يعلو ضجيج الحديث حول إنتخابات تدور على جزء من أرض فلسطين ويتساءل مراقبون هل هي حقاً انتخابات تتم لتمثيل الشعب الفلسطيني؟ بهذا السؤال توجهنا للمحلل السياسي ابراهيم ابو عتيله فأجاب,,
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد أن ندرك بأن هذه الانتخابات لا تتم في فلسطين بل في جزء منها أي في الجزء الذي تم احتلاله عام 1967 وهو لا يمثل بما فيه القدس أكثر من 22 % من فلسطين التاريخية التي أعرف ، حتى ومن هذه الزاوية فإن موضوع إجراء تلك الانتخابات في القدس يعتبر أمر مشكوك فيه, إذ ما زال الاحتلال الصهيوني يرفض إجرائها أو يماطل بالموافقة على ذلك .. إذن فهي عملية انتخابية ستجري ( إن قدر لها أن تتم ) في جزء من فلسطين من حيث الجغرافيا وتتناسى المهجرين من الفلسطينيين في كافة أصقاع الأرض للإدلاء بدلوهم فيها،حيث يدعي القائمين عليها بأن المنتخبين فيها سيمثلون الشعب الفلسطيني واتخاذ قرارات فيما يتعلق بمستقبل هذا الشعب وهنا يتضح خطورة هذه الانتخابات من حيث تحدي أو التلاعب بمصير القضية الفلسطينية وهذا بالضبط ما تنشده القوى التي يهمها تصفية القضية الفلسطينية سواء الاحتلال او القوى العالمية الداعمة له وعلى رأسها أمريكا, وعلى الرغم من فشل المفاوضات بين الصهاينة وسلطة أوسلو فإن الكيان الصهيوني يريد من هذه الانتخابات ايجاد شريك للمفاوضات وقد يكون للتنازل عما بقي من ثوابت, كما تريد السلطة الحصول على هذه الشرعية تحت راية منظمة التحرير "الممثل الشرعي والوحيد" للمضي قدما في نهج التصفية, إذ لم يعد هناك فارق بين السلطة والمنظمة إلا لوجود حماس والجهاد خارجها وبمشاركة حماس فيها سيكتمل عقد المنضوين في المنظمة خاصة مع الاصرار على اختيار المجلس الوطني الفلسطيني بالمحاصصة وتحت عنوان اصلاح منظمة التحرير سيسود ذلك الجسم المنتخب والمرحب به دوليا للمضي في التسوية والتصفية آخذين بعين الاعتبار مشاركة كافة الفصائل المنضوية حالياً في منظمة التحرير الفلسطينية في هذه الانتخابات وبذلك تعتبر هذه الانتخابات عملية خطيرة يصعب تصحيح آثارها ونتائجها كثيراً في ظل عدم وجود مقاومة حقيقية على الأرض وفي سياق رفض المقاومة الشعبية المسلحة من قبل الفصيل الأكبر في المنظمة والسلطة حيث يتباهوا بطرحم لما يسمى المقاومة السلمية متبعين في ذلك التنسيق الأمني مع الاحتلال لمنع اي مقاومة مسلحة, إن انضمام الفصائل وحماس لهذا النهج سيحد إن لم يمنع أي مقاومة في المستقبل. .
وهنا اتساءل كيف تتم انتخابات تحت براثن الاحتلال وهل ومع وجود التنسيق الأمني ستكون حرة وشفافة .. لا أعتقد فالظروف الموضوعية ستخرج مجالس متوافقة مع ما يسود حالياً وبما يخدم مخرجات وقيود اتفاقيات أوسلو ومنع المقاومة ... عدا عن كونها لن تمثل الا نسبة محدودة من الفلسطينيين في العالم ولا اعتبر من سينتخبون ممثلين للشعب الفلسطيني .
توجهنا بهذا السؤال للمحلل ابو عتيله:
ما هی الموانع و التحدیات الداخلية و الخارجية التی توجد فی مسار اجراء الانتخابات فی فلسطین؟
مع تأكيدي كما أسلفت بأنها ليست انتخابات في فلسطين بل في جزء منها وهو تحد كبير, إلا أن وجود الاحتلال هو أكبر معيق لها خاصة مع المتحالفين مع الاحتلال من القوى المؤمنة بأوسلو وبالتنسيق الأمني ومنع المقاومة الشعبية والمسلحة ومع ارتباط الكثير من الموظفين والعاملين بأجهزة السلطة, فأن إجبارهم لانتخاب فئة بعينها سيكون معيقاً كبيراً في ظل ربط لقمة العيش بما يمنون على الموظفين والعاملين من فتات يحصلون عليها من المانحين في الغرب ...
كما أن نتائج الانتخابات تتطلب رضا الاحتلال وأمريكا والغرب فلو فرضنا أن كانت نتيجة الانتخابات لمن يؤمنوا بالمقاومة فسوف لن يعترف ما يسمى بالمجتمع الدولي بها وسيتم الانقلاب عليها كما حدث في الانتخابات السابقة يوم فازت حماس التي كان خطها في المقاومة أكثر وضوحاً من الآن إذ باتت الآن تسعى للسلطة بدل المقاومة .. وبدأ عندها صوت المقاومة يخفت إن لم ينتهي .
أما السؤال الثالث:
اعلنت السلطة فی فلسطین بأن جزء من الاجتماع الآتی فی مجلس الامن الدولی فی 22 آبریل سیختص برفع الموانع فی مسیر اجراء الانتخابات / کیف تقیمون هذا؟
لن يمر أي قرار في ذلك الاجتماع لا توافق عليها أمريكا والصهاينة ولعل انتخابات القدس ستكون الشعرة التي ستقصم ظهر البعير حيث ستمنعها قوى الاحتلال او تجد صيغة لها لا تفضي إلى اعتبار القدس أرضاً محتلة في ظل اعتراف امريكا بها عاصمة للكيان الصهيوني وهي ايضاً ورقة بيد السلطة لتبرير تأجيل أو إلغاء الانتخابات اذا ما وصلت إلى قناعة بأن الفائز بها سيكون من هم خارج السلطة وفتح تحديداً بعد الانقسامات الاخيرة التي حدثت في فتح والتي ستسجل ضمنا لمصلحة حماس ...
وفي الرد على هذا السؤال:
کیف ترون عنصر الوحدة و لزومها فی مسیر تشکیل الحکومة فی فلسطین؟ ماذا یجب أن تقوم به الاطراف السیاسية و الاحزاب الفلسطينية؟
فكان الرد:
إن المتابع للقوائم الانتخابية يلاحظ التشرذم الكبير في القوى المؤمنة بالانتخابات فهناك فتح وتيار السلطة وكما المنشقين عن فتح ممن يريدون هذه الانتخابات لتصفية الحسابات للانتقام الشخصي بعضهم من بعض وهناك حماس بما تمثله من تيار اسلامي سياسي وهناك قوى اليسار المتشرذمة أصلاً .. وعناصر الوحدة في تشكيل الحكومة في ذلك الجزء من فلسطين لتكون سلطة حكم ذاتي بديلة بمسمى حكومة هي بهدف الموافقة على نهج أوسلو ونهج التنسيق الامني وهي العقدة التي ستواجه القوى مستقبلاً, فإذا ارتضوا بذلك فستكون سلطة جديدة وان لم يرتضوا فلن تكون وحدة ...
إن الواجب الوطني يقضي من كافة القوى والفصائل الاتفاق على برنامج سياسي وثوري واحد بهف تحرير الأرض والإنسان ولن يكون هناك أفضل من العودة للميثاق الوطني الفلسطيني التي عملت السلطة وبموجب اتفاقيات أوسلو على إلغائه وهو عنصر الوحدة الوحيد الذي سيجمع الشعب الفلسطيني سواء من هم في الداخل أو في الشتات .
في سؤالنا عن کیفية دور الامم المتحدة و المجتمع الدولی فی مساعدة هذه الانتخابات؟
كانت الإجابة:
الأمم المتحدة لن تقوم بشي إلا ما توافق عليه أمريكا وبالتالي فإن دورها سيكون تعزيزاً لمخرجات أوسلو ومتطلباتها..
وإن لم يتم ذلك لن يكون هناك أدنى مساعدة وذات الأمر ينطبق على المجتمع الدولي الذي يكتفي بدور المتفرج في غالب الأوقات, فمنح الفرصة لمؤيدي أوسلو للفوز شيء أساسي في نظر أمريكا والصهاينة وإن كان هناك أي خطر على النتيجة, فلن تتم الانتخابات وإن حصل وفازت القوى الأخرى المعارضة لأوسلو فسيقاطع المجتمع الدولي نتائجها وسيحدث انقلاباً عليها ولنا في الانتخابات السابقة دليل على ذلك.
وإجابة على سؤالنا الأخير, ماذا ستکون مصیر فلسطین بکل اجزائها و مسائلها و الانتخابات و تشکیل الحکومة ؟
فكانت الإجابة:
مصير فلسطين .... التحرير من البحر إلى النهر بمساحتها البالغة 27 ألف كم مربع فهذا منطق التاريخ مهما طال الأمد ... أما الانتخابات فقد ذكرت بأنها لا تمثل إلا المناطق تحت الحكم الذاتي التي منحه الاحتلال لها وليست فسطين, أما الحكومة أو مجلس الحكم الذاتي فسيخضع للتوافقات بين المؤمنين بنهج أوسلو .. فكل ما يجري لا يخدم إلا منح الشرعية لاتفاقات أوسلو ولرجالات أوسلو ليستغلوا كافة المنابر للمضي قدما في تصفية القضية الفلسطينية .