كتب شاكر زلوم:
ما أشيه اليوم بالأمس, مقولات سموها "أحاديث"وما هي بأحاديث تسببت سابقاً بقتل الملايين وتُسبب حالياً بمثل ما تسببت به سابقاً, قتل على الهوية قام به قتلة سفلة, جَنَدهم الأمريكاني وأتباعه من المستعمرين في الغرب ومول نشاطاتهم الإجرامية قُطعان الغربان بعواصم الصحراء بمال النفط المنهوب والمُوظف لخدمة المستعمرين بزعم تنفيذ "شرع الله" والله منهم ومن اعمالهم بربئ, لست فقيهاً ولا أدعي ذلك ولا أطمح بأن أكون داعية فما شاهدناه من جرائم في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين تقشعر له الأبدان يفرض علينا تناول ذلك, المشاهد لم توفر قتل الأطفال في مدرسة عكرمة المخزومي في حمص ولم توفر ذبحهم في حلب وكما مشاهد قتل الشيوخ والنساء كانت ولا تزال حاضرة في أماكن عدة وبمواقع مختلفة, أما فرية السبي التي قام بها دواعش أمريكا والكيان الصهيوني فلقد تسببت بعذابات لا اول لها ولا آخر لبشر أبرياء, هذه المشاهد لن تزول مفاعيلها السلبية وآثارها النفسية لعقود قادمة.
بزعم تطبيق الإسلام وتحقيق الخلافة المزعومة أجرم المجرمون, لذلك تناولت سابقاً موضوع الحكم بالإسلام بمقالات عدة , ابتداءً من السيرة النبوية العطرة بحكم المدينة والتي تُغفل ذِكرها معظم كتب الموروث, مع كونها سنة مؤكدة ومتواتره مورست لعشر سنين متتالية, بدولة المدينة تعايش الناس بخير وسلام مجتمعي بعد حروب ضروس بين سكانها من الأوس والخزرج بتحريض للطرفين من يهودها, تلك الحروب التي أنهكتهم واستنفذت قواهم ومواردهم, تلك الدولة ”دولة المدينة” حُكمت وفق عقد وعهد “دستور” أقره الناس واتفقوا عليه فحققت بعشر سنين ما لم تحققه دول وأحزاب بقرون وعقود.
ان أهم دروس تجربة دولة المدينة المدنيه أنها كانت دولة مدنية , فأنتم ادرى بشؤون دنياكم كما ورد بكتب الموروث, لقد تعايش الناس فيما بينهم وفق حكم دستوري مدني اهتدى بذكر الهدى ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” سورة الحج الأية ﴿١٧﴾, ذلك الدستور الذي ضمن حرية الفكر والمعتقد وترك أمر محاسبة العباد لرب العباد, ذلك الدستور الذي نظم علاقة المسلم بالمسلم الآخر ونظم علاقة المسلم مع الآخر المختلف بالدين والمعتقد, لقد حدد دستور المدينة قواعد السيطرة على الأرض وفق نظام أقرب ما يكون للنظام الفديرالي الذي نعرفه اليوم .
إن أهم سمات دولة المدينة أنها كانت دولة ديمقراطية, فلقد اسلم بها من أسلم وارتد بها من ارتد دون اكراه, بتلك الدولة عاش المختلف مع المختلف الآخر وفق قواعد واحكام ضمنت حرية الفكر والمعتقد كما ورد بالذكر ” ,, وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر,,, ” فالحساب يكون بيوم الحساب ومن يحاسب العباد هو رب العباد لا العباد مهما امتلكوا من شأن أو سلطان في الأرض, فالإختلاف بين الناس فطرة وهو بمشيئة الله كما ورد بالقرآن الكريم ( ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون), لقد أمر الله رسوله بالدعوه لله بالكلمة الطيبة وبالموعظة الحسنة كما ورد بالذكر: ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” وورد أيضاً: ” فبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”, َيأبى الجهلة أمر الله وسنة رسولة, يقتلون المسلم المخالف فكراً حتى ولو كان من نفس المذهب, يأولون ما جاء بالقرآن خدمةً لفكر الجريمة وفقهها, يتمترسون بحديث مغشوش مدسوس عن عبيد الله بن عمر لتبرير فقههم المجرم .
يعتمد فقه الجريمة على حديث عبيد لله ابن عمر: ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم”!. لو قاربنا حديث عبيد الله بن عمر مع ما ورد بالحديث الصحيح المنقول عن أئمة آل البيت: “إذا جاءكم حديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فاعملوا به، وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار”. ورد بالذكر الحكيم: ” لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ “(8)الممتحنة, بالمقاربة بين حديث بن عمر مع ما ورد بالنص المذكور وبغيره من نصوص القرآن الكثيرة والمتعدده وهي بالعشرات فسنجد يقيناً بأن,حديث عبيد الله بن عمر هو حديث متروك شرعاً لزيفه ولتعارضه مع نصوص القرآن .
كإن عبيد الله بن عمر سيئ المسلك صغيراً وكبيراً, لقد أجرم بن عمر وقتل دون وجه حق, المسلم الهرمزان وجفينة المسيحي والطفلة البريئة بنت أبي لؤلؤة انتقاماً جاهلياً لمقتل والده وإشباعاً لنزعة اجرامه!, لقد وضع بن عمر هذا الحديث ليبرر جرائمه فتلقفه المجرمون فيما بعد فحولوه لعقيدة وممارسة مارسها المجرمون عبر التاريخ وليومنا هذا, وما أفعال داعش وغيرها الآ ممارسة لفقه الجريمة الذي قبل حديث عبيد الله بن عمر , لقد حكم على عبيد الله بن عمر بحد القصاص قتلاً لفعل قتله الأبرياء, لكن عثمان عفى عنه ودفع الدية عنه بعد أن استاذن الناس من منبره وقال ”قتل والده بالأمس فهل نقتله اليوم؟” لقد انتصر ابن تيمية لإبن عمر وبرر جرمه فانتصرت الوهابية لإجرامه وتبنت حديثه فمارست القتل بأبشع صوره, كان عبيد الله إبن عمر سكيراً وهو شاب صغير فجلده والده الخليفة عمر لسكره, وكان قاتلاً مجرماً وهو كبير وقُتل في معركة صفين وهو يقاتل جيش الإمام علي فيها وهو يقاتل مع جيش معاوية,فكيف يُقبل حديث لمجرم سيئ الخلق والمسلك صغيراً وكبيراً؟! كيف يقبل مسلم والبخاري حديث لقاتل وسكير فاجر؟!, أين علم الجرح والتعديل المزعوم؟!.
ابتدأ الإكراه في الدين بعد وفاة الرسول صلوات الله عليه, تم بعد وفاة الرسول التهديد والوعيد والإكراه السياسي حتى وصل الأمر لبيت النبوة وكاد بيت فاطمة الزهراء عليها السلام أن يحرق وهي فيه وبضع المصطفى فيه الحسن والحسين عليهما السلام !, بعد وفاة الرسول تمت الإغتيالات السياسيه فكان اغتيال الصحابي الجليل سعد بن عباده ببصرى الشام ايذاناً ببدء مرحلة جديدة, ليتحول بعدها الإغتيال السياسي لسنة سنها خليفة فتحولت لعقيده !.
ما بين صحيح الدين وفقه المجرمين بون شاسع , ربما سأتناول بمقالات لاحقة فقه الجريمة من خلال سلسلة مقالات أتناول بها أحديث مدسوسة أسست لفقه وممارسة فعل الجريمة في الوقت الحاضر ,ما لم نتصدى لفقه الجريمة والمجرمين فلن تقوم لنا قائمة وسنتحول لمجاميع مكروهه ومنبذوة في الدنيا وخاسرة في الدنيا والآخرة.