كتب حليم خاتون:
مطار أديس أبابا، ومطار كازابلانكا... هما من المطارات التي تصطاد فيه الCIA، أو الموساد مناصري فلسطين وأعداء الصهيونية بكل أجناسها وفروعها القومية...
منذ سنين وأنا أتجنّب هذين المطارين، لأن ما سبق ليس مجرد إشاعات.
هذه المرة، لم أهتم...
اتّخذتُ بعض الإجراءات، وتسلّحتُ بمعنويات عالية جداً ملأت كل الأجواء، مع إطلاق الصاروخ الأول من غزة دفاعا عن بيت المقدس...
إنه الشعور بالقوة...
لقد أعطتني غزة، كما أعطت كل الاحرار، ذلك الشعور بالِانتماء إلى قوة عظمى... صارت غزة عملاقاً يستطيع صفع الأعداء مهما بلغ شأنهم...
إنه طعم الِانتصار الآتي حتما...
نتابع على الشاشات...
نبكي ضحايا الهمجيّة المعاصرة... لكن، نرفض قياس الأمور كما يفعل بعض المتلطِّين خلف دموع التماسيح...
نبكي أطفالنا من تحت أنقاض الأبراج والبنايات، لكننا نعضّ على الجراح لأن المطلوب هو الوصول الى النجوم...
عبثاً، تحاول أن تُفهمهم أن ما قبل انتفاضة الشيخ جرّاح كان موتا يلبس قناع الحياة، بينما شهداؤنا الأموات اليوم، هم أحياء تلبسهم الأكفان المضرّجة بالدماء...
حتى بين جمهور المقاومة من يخرج متسائلاً عن السلاح المضاد للطائرات...
صبراً أخي...
لم نتجاوز مرحلة الطعن بالسكين إلّا أمس...
المهم، أننا قلبنا العالم رأساً على عقب...
وهذا هو المهم...
ليس الكيان وحده من لا ينام...
أمريكا وأوروبا، وحتى بعض العرب لا ينامون...
شبح مارد غزة يطاردهم...
النمسا التي أهدت العالم أدولف هتلر، لم تخجل، كما المانيا...اليوم...
أضاء عنصريو النمسا وبعض ألمانيا المنشآت بعلم دولة الشعب المختار والِاحتلال الِاستيطاني والأبارتهايد...
وقف أحفاد مجرمي الحرب العالمية الثانية يبكون على هلع أطفال أحفاد ضحايا تلك الحرب من أصوات الصواريخ...
هل رقّ قلب أحفاد هتلر فعلا، أم هو الخوف من رجوع هؤلاء إلى أوطانهم الأصلية في أوروبا؟
دخل القائد محمد ضيف كتاب الأحرف الذهبية...
ما يكتبه مناضلو فلسطين اليوم، هو الجزء الأخير من كتاب البعث الفلسطيني...
ما يفعله مناضلو فلسطين اليوم هو الطريق إلى الأمام، دون حتى النظر إلى الخلف...
إنها نهاية القصة...
قد تكون نهاية القصة طويلة، وهي سوف تكون طويلة فعلا، لكنها قطعاً ليست مملة...
لأنها قصة أبطال وبطولات، سوف يسقط الكثير من الأبطال... ربما أكثر بكثير من عدد الاشرار...
لكن قصة البطولة لا تقاس بالعدد والأعداد...
كلما زاد سقوط الأبطال، زادت القصة سموّا وبهاء..
زميلي في الدراسة، أيام الجامعة، كان من فلسطينيي ال48...
حدّثني كيف كان المستوطنون يجمعون ما خفّ حمله وزاد ثمنه ويهرعون صوب البحر بانتظار سفن الرحيل عن الأرض المقدسة التي رفضت نجاستهم، فمالت من تحتهم حتى يرحلوا...
كان ذلك في بداية حرب تشرين ومع اكتساح المصريين والسوريين خطوط الدفاع التي تساقطت أمام العزم والعزيمة، كما تتساقط أوراق الشجر في خريف تلك التشارين...
الشعب الفلسطيني ينتصر...
الشعب الفلسطيني منتصر حتما... ليس فقط لأن الحقّ معه، بل لأنه تجاوز المتردِّدين والأنذال، واحتكم للتاريخ...
يقول بعض الصحافيين الصهاينة: إنّ الصهيونية ابتليت بشعب عنيد يرفض الموت، رغم آلاف الطعنات من الأهل قبل الأعداء...
والحقيقة أن الله ابتلى شعب فلسطين بأرذل ما في الأقوام من خَلق دون خُلُقِِ..
الصهيونية تحكم أمريكا وأوروبا وجزءاً كبيراً من العالم، مباشرة وغير مباشرة...
الصهيونية تسيطر على معظم العالم العربي والإسلامي بالصرماية العتيقة.
رغم ذلك، وقف شباب فلسطين يعيدون كتابة التاريخ، لكي يطابق المنطق...
كل الأناشيد والأغاني الثورية، حتى تلك التي لم تُكتب لفلسطين...
استعادت مجدها ومكانها مع شباب الِانتفاضة الفلسطينية...
هذه المرة، طبّق الفلسطينيون أغنية "طالعلك يا عدوّي طالع، من كل بيت وحارة وشارع... "، فطلعوا في اللد، مدينة حكيم الثورة جورج حبش، وفي الرملة ينتقمون لثوار ال 48 الذين خذلهم عرب الرِدّة...
هذه المرة، ناشدت القدس دمشق وقالت ...
"هادا هُوِّي الرّد....".
يستطيع نتنياهو الصراخ بأعلى ما في خيله... لكنه هُزم مع الطاقة الأولى...هُزم مع إرادة الرّد...
الصهاينة ما خافوا يوماً قنابل الأنظمة الصوتية...
يستطيع أردوغان الغرق في الرياء والكذب والادعاءات ...
كذلك الكثيرون ممن يطلبون من حزب الله عدم توريط لبنان، ثم يتساءلون بخبث عن موقف الحزب..
أضحكني أحدهم حين هاجم الفلسطينيين الذين أطلقوا الصواريخ الثلاثة ضد إسرائيل، ثم تساءل باستهجان عن "تلكؤ حزب الله والمحور" في دعم فلسطين....
خلع الشعب الفلسطيني ثياب النسوة وتحولت أصغر طفلة فلسطينية إلى ماردٍ يَدُكّ حصون المتخاذلين قبل حصون الأعداء....
هذا لا يعني أننا لا نألم... لكنهم اليوم يألمون أكثر بأضعاف مما نألم...
مع فرق بسيط جدا....
ألمنا سعادة حتى ولوابْتَلَّ بالدموع...
وألمهم هو سفن ترحيلهم عن أرضنا ونهرنا وبحرنا...
ثماني عشرة ساعة من الطيران والمطارات،يقترب فيها المرء، في لحظات كثيرة، من المثول بين يدي الله، يرى الأمور أكثر وضوحا، يشكر الله أنه عاش ليرى أيام فلسطين المجيدة تلك...
يخاف المؤمن غدر الزمان وغدر طعنات الظهر.
الخوف حقّ حين يصير تحسبا....
إنه ليس خوفَ الموت والشهادة...
إنه خوف لحظة ترددٍ، أو حزنٍ قد تفرض يوماً وقفاً للنار...
فتقف مع هذا الوقف النبضات... وترتخي العضلات.. وتخور القوى... ويتأجل النصر النهائي مرة أخرى، لندفع اثمانًاباهظةً من الممكن عدم دفعها...
نحن اليوم منتصرون...
لا تسمحوا بأقل من الحق، في القدس ويافا وعكا وحيفا ...
لا تسمحوا بأقل من رفع الحصار عن غزة، ورفع حواجز خنق الضفة...
هذا إذا شعرتم ببعض الوهن والخذلان، وإلّا فلتكن هذه حرب النهاية لكيان ما كان يحب أن يكون أصلا...