لقد شكلت الانتفاضه الفلسطينيه الاولى ( انتفاضة الحجاره ) حاله استثنائيه فى التاريخ الفلسطينى بل وفى تاريخ الثورات الشعبيه فى العالم ككل , فما هى الاسباب التى حالت دون تطور هذه الانتفاضه وتحولها الى عصيان مدنى شامل , اولى هذه الاسباب تعود الى الخيار السياسى العبثى للقياده الفلسطينيه والتى مثلها عرفات فى ذلك الوقت .
فمنذ بدء الانتفاضه والتى ابتدات بشكل جماهيرى عفوى , الى ان تبنتها الفصائل الفلسطينيه المسلحه وقامت بتشكيل القياده الوطنيه الموحده للانتفاضه , ظهرت فى الساحه الفلسطينيه وجهتا نظر , وجهة النظر الاولى مثلها القائد الرمز الخالد حكيم الثوره والشعب الفلسطينى جورج حبش , وتقول وجهة النظر هذه بدعم الانتفاضه وتطوبرها وصولا الى العصيان المدنى الشامل والمسلح .
اما وجهة النظر الاخرى والتى مثلها عرفات كزعيم لمنظمة التحرير الفلسطينيه , وبدعم من حركة فتح وبعض فصائل اليسار الفلسطينى المنادى بالبرنامج المرحلي , كانت وجهة النظر هذه تقول بالحفاظ على الانتفاضه فى اطار الحد الادنى من الفعاليات , على امل ان يساهم ذلك فى فتح ابواب الاداره الامريكيه امام القياده الفلسطينيه كممر للمفاوضات على اساس الدويله القزم وفق قرار 242 , وكانت حجة اصحاب وجهة النظر هذه انه لا يجوز ان نحمل الضفه والقطاع مسؤولية الكل الفلسطينى , وكانه يجوز التنازل عن الحقوق الوطنيه للكل الفلسطينى من اجل الدويله القزم للجزء الفلسطينى .
اما ثانى هذه الاسباب فيعود الى حركة الاخوان المسلمين والدور المخرب الذى لعبته على الساحه الفلسطينيه , فحركة الاخوان المسلمين ممثله بحركة حماس رفضت الانضمام للقياده الوطنيه الموحده للانتفاضه كما ورفضت المشاركه فى الفعاليات التى كانت تدعو لها القياده الوطنيه الموحده للانتفاضه , وهذا حقها , لكن لم يكن من حقها العمل على تخريب فعاليات الانتفاضه , فقد عملت هذه الحركه باسلوب حب الظهور ووفق مبدأ خالف تعرف , فكانت مثلا اذا اصدرت القياده الوطنيه الموحده للانتفاضه بيانا بفعاليات الانتفاضه لعدة ايام , تقوم حركة حماس باصدار بيان يتناقض ويخالف تلك الفعاليات , فمثلا اذا قالت القياده الوطنيه الموحده بان يوم الثلاثاء هو يوم اضراب شامل , قالت حماس بان يوم الثلاثاء هو يوم تفتح به المحلات ابوابها , الامر الذى اضعف من الانتفاضه وحال دون تطوير تلك الانتفاضه .
بجميع الاحوال نستطيع القول ان سقف الجماهير كان اعلى من سقف القيادات , ولو وجدت قيادات على مستوى عطاء وتضحيات تلك الجماهير , لما كان حالنا كما هى عليه اليوم .