا حلا؟
إنه خراب لبنان وخراب الحزب وتاريخ أميريكا مليء بالامثلة.
فقط حزب الله لا يرى هذا الخراب.