كتب ابراهيم سكيكي:
منذُ ثلاتين عاماً وأنا أذهب باكراً إلى كورنيش المنارة، للمشي والرياضة والسباحة صيفاً شتاءً، كنت أستمتع بصباحٍ جميل، بين الفجر وطلوع الشمس بصفاء المياه ونظافة الكورنيش وإنارته، في النظر لعُمق البحر وتموجاته...
لكي لاأطيل،ذهبت هذا الصباح باكراً كالعادة، بعد غياب بعض الوقت، للأسف، وجدت الكورنيش قد إنعَدَمَتْ وسُلبَتْ منه الحيوية والحياة؛ الإنارة مفقودة والرصيف مُتَّسخ كما بحره، قلت في نفسي: هذا رصيف بيروت أم الدنيا أو رصيف الفقروالإهمال؟! ...
هذه بيروت التي وعدتنا بها الحريرية السياسية
وشركاؤها الآذريون، لقد كانت فعلاً أم الدنيا، تعجّ بالحياة،٢٤/٢٤ من السان جورج للسّان عمر والسان علي والسان آرتين والسان بو عساف وساحة البرج والشهداء وسوق الطويلة ...
لقد كانت لكل اللبنانيين ... لمن جعلتموها الآن؟ .... ليلاً... أصبحت مرتعاً للكلاب الشاردة والجرذ والقطط .. ومكفهرَّة كمدينة أشباح ... لقد حرمتموها من أهلها الأصليين والمساكين ... ومُاتَت على باب سان جورجها، ودُفِنتَ في مسجدها، حيث لم تكن بداية ترغب في بقائه .
وتركتْ لنا ورثتهم وشركاءهم .. إذ لم ترَ بيروت والبيارتة، وكلّ اللبنانيين في عهودهم السعادة. لقد تحول لبنان كُلُهُ ككورنيشه مُظلما مجويا، وبحره نامت تَمَوُّجاتِهِ حُزناً كحزن الناس المقهورين والمسلوبة حقوقهِم، والمتدهورة عملتهم والضائعة ودائعهم، هذا هو لبنان الذي وعدتمونا به كذباً وزُوراً.. كم سمعنا منكم عِشْتُم وعاش لبنان في خاتمة خطاباتكم الرنانة .. لقد أوصلتموه للأسف الى .... مات لبنان .. وأهله حزناً وقهراً وإفلاساً ... يموتون ....



