كيف تختفي عائدات غاز
مقالات
كيف تختفي عائدات غاز "مارين غزة" في ثقب أسود والناس محاصرون وجياع؟
د.ابراهيم علوش
11 آذار 2021 , 19:38 م
كيف تختفي عائدات غاز "مارين غزة" في ثقب أسود والناس محاصرون وجياع؟

 

 

حقل غاز مارين /غزة

يخال من يتابع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أن الفساد في سورية لم يشهد له العالم مثيلاً من قبلُ ومن بعدُ ومن المشرق إلى المغرب.

غير أن الفساد، للأسف، هو ظاهرة عربية خصوصاً وعالمية عموماً. كما أن ثمة فرقاً ما بين الفساد الكبير والفساد الصغير. وفي مجال الفساد الكبير، فإن بعض ما يجري في محيط القطر العربي السوري يجعل الفساد فيه يبدو كلعب أطفال، من دون أن يعني ذلك بأي شكل تبرير الفساد مهما كان حجمه واتساعه.

إنما هناك فساد ثمة من يقرر الحديث عنه، وتضخيمه أو اختلاقه، على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وثمة فساد أكبر بكثير يجري بصمتٍ من دون أن يتم التشهير فيه لأن ذلك ليس في مصلحة الجهات النافذة إقليمياً ودولياً.

من الأمثلة الكبرى على فساد غير معقول في حجمه هو اختفاء عائدات حقول الغاز مقابل بحر غزة في ثقب أسود لا أحد يعرف أين، فيما الغزيون محاصرون ترتفع بينهم نسبة البطالة والفقر بشدة.

وقد لفت نظري صديق إلى مقالة لسعادة مصطفى أرشيد في "البناء" اللبنانية تتحدث عن هذا الأمر، وكان مما جاء فيها: "اعتمدت سلطة الموارد الطبيعية في بحثها عن البترول والغاز إلى مسوح أجراها جيولوجي انجليزي-لبناني، تؤكد وجود الغاز بكميات قدّرت بعشرات مليارات الأمتار المكعّبة في مياه البحر الأبيض المتوسط، غير بعيد عن غزة، ثم تمّ إجراء الفحوص اللازمة حيث تبيّن أنّ الغاز المكتشف من النوع العالي الجودة، النقي من الشوائب، ثم انه قريب من الساحل وعلى عمق ضئيل، الأمر الذي يجعل من تقنيات استخراجه سهلة وذات تكاليف منخفضة، وكانت التقديرات الأولية للحقلين الأولين أنهما قادران على تزويد ميزانية السلطة، بما يقارب أربعة مليارات ونصف مليار دولار أميركي سنوياً..." يتابع كاتب المقالة: "تفاوض رئيس سلطة الموارد معها (شركة برتيش بتروليوم BP) على قاعدة حصول السلطة على 51 % من الأرباح مقابل 49 % للشركة الانجليزية، ولكن المفاجأة كانت بأن قاد المستشار الاقتصادي للرئيس، خالد سلام مفاوضات موازية انتهت بأن وقعت السلطة الفلسطينية على عقد تحصل به على 10% مقابل 60 % للشركة الانجليزية و30 % لشركة سي سي سي ccc، وبموجب العقد تحتكر الشركة الانجليزية حق التنقيب عن أيّ مصدر من مصادر الثروات الطبيعية في الساحل الغزي وحق تسويقه، جرى كلّ ذلك من دون طرح عطاء أو تنافس بين الشركات ذات الاختصاص، ومن دون أن تعرض الاتفاقية على الحكومة أو على المجلس التشريعي لاحقاً، ولم يتمّ نشرها في الجريدة الرسمية، ولم يعرف من بنودها إلا ما تقدّم ذكره، من هنا أحاط بالعقد غموض مريب".

ثم... "انسحبت الشركة الانجليزية، أو أنها باعت حصتها من العقد لجهة نفترض أنها مجهولة، وأعلنت انسحابها من العقد". وأخيراً، دخل الجانب المصري على الخط: "في رام الله ، تفيد الأنباء القليلة انه تمّ الاتفاق على استثمارات مشتركة لحقول الغاز على ساحل غزة وخاصة حقل (مارين1) الأغزر إنتاجاً، وتمّ التوقيع على اتفاقية تطوير الحقل وتوقيع شريكين من الشركاء وهم صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي يملك 10% وشركة سي سي سي ccc التي تملك 30% وبين شركة (ايجاس) المصرية، واشتمل الاتفاق تزويد كلّ من محطتي جنين وغزة بالغاز.

لم يتمّ نشر نص الاتفاقية في هذه المرة أيضاً، وبقيت معرفة تفاصيلها محصورة بمن وقعها ومجموعة قليلة من رجال السلطة، ولا نعلم إن كانت قد عرضت او ستعرض على الحكومة، كما لم نعرف مَن هو السيد 60%"!!!!!

من البديهي أن كل ما بني على أوسلو هو باطل، وأن الاحتلال والهيمنة الأجنبية في بلادنا لا تستمر إلا بوجود فاسدين يتحكمون بالثروات والرقاب والقرار السياسي، وأن ما يسمى بـ"الحكومة" و"المجلس التشريعي" القائمين على أساس أوسلو لا يمكن أن يكونا رقيباً حقيقياً على ثروة وطنية لشعب محاصر وتحت الاحتلال لأنهما جزء لا يتجزأ من بنية الاحتلال، ومن المستغرب حقاً أن تكون قصة غاز غزة المنهوب غائبة عن الحوار المتصاعد (عمداً) حول الانتخابات الفلسطينية المزعومة والمطلوبة أمريكياً، وكنت أتمنى على كاتب المقالة المهمة المقتطف منها أعلاه أخي سعادة أرشيد لو عنون مقالته بغير ما عنونها حتى يعرف القراء أنه يتحدث عن شأن غازي ووطني فلسطيني وقضية فساد خطيرة جداً.

والحقيقة أنها كادت تفلت مني لو لم يلفت نظري إليها صديق مشكوراً. وهذا هو رابطها مجدداً لمن يرغب : 

المعرفة – القوة والنظام الأبويّ https://www.al-binaa.com/archives/290234

المصدر: وكالة سبوتنك + اضاءات